الاثنين، 19 نوفمبر 2018

7

مر عامان منذ عادت الجدة لارض الوطن ، حاولت الفكاك كثيرا من ابنتها المدللة سها لكنها لم تنجح ، لكن الزائر هذه المره قد صدع الارض بمفاجأة حضوره وزيارته لوالدته فى سفرها مع سها ، لم يمكث كثيرا  لكنه اخبرهم انه عائد وقريبا جدا مالم يدع للجدة اى خيار اخر غير العودة فى انتظاره
، بمرور العامان فتر الامل وسيطرت عليها الصغيرة مجددا .

فى ذات ليلة من ليالى الشتاء كان هناك على باب منزل ثناء طارق اخر ، لم يتعرف اليه أي من سيف او علىّ،  أتوا بها كما طلب فوقفت مذهوله لوهلة ثم هتفت صائحه : عصاااااام
فصحح لها : بل عاطف
ترك لها مساحه ادراك واكمل : عاطف عصام
احتضنته فور ان ادركت انه ليس بعصام لكنه الغالى بغلوا واالده
كان شابا فى منتصف العشرين رغم الشبه الكبير لملامح والده الا انه  بدا اجنبيا ببشرته الفاتحه وشعره الذهبي وعينيه العسليتين  ،
لم تطع نفسها بالرغبه فى احتضانه كل دقيقتين واكتفت بضم يديه بعد ان جلست الى جواره  .
لم يمكث كثيرا ايضا وعاد من حيث اتى ، لم يعدهم بعودة كوالده ، كأنه اتى ليبحث عن شىء او ربما شخص تحسس أخباره ثم ذهب .

هذه المره لم تستطع سها الامساك بوالدتها وتركتها مغلوبه على امرها ان تعود ، عادت بعد ان تجدد اليها الامل ان يعود عصام فى اى لحظه كما وعدها او يعود ولده عاطف ، تمنت لو انها كانت موجوده لتراه وتنعم بحفيدها .
الذى ماعلمت بوجوده فى هذه الحياة ، ولم يخبرهم عصام ولو مره انه تزوج وانجب،  ربما حدث اثناء اختفائه وانقطاع اخباره ، ربما حان وقت العودة
--------------
كان على امل ان تخبرهم بحقيقة مرضها لكنها ابت وتوسلت لطبيبتها ان لا يعلم احد حتى حازم زوجها ، ولمعرفتهم السابقه هى والطبيبه لما استطاعت تنفيذ طلبها .
ظل ينهش فيها الالم حتى اخبرت حازم ذات يوم بقراراها فى العودة للوطن ، حاولت ايعاذ سبب الرجوع لاى شىء اخر لكنها لم تفلح واخبرته ، كان مساءاً قاسيا جوا واجواءا ، ظل محملقا فيها لدقائق ، تمنى ان تكن مزحه او كذبه ، هوى على اقرب كرسي و مسح ببطىء على رأسه محاولا الاستيعاب ، وزاغت عيناه وترقرقت فى مقلتيه الدموع قبل ان يقول : أمل انت مخطئه ربما فى الامر خطب اخر ..ربما ليس كذلك .
وقف وامسك كتفيها ثم اكمل : لن نكتفى بكلام طبيبتك ، سنذهب لفحص اكثر دقة ، لطبيب اكثر كفاءه ، لا بل أطباء متخصصون .

-----------
عادت معها سها هى لن تستطيع تركها ولو كان الثمن تركه هو فى غربته ، ستتعب من الحياة هناك ، لن تستطيع على الاولاد جميعهم ، فتره ويعودون ، ربما اتت معهم ايضا الجدة وتنازلت عن فكرة العودة والاستقرار هكذا فكر حسن زوج سها وهكذا حاول اقناع نفسه بعد سفرهم .
وكما انفض بيت حسن وسها من سكانه ، امتلىء بيت العائلة من جديد وعادت به الحياه،  استقرت سها بشقتها ورتبت للبنات غرفهن وجهزت للصغير حمزة الذى اتم قبل قدومهم العامان
غرفته مع اخته التى تسبقه ب5 اعوام الاء وللكبيرتان غرفتهم الخاصه ثم غرفة نومها هى والتى شاركها فيها حمزة بعض الليالى حتى يعتاد المكان .

اما ثناء فلم تتخلى عنها الابتسامه منذ عادت الوالدة ، رغم ان مجهودها تضاعف في تلبية متطلبات بيتها ثم الذهاب لبيت العائلة تمكث به حتى المساء كما تفعل كل اجازة ، ولم يعد يقلقها مذاكرة احدهم او ثانوية عامة كما الإجازات الماضية فقد حصل احمد على مجموع كلية تجارة والتحق بها وسلمى مازال أمامها عامان تاليين حتى تصل للثالث الثانوى وتبدأ معها معركة ثانوية عامة جديدة ، اما محمد زوجها تقبل فرحتها برضا وعذرها فى كثير من الاحيان .

------------
حاولت امل اقناع زوجها بالمغادرة لكنه صمم اكثر على فحصها والاطمئنان. اخبرته انها تود استقرار للفتايات هناك مع الجدة خاصة بعدما علمت بعودتها النهائية  ، ارادت وجودهن وسط عائلة تحميهم اذا اشتد الكرب ،،
مر كلامها امامه كان لم يسمعه ، فكل ما يشغله ان يكون هناك خطأً فى التشخيص ان يكون غير هذا المرض ان تكون سليمه معافاه ليس بها شىء . يأبى عقله التصديق ويتعلق بأى شعرة امل .

-------------
كان سيف قد سافر لقضاء اجازته السنوية مع والديه واخوته بالخليج عقب امتحاناته
حدثته الجدة على الهاتف معاتبه : هكذا يا سيف تسافر قبل ان ارجع .
قال سيف مشاكسا : جدتى حبييتى لو كنت اعلم بعودتك ما تحركت من مكانى قيد انمله .
الجدة : يا مشاكس اعلم قدر اشتياقك لاخوتك وابيك وخاااااصة حبيبة قلبك... سكت سيف برهه وانتفضت من بجوار الجدة قبل ان تكمل...أمك ..فتهدأ من بجوارها
وتنهد سيف وضحك قائلا : ليس بالقلب سواك يا درة العائلة .
قالت الجدة منهيه حديثها مع حفيدها  : هيا اخبرنى متى ستعود واعطنى والدك لأحدثه .
قال سيف قبل ان يعطى الهاتف لوالده : تأشيرة سفرى شهر وقد مضى منها اسبوعا ، ثلاثة اسابيع وسأعود اليك يا جميل ، واعلمى انى لن اتركك لتسافرين مرة اخرى .
اخذ حسام الهاتف وسلم على والدته  التى اكدت بدورها على قرارها فى المكوث فى ارض الوطن
قال حسام : أعلم يا امى ، كل مره تقولين نفس الكلام ثم تضعفين امام سها
قال الام بحده : لا ..ليس هذه المره ، يكفى سها كل تلك السنون قضيتها معها .
قال حسام : الن تغضب سها لقراراك
قالت الام : اود رؤيته قبل ان اموت يا حسام ، لم اصدق عينى عندما اتى هناك ، كنت احتضنه واسال نفسى هل هذا حلم ام حقيقه .
قال حسام متنهدا : نعم كنا فقدنا الامل
قالت الام بحماس : لكننى لم افقده يوما ، دعوت الله كثيرا ، دعوته عند بيته المحرم ، تعلقت باستار الكعبة الشريفه ودعوته ، مكثت عند ابنتى كل تلك الاعوام لاكون بجوار بيته الحرام فأدعوه .
قال حسام : الله قريب يا امى مجيب الدعوات
يعلم حسام فى قرارة نفسه كما يعلم الجميع ان مكوثها كان بدافع حبها الشديد وتدليلها لسها ، وان كان ما قالت فسبب ثانى وليس الاول .
امنت على كلامه الاخير وارسلت سلامعا لاماتى والاولاد
اغلقت الجدة الهاتف ونظرت بجانبها لمن كانت تستمع للمكالمه باهتمام وتذكرت كيف انتفضت عند سماعها كلمة حبيبة قلبك وقالت بمكر لها : هل تعجبك القاهره  يا رؤى
اومات رؤى برأسها فقالت الجدة : وما اكثر ما يعجبك هنا
قالت رؤى بصوتها الهادىء منخفض النبرات : اكثر ما يعجبنى هنا هو جو العائلة  .
--------------------

سأله صديقه الامريكى بعد انتهاء مراسم الدفن
: ماذا ستفعل مع أختك هل ستقيم معك ؟!
اومأ برأسه واردف : مؤقتا .
قال صديقه : وما كانت نتيجة زيارتك للقاهره
هز عاطف رأسه وزم شفتيه وقال : لا شىء ، ليس هناك
ربت صديقه على كتفه وقال : يكفى انك تعرفت الى عائلتك
قال عاطف : عمتى وابنائها فقط
هم الصديق الامريكى للانصرف عندما لمح والدة صديقه مقبله وقال : تقبل تعازي .
نادته من بعيد : عاطف
فأقبل اليها وكانت معها فتاه فى السابعة عشر من عمرها
قالت موجهه كلامها للفتاه : واثقة من قرارك  يا لى لى
اومأت الفتاه فى سكون فأكملت الام : هل ستستطيعين العيش مع اخيك !
فأومات مجددا بحزن .
فاتجهت الام بدورها الى عاطف الذى قال بلطف
: اطمئنى ، سنأتى لزيارتك كلما امكن
كان لا يزال بالقاهره عندما حدثته لى لى بان جدهما يحتضر ، عادا مسرعا بعد ان بائت زيارته بالفشل .
كان وقتا عسيرا منذ وفاة جده ، كان همه كافيا وزيادة لا يتحمل هما اخر لكنها اخته ولن يبقى لها احد  الان بعد وفاة جده الذى كانت تعيش معه ويرعاها بعد ان  تزوجت امها من رجل اخر غير ابيها وطلب جدها من امها ان يحتفظ بها لرعايتها اما عاطف فبعد ان شب أثر العيش مع ابيه رغم حياته الغير مستقرة المليئة بالمتاعب .
--------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق