الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016

41

الحلقة 41 - كما انا
فى غرفة الصالون يجلس الحاج عبد الرحمن وياسر وايمن فى هدوء وتوجس مع الضيف الذى اخرج من حقيبته السوداء الجلدية بعض الاوراق الرسمية التى تثبت شخصية نادين ، بطاقة هوية وشهادة ميلاد اصلية وشهادة التخرج من الجامعة وشهادة وفاة وقسيمة زواج،
اعاد تعريف نفسه وهو يقدم هويته هو ايضا قال بنبرة صوت هادئة وسريعة بعض الشىء
:وهذه بطاقة هويتى و كارنيه المحاماة ثم أردف
: احمد ايوب محامى الدكتور شادى . رد عليه الحاج عبد الرحمن بكلمات ترحيب بسيطه  
ومد يده ليتفحص الأوراق بدوره من يد ايمن الذى كانت يده اسرع اليه من يد والده امسكهم يتمعن فيهم جميعا تمعن دقيق، قرأ البيانات وتفحص الأختام وتاريخ الاصدار ومحلها ،ترك ايمن الأوراق التى تفحصها ليد والده وظلت فى يده قسيمة زوجها وبطاقتها الشخصية ، نظر الى الاسم وصورتها ، قلب البطاقة بين يديه مرتين ثم نظر إلى قسيمة الزواج والى صورتها والى تاريخ العقد ، واستوقفه التاريخ فأعاد النظر الى بطاقة الهوية والى تاريخ اصدارها ففهم لما لم يثبت فى الهوية التى استخرجوها لها ببدل الفاقد انها متزوجه ، سحب الحاج عبد الرحمن البطاقة وقسيمة الزواج من يد ايمن الذى سكن واختفت صوت انفاسه وكأنه توقف عن  التنفس ، سأل الحاج عبد الرحمن المحامى باستغراب
: يبدوا ان الاوراق سليمه لكن عندى سؤال ..لماهى ببطاقة الهوية عذباء وفى هذه الاوراق قسيمة زواج ؟!
استلم المحامى الاوراق ونظر اليهم نظرة سريعة ثم قال : يبدوا ان السيدة نادين لم تحدث بيانات الهوية بعد زواجها من الدكتور شادى ويظهر هذا جيدا فى تاريخ اصدار بطاقة الهوية انه منذ   خمس سنوات قبل التاريخ فى قسيمة الزواج
اعاد المحامى القسيمة والبطاقة الى الحاج عبد الرحمن لينظر الى التواريخ ليتأكد من صحة كلامه .
قال المحامى بثقة كبيرة
سيدى هذه الاوراق سليمة مائة بالمائة ليس بصفتى محامى الدكتور شادى لكن بصفتى القانونيه اؤكد لك صحة هذه الاوراق
هز الحاج عبد الرحمن رأسة وقال : لكن لما لم يأتى السيد شادى بنفسه
قال المحامى : سيأتى بالطبع ..جئت فقط اتفقد الامر واتحقق من انها بالفعل السيدة نادين علم الدين
ثم تنحنح متبعا
اين هى ؟! اريد مقابلتها .
قال الحاج عبد الرحمن
: ليس الان ..
ثم نهض من مكانه معلنا انتهاء الحوار ثم اردف
بالتأكيد ستقابلها فى الزيارة القادمه ،دع لنا الاوراق لتطلع عليها صاحبة الشأن
شيعه ياسر عند باب المنزل واغلقه خلفه وظل ايمن فى مكانه منكس الرأس صامتا ربت والده بأسى على كتفه ولم يقوى على قول اى كلمة مواساة
احضر ياسر نادين الى الغرفة كما طلب منه والده بعد ان ذهب الضيف لم يستطع ايمن المكوث فذهب هو ايضا على استعجاب واندهاش من نادين التى بدى على وجهها الانزعاج من مرأها لوجه ايمن ، حيرتها نظرته فى تلك الثوانى القليله التى رأته فيها ،نظرة حزن ممزوجة بغضب والم  
ثوان اخرى وانتقلت اليها مشاعر شبيهه واستوعبت لما تلك الملامح الغريبه التى ظهرت على وجهه ايمن
جلست تقلب الاوراق يمنة ويسرا
تضع بعضها على ركبتيها وتمسك الاخرى بيدها وتضع الثالثة على المنضده ، كل الاوراق تبدوا سليمة ومنطقية بالنسبة للمعلومات التى علمتها مؤخرا عن نفسها  
قال الحاج عبد الرحمن : لا تقلقى سنعرض كل هذه الاوراق على محامى ليؤكد لنا صحة الاوراق او غير ذلك
اومأت برأسها المزدحمة بالافكار ونفسها المشتتة المشاعر
هل تفرح لانها وجدت احد افراد  عائلتها وارواقها التى تثبت  هويتها وشخصيتها ام تحزن لان الشخص الذى عثر عليها لم يكن ابدا فى توقعها ،
بالرغم من انها توقعت شىء كذلك حين بدأت تفكر وتبحث عن اهلها فى بادىء الامر ، لكنها استبعدته تماما من تفكيرها وخاصة عندما استخرجوا بدل لبطاقتها ووجدت فى بيناتها 
انها عزباء
جلست على سريرها تؤلمها رأسها وتفترش الاوراق امامها ،تنظر الى اسمها فى كل وثيقه وتقرأ اسم والدها وتقرأ بيانات شهادة الميلاد واسم والدتها ومحل ميلادها وتاريخه ،تتركها وتنظر الى الصور اعلى قسيمة الزواج صورتها دون حجاب بمساحيق التجميل تبدوا مختلفه لكن هى على كل حال ، نظرت الى الصورة الاخرى على الطرف الاخر من القسيمة شابا وسيما ذو ابتسامه جذابة يرتدى بدلة ورابطة عنق انيقة يظهر منها جزء فى الصورة ، لم تستطع اطالة النظر اليه كثيرا وعاودها الصداع فتركت الاوراق من يدها واستلقت الى الخلف ضاغطة على صدغها عل المه يخف لكنها راحت فى النوم العميق .   
عاد ايمن فى المساء عابسا مهموما
اجتمع بوالده فى غرفته وخرج منها الى غرفته ومكث بها ولم يخرج حتى ذهب الى عمله فى الصباح
اتى المحامى ثانية يحمل بين يديه باقة من الورود الحمراء خلابة المنظر لم يسلمه لاحد حتى دخلت نادين بنفسها فتسلمته منه وهى مضطربة زائغة العينين تنظر فى الغرفة تمشطها بعينيها ،الحاج عبد الرحمن وياسر والمحامى لم يكن ايمن بينهم ولا ذلك الشخص الذى يقولون او تقول الاوراق انه زوجها
قال الحاج عبد الرحمن : كنا فى انتظار السيد شادى
رد المحامى : نعم لكنه انشغل بعض الشىء ..هل تأكدتم من صحة الاوراق ثم نظر الى نادين واكمل
وهل تذكرت السيدة نادين اى شىء ، لم ينتظر رد واكمل موجها حديثه للحاج عبد الرحمن ...هل تقارير حالة السيدة نادين موجوده يريد دكتور شادى الاضطلاع عليها
اومأ الحاج عبد الرحمن فقال المحامى لنادين :
اين حقائب سيادتك لأضعها فى السيارة
نظرت فى ذهول للحاج عبد الرحمن هل ستذهب معه الان ، لم يخبرها الحاج عبد الرحمن بذلك فقط اخبرها انه سيأتى مجدداً بصحبة دكتور شادى وانهم لن يتركوها تذهب قبل ان يتأكدوا من صحة الاوراق ، الاوراق التى اخذها ايمن فى الصباح لمحامى ولم يعد بعد .
علم الحاج عبد الرحمن بأضطرابها فقال
لم تعدها بعد ..انت تعلم ان الامر كان مفاجأة لنا جميعا ولم تستعد نادين بعد .
قال المحامى متأففا  : دكتور شادى ينتظرك سيدتي ،ماذا عسانى ان اخبره !!
قال الحاج عبد الرحمن : اخبره انها تستعد وتحزم حقائبها
قال المحامى : متى سأتى لاصطحب السيده نادين
نظر الحاج عبد الرحمن الى نادين الصامته وقال : فى المساء ..الليله .
ذهب الضيف وجلس الحاج عبد الرحمن مع نادين التى كانت اشبه بصنم حجرى متبلد
قال عبد الرحمن بصوت حانى : مبروك انك وجدت عائلتك وعرفت من تكونين ..نظر الى الارض واكمل ..كنا سعداء بوجودك معنا تلك الفترة كنت كما الابنة البارة التى رزقنيها الله على كبر
حاول الابتسام جاهدا مانعا عبراته من النزول ..اتمنى ان تسالى عنا او تزورينا اذا احببت
قالت نادين بصوت متحشرج : هل تأكدتم من صحة الاوراق
قال عبد الرحمن : حدثنى ايمن قبل قدوم المحامى انها فعلا سليمه ...سارة ..ذلك ما تمنيتيه دوما ان تعودين الى اهلك وبيتك وهناك انا متأكد انك ستتذكرين كل شىء .
سمعا صوت باب البيت يغلق فنظروا جميعا اليه فكان ايمن قد وصل لتوه ..ما ان رأهم حتى اغلق عليه باب غرفته
قال الحاج عبد الرحمن ملطفا الاجواء : هيا ساعدى خالتك فى الغداء قبل ان تذهبى  لخادمك وحاشيتك وتنسين كيف يعد الطعام .
ابتسمت ابتسامه صغيره لا تذكر
على الغداء
لم يكن حاضرا وذهنها ايضا كان فى واد اخر تحرك الملعقه ويدخل فمها بعض الطعام لا تدرى هل تمضغه او يبلع دون اردة منها
كانت تحتاجه بشده ..تحتاج ان تتحدث اليه بكل ما تشعر ان تخبره رهبتها من ذلك المجهول الذى ظهر واخبرها انها زوجه لرجل لا تذكرة فقط اوراق هى ما يثبت ذلك ولكن كيف تخبره او تتحدث اليه هو بالذات. ..
طرقت على باب غرفته ودخلت مباشرة كما اعتادت فى الاونه الاخيره عندما لا يكون ياسر بالغرفه ..
كان واقفا باتجاه الباب عندما دخلت ، استدار مسرعا وقال :
يجب ان ترتدى حجابك
تحسست شعرها وقالت : خرج ياسر بعد الغداء ولم يعد بعد
تحرك بخطوات عشوائية مواليا ظهره اليها وقال :
انا ...الان غريبا عنك
صمت قليلا وقال
سألت مشايخى عن حالتنا فأخبرونى ان عقدنا الان باطلا
وانت …..لزوجك ..
قالها وخر جالسا على طرف السرير ممسكا رأسه بين يديه .
تجمعت العبرات فى عينيها وخرجت مسرعة من غرفته واحتمت خلف باب غرفتها وتركت لهما العنان ..


السبت، 3 ديسمبر 2016

40

40 كما انا
جلست تدون كما اعتادت الشهور الاخيره ان تدون كل ما يمر بها من احداث صغيره او كبيرة وبعض الاحاسيس التى تجتاحها اوقاتا ، دونت زيارتها ليمنى وجاراتها ودونت كذلك تلك المرأه  
التى لا تتذكر اين رأتها من قبل
" لا اعلم الى متى سيظل الماضى مجهولا او متى سترفع الستائر السوداء عن ذاكرتى فأرى اهلى واخوتى وصديقاتى ، واعلم هل كنت افضل البازلاء فى الطعام ام كنت اتناول اللحم، هل كان يروق لى البيض المخفوق فى الصباح ، ام كيف كانت عاداتى "
اختتمت ما كتبت بتلك الكلمات ثم اغلقت المفكرة بهدوء
اعادت فتحها مجددا لتؤرخ تلك التدوينة ، كتبت اليوم وحين كتبت الشهر الميلادى تذكرت انه شهر ميلاد ايمن وكذلك ماجد ايضا فقد اخبرتها بذلك ام ايمن حين كانت تحكى لها عن حملها فى كل منهم وولادته فذكرت انهما ماجد وايمن من مواليد نفس الشهر باختلاف الاعوام طبعا ، حاولت جاهده ان تتذكر فى اى يوم هو لكن لم تفلح فاستعانت بصديقتها يمنى وعلمت انه فى الغد وماجد بعده بأربع ايام،لم يكن لديها الكثير من الوقت لترتب مفاجأه سارة لايمن اخبرت امه واستعانت بها فى ترتيب المنزل كما استعانت بياسر فى تعليق بعض الزينات الرقيقه التى اشترتها فى الصباح، اتت يمنى كما اتفقا لتساعدها فى صنع كعكعة عيد ميلاد وانتظروه جميعا حتى يصل من عمله الثانى فى المساء
كانت مفاجأه سارة اسعدته وانسته بعض الإخفاقات التى حدثت فى الأسبوعين الماضيين وما اسعده حقا وجعل قلبه يخفق بين جنبيه حين اخبروه بأن كل ذلك كان من اعداد وترتيب نادين ، كانت فرصة جيدة لتجمع العائلة من جديد الخاله ام على وزوجها وعلى ويارا ويمنى وزوجها خالد حتى ماجد كان حاضرا تلك المناسبه عبر الانترنت، كان يوما لطيفا استقبل فيه ايمن بعض الهديا البسيطة وابتسم خجلا قائلا : وهدايا ايضا !!ذلك كثير يا جماعه 
قال ياسر مشاكسا اياه : لا تتعود على ذلك انما كانت مره بالعمر ولم نشأ اغضاب سارة فقط ..
ضحك الجميع وقال ماجد عبر برنامج المحادثه :
كل عام وانت بخير يا ايمن ..افتقدكم بشده وافتقد تلك الجلسه وهذا اكثر ما يؤرقنى هنا ليتنى معكم
اقترب الحاج عبد الرحمن من شاشة الحاسوب وقال مهونا عليه وعلى امه التى بدأت لديها الدموع فى التجمع : انت معنا يا بنى نحمد الله على هذا الاختراع الانترنت الذى جعلك تجلس ونراك وكأنك معنا الان ..وقريبا ستعود اليس كذلك
حاولت ايضا نادين تلطيف الاجواء فقالت : وكل عام وانت بخير ايضا يا ماجد اعلم انه فى نفس الشهر ايضا ميلادك
قال ماجد بدعابة يرمى بها الى هناك فى اقصى الغرفه الى حيث يارا الصامته : اه فعلا قريبا هو ..ليت اناس يتذكرونى ولو بتهنئة صغيرة ..انت محظوظ دائما يا ايمن انا اغبطك
ضحك الجميع من لهجة ماجد وتعبيرات وجهه الساخره وفتح ايمن كفه واصابعه الخمسه فى وجه ماجد
تعبيرا مجازيا عن دفع العين كما الدارج بفكاهه
، انصرف الجميع وخلا البيت الا من سكانه وفى الشرفة الكبيرة جلسا سويا لتقدم اليه هديتها
قال ايمن : لما لم تقدميها معهم
رفعت كتفيها وقالت : ربما لاتمايز عنهم
ايمن : انت بالفعل مميزه عنهم
نادين : الن تفتحها
نظر اليها فى يده وقال : لا يهمنى ما فيها ، انت من يهمنى ،كل ما فعلته اليوم كان اكبر هدية حصلت عليها فى حياتى
ابتسمت خجلا فأردف : اتعلمين
هزت رأسها برقه فأكمل : تلك الاولى فى حياتى التى يفاجأنى فيها احدا هكذا
قالت : الا تحتفل بعيد ميلادك او على الاقل يقدم لك الاخرين الهدايا ..اصدقائك مثلا
ضحك ايمن ضحكه قصيرة وقال : فى البيئات متوسطة الحال كهذه . واشار الى بيوت الحى 
لا يهتم اصحابها الى تلك المناسبات هذا ان صح واعتبروها   مناسبات
سرحت قليلا وقالت : لا اعلم هل كان يقيم لى اهلى احتفال عيد ميلاد ام لا
اجاب ايمن سريعا : بالتأكيد كان يحدث
نظرت اليه مستغربة فاكمل : بيئة ووسط كالذى كنت تعيشين فيه لما لا يقيمون احتفالا سنويا لهذا
قالت : لا استطيع الجزم بذلك
فقال : اتذكرين الحلم
قالت وهى تمسك سلسالها وتمسد حرف s باصبعها وقالت : ربما
نفضت سريعا مشاعر الافتقاد والذاكرة المبهمه وقالت فى مرح : لا تضيع الليله فى الحديث عنى واخبرنى ماذا تتمنى فى عامك الجديد
ابتسم وهو ذائب فى هوى عينيها البنيتين
وقال بصوب عذب : اتمنى ان تجمع حبيبتى حاضرها وماضيها بين كفيها فأمحو ما كان يؤلمها يوما واضع لها بمكانه ورده ندية يعطر شذاها ايامها كلها
ضحكت وقالت : متى تعلمت الشعر
قال : فى عينيك  


الأحد، 27 نوفمبر 2016

39

كما انا 39
يمنى : هذا ما حدث يا ايمن ولم تقل الفتاه اكثر من ذلك
..صمتت قليلة
ثم اردفت
حسنا يا ايمن سأتحدث اليها فى اقرب فرصة
اغلقت الهاتف والتفتت الى خالد لتجيبه على استفساره
خالد : من هى ؟!
يمنى : هبه زوجة الاستاذ محمود سكان الطابق السادس
خالد : اعرفتها فعلا !
يمنى : قالت فقط انها لا تتذكر اين رأتها من قبل
..سأحاول غدا ان اتحدث اليها ربما كانت تعلم شيئا عن
سارة واهلها

قامت هبه من سرير الكشف فى عيادة طبيبة النساء لمتابعة حملها ،عدلت ملابسها واستمعت هى ووالدتها المرافقه لها تعليمات الطبيبة وارشادتها
قالت هبه لوالدتها وهما
مغادرتان العيادة
: هل تذكرين شادى قريبنا ابن طنط نجوى
ردت الام بعد ان ركبا السيارة الاجرة
: وما الذى ذكرك بهم
هبه : اتذكرين الفتاه التى تزوجها شادى
الام بانتباه : التى ماتت
هبه : الم تقولى انها لم تمت وانهم هم من ادعوا ذلك
قالت الام : لا نعلم يا هبه اين الحقيقه فالناس يقولون انها انتحرت وبعض الاقارب يقولون انها هربت
ولكن ما الذى ذكرك بها   
اعتدلت هبه فى جلستها وقالت : رأيتها بالامس
انتفضت الام وقالت : فى الحلم ؟!! حلمت بها
هبه : لا يا امى هى بنفسها
دفعت الام الأجرة ونزلتا منه وقالت لابنتها فى استنكار
: المتوفاه !!
هبه : الم تقولى ان بعض الناس قالوا انها قد تكون هربت من شادى
الام : اين رأيتها وكيف تأكدتى انها هى
هبه : صحيح انها غيرت اسمها وشكلها وارتدت الحجاب لكنها من اصحاب الملامح البسيطه والجمال الهادىء وذلك صعب ان ينسى
قالت الام وهى تدير المفتاح فى باب شقتهم  :
يخلق من الشبهه اربعين
وقبل ان تدلف للداخل استدارت لابنتها هبه وقالت :
لا تذكرى شيئا من هذا امام والدك فهو لا يحب تلك العائلة وافعالهم

ذهب ايمن فى الصباح لمقر الشركه لا المعمل فعليه اليوم ان يتسلم مهام وظيفته الجديدة
دخل مع المسؤل الى مكانه الجديد غرفة واسعة تحتوى خمسة مكاتب على كل منها جهاز كمبيوتر وملفات واوراق وخلفها موظف يؤدى عمله الا مكتب واحد فى اقصى اليمين فارغ من الملفات وجهازه مغلق
تنهد ايمن وهو يجلس فوق كرسيه مسح وجهه بيده يفكر فى وضعه الجديد ،لا يحب الاعمال الروتينيه ولا الاعمال المكتبيه على الحاسوب ويبدوا انهم ارادوا التخلص من ضوضائه حين اكتشف عن طريق المصادفة التلاعب الذى يتم فى تشغيلة مواصفات احد الادوية الهامه فى السوق ، وحين اثار ذلك انقلب الامر عليه وسرى شيئا من الاسفل واختفى ذلك الدليل واتهموه فى النهاية وقامت التحقيقات ضده حتى آل امره الى نقله الى الشركه وترك المعمل ، فى اثناء شروده اقترب منه الاستاذ صلاح ،رجل كبير فى السن يغزو الشعر الابيض رأسه الا الشوارد يرتدى منظار طبى دائرى الشكل بنصف اطار، جال بنظره اولا فى الغرفه واطمئن ان الجميع منهمكون فى اعمالهم قبل ان يخطو خطواته نحو مكتب ايمن وقال فى لطف : اتركها على الله يا بنى
انتبه اليه ايمن فأردف قائلا بابتسامه ودوده مادا يده
صلاح عبد المجبد
صافحه ايمن قائلا
ايمن عبد الرحمن الموظف الجديد معكم هنا
سأله الأستاذ صلاح
واين كنت تعمل يا ايمن
ثم رفع يده واردف
اسمح لى ان اناديك دون القاب فانت فى عمر اولادى
قال ايمن : لا بأس
كنت اعمل فى معامل الادوية
نظر اليه الأستاذ صلاح من اعلى نظارته باندهاش
   فرد ايمن على تساؤله الذى قفز من عينيه
حكاية طويلة
ابتسم الأستاذ صلاح مجددا وقال
ارجو ان ترتاح معنا هنا
ولا يضطرون الى نقلك ال  مكان اخر
وقبل ان يرمقه ايمن بنظرة كان قد عاد الى كرسية بين اوراقه وملفاته
كانه يعلم ما حدث لايمن او ربما يتكرر ذلك امامه فعمره وسنه يقولان انه مر عليه الكثير من الاشكال والالوان .
رن هاتف ايمن فأجابة على الفور
ايمن : الو ..وعليكم السلام ..بخير يا يمنى هل من جديد ..جيد وهل حدثتك بشىء ... اذا هى لم تتذكر نادين ..هل اخبرت نادين بذلك  ..
حسنا ...يمنى هل اخبرتها باسمها الحقيقى وبعض التفاصيل ربما تتذكر ..اه وماذا قالت
حسناً حدثينا اذا اخبرتك اى شىء

فى نفس التوقيت رن هاتف اخر لكن فى بيت ام هبه
هبه : الم اقل لك يا امى انها هى
الام : هى من يا هبه
هبه : نادين زوجة شادى
الام : هل رأيتها مجددا
حكت هبة لامها عن تفاصيل زيارة يمنى فى الصباح وحديثها عن نادين اخبرتها القصه وكيف انقذها ماجد وكيف عاشت بينهم لا تتذكر حتى اسمها وسألتها ما اذا كانت تتذكر اين ومتى رأتها من قبل
لكن هبة انكرت انها تذكرت وظلت على نفس جملتها( لا اتذكر اين تحديدا او متى لكننى اذكر ذلك الوجهه) ووعدت يمنى انها ستخبرها ان تذكرت
باندهاش بالغ كانت تستمع الام للحكاية على لسان ابنتها هبه وراحت ببساطه تحكى هى الاخرى لزوجها الذى انفعل حين قالت الام فى معرض سردها شادى ابن نجوى
قائلا : شادى ليس ابن نجوى ولن يكون يوما ابنها
شادى ابن محمود وانصاف ..والداه كانا خيرين انما تلك المرأه خالته وليست كاأختها ..وهى من ابعدته عن العائلة واهله ولولا كلام الناس ما كنت حضرت ذلك العرس المشؤم  


الجمعة، 25 نوفمبر 2016

كما انا 38



كان الصمت صديقها الايام الماضية حتى هو لم يقوى على اختراقه رغم أنه لم يكن يظهر عليها الحزن قويا الا ان صمتها كان يقتله ،تمارس مهام الحياة العادية وترد بكلمات قليلة على السيدة ام ايمن وايمن كذلك حتى ماجد رفضت ان تتحدث اليه عندما كان يحدثهم وتعللت بانها نعست وستنام ،تحدثت يمنى فى الهاتف واصرت عليهم ان يبلغوا نادين انها تنتظرها يوم الخميس وستتضايق ان لم تأتى . ولما كان يوم الخميس ،حين كانت تنظف المائدة بعد الغداء وتدخل الاطباق المطبخ قالت ام ايمن بود : سيفرجها الله يا ابنتى
ابتسمت نادين من زاوية فمها وقالت :
لا تقلقى على يا امى انا بخير
ام ايمن : اذا ستذهبين الى يمنى !
سكتت نادين ونظرت الى اسفل
فأردفت ام ايمن تحثها على الذهاب : ان كنت بخير حقيقة اذهبى الى دعوة يمنى ،اجلسى وتحدثى اليها انا اعلم انكن تحبان بعضكما وتسران الى بعضكم بالاسرار ،احكى لها عن همك وحزنك وقلقك فالبوح بالهم يجلى بعضه ويفرج عن النفس ما فيها
ثم قالت بنبرة متحمسة اكثر :
قالت انها ستدعو جيرانها اجلسى معهم واستأنسى بهم فهن كما قالت يمنى فى مثل عمركم .
اومأت نادين برأسها تفكر فى فكرتها بالذهاب
خرجت من المطبخ فكان ايمن قد دخل غرفته ينام كعادته قبل ذهابه للصيدلية خرجت خلفها ام ايمن ونظرت اليها والى مكان نظر عينيها ففهمتها وقالت
لا تقلقى سأخبره انا وسأطلب منه ان يمر عليك بعد الصيدلية لتأتى معه .
ازعنت لفكرة ام ايمن ورأت فيها متنفسا وتغيير لحالتها النفسية التى صحبتها الايام الماضية ..
عند بيت يمنى
كانت احذية نسائية تفترش عتبة البيت وبعض الاصوات تتسلل عبر الباب الخشبى فعلمت ان مدعوات يمنى قد حضرن مبكرا ربما لن تستطيع الليله ان تنفرد بصديقتها فراقت لها فكرة العودة للمنزل لكن الفكره اتت اليها متأخره فقد ضغطت جرس الباب، لحظات واتى صوت يمنى مع صوت فتح الباب مهلله لحضور نادين بعد ان رأتها من العين السحرية بالباب
عناقتها بابتسامه واسعه وادخلتها الى حيث يجلسن الجميع وقفت يمنى وخلفها نادين وقالت بصوت مبتهج : اقدم لكن رفيقتى وصديقتى وخطيبة اخى ..سارة
تقدمت نادين وبدأت تصافحهن واحده تلو الأخرى ويمنى تقدم اليها الجارة بأسمها والطابق الذى تسكن
اخيرا انتهت واتخذت موقعا مناسبا بينهم وبالقرب من الباب ايضا ومن يمنى على الجانب الاخر،
كان حديثهن مسل ومختلف بعض الشىء فهى لم تقابل عدد من النساء المتزوجات صغيرات السن كهذا من قبل او تحديدا منذ عاشت حياتها الجديده بعد الحادث
يتفاوت عمر زواجهن من 7 سنوات الى الاشهر واحدثهن بالطبع يمنى بعضهن من لديها طفل اوطفلان واثنتان منهن حوامل فى الشهر الخامس والاخرى على مشارف التاسع كان كثيرا من الحديث يذهب اليها لانها كان هذا حملها الاول وكانت قلقه كثيرا فكانت تطمئنها احداهن وتتحدث اخرى عن الالام التى صحبتها بعد ولادة طفلها الاول وتخبر اخرى عن الطبيب الفلانى الذى لا يفهم شىء فى الطب وانه اخطأ فى التشخيص وعن الطبيب الاخر الذى وضعت على يديه بولادة طبيعية بعد ان كان سيجرى لها الاول القيصيرية ثم يذهب الحديث عن الاطفال وتعب تربيتهم ثم يقفز مرة اخرى عن الموضه ومتاجر الملابس النسائية وموسم التخفيضات كانت نادين لا تشارك فى الحديث لكنها استمتعت به جدا حتى انها خرجت بعض الوقت من الحالة التى اتت بها منذ قليل  وكانت تنتقل بنظرها وسمعها بينهم فتارة يصبح الحديث جماعى والكل يشارك وتارة ثنائى بين كل اثنتين متجاورتين او اكثر وفى كل مره كانت تنقل نظرها بينهم كانت تصتدم بنظرات تلك الفتاه التى تجلس على طرف الاريكه والحامل فى شهرها الخامس ،كل ما مرت نادين بنظراتها وجدتها تنظر اليها ثم ما تلبس الا ان تصرفهما وتنشغل بالحديث الجارى
مر الوقت سريعا وهن يتسامرن ويضحكن ويتحدثن عن كل شىء وفى كل شىء ،سعدن كثيرا بتجمعهن بفضل يمنى ، فبعضهن كانت لا علاقة لها بالجيران ومنهم من تعرفت على واحده او اثنتان بالكثير وتصادقا لكن الليلة عرفتهم يمنى ببعضهم وتواعدن على تكرار تلك الجلسه عند كل واحدة فى كل مرة ،ودعتهم يمنى عند الباب وقبل ان تخرج الفتاة الحامل ذات الشهر الخامس التى كانت تتبع نادين بنظراتها سلمت على يمنى وقالت لنادين اظن اننى اعرفك او ربما رأيتك من قبل ..لكن لا اتذكر اين تحديدا
نظرت يمنى الى نادين التى كانت ثابتة النظر نحو الفتاه تنتظرها ان تتذكر لكن الفتاه سلمت على يمنى اخيرا وانصرفت

اغلقت يمنى الباب ونظرت لنادين التى ظهر على وجهها علامات الغضب فقالت : سارة ما بك
نادين : يمنى كيف تركتيها تذهب ...المرأه قالت انها تعرفنى
يمنى : لم تقل ذلك يا سارة .اهدئى
على اثر الحديث المنفعل دخل خالد متعجبا
ماذا حدث ؟! ما بكما ؟!
حملت نادين حقيبتها وقالت : سأذهب
اكمل خالد فى استنكار
حتى ايمن يقف بالاسفل ولم استطع اجباره على الصعود معى ..واعتمدت عليك يا سارة ان تجعليه يصعد نتناول العشاء سويا
قالت نادين وهى تفتح باب المنزل : تعوض ان شاء الله استاذ خالد ..بإذنكما .
نظر الى يمنى علها تخبره ما سر حالتهما سارة وايمن .
فى المصعد تذكرت كلام ام ايمن عن المشكله التى تعرض لها ايمن مؤخرا ونقله ظلما الى مكان اقل فى الاجر والمهنيه و لا يحبه
  كان يضع يديه فى جيب بنطاله ويحرك قدمه بهدوء يرسم بهم على الارض امام البناية . نظرت اليه قبل ان يلحظ وجودها وعاتبت نفسها على حالته التى لم تنتبه لها وظروفه التى يمر بها وانها حتى الان لم تقف بجواره او تهون عليه حاله ..
التفت اليها عندما سمع وقع اقدامها على الارض ثم ابتسم لها ابتسامه رقيقة وسار بجوارها ويديه لا تزال متدفئة فى جيب بنطاله ..لم تدرى كيف تبدأ حديثا المفترض فيه ان تتعاطف شعوريا مع المه وضيقه وان تخفف عنه لكنها لم تكن بالقوة الكافية التى تجعلها تقف امام مشاعرها وهمومها وانانيتها وتنسى او تتناسى مؤقتا حالها لتخرج احدهم من المه وضيقه حتى وان كان هو ايمن
وقفت فجأه فوقف هو الاخر ناظرا اليها فقالت : ايمن لم اتعود منك على هذه الحاله .
ربت على كتفها قائلا : لا تقلقى ستتحسن الامور ..
ثم حاول جاهدا الابتسام واخذ بيدها ووضعها على ذراعه واكملا السير
ايمن : اخبرينى انت كيف كانت جلسة يمنى وجيرانها
تذكرت نادين الفتاه وحدثت ايمن عما قالته فقال : لا بأس سأطلب من يمنى ان تتحدث اليها ربما تعرفت عليك .