الجمعة، 26 أغسطس 2016

31

قذفت بنفسها على السرير وارخت ذراعاها عاليا داعبت خصلات شعرها بأصابعها وراحت تنظر للسقف ...حاولت ان تسترخى ...ان تستدعى كل المشاهد ...رفضت ان تضغط على ذاكرتها حتى لا يعاودها الصداع ...فقط حاولت التفكير فى كل ما حدث منذ ان استفاقت فى المشفى واتت الى هنا ...السيدة التى تعرفت عليها فى المتجر ...وزميلتها التى قابلتها فى المطعم ...وندا واخيها ....لم تشعر بالوقت ...ولا تعلم كم ظلت على وضعها هكذا ....سمعت طرقات ام ايمن على الباب ...تخبرها ان الشاب والفتاه اتيا بالخارج ..لفت حجابها واستعدت للخروج اليهم ...فتحت باب الغرفه وقبل ان تخرج ...رن هاتفها المحمول ...اضاء بأسم زميلتها ...
كان ايمن وياسر فى استقبلهم هذه المره ...كان  بانتظارهم ايمن...انتظار متحفز ..مستعد ...مهاجم ان لزم الامر ...ومدافعا عنها حتى تصل الى الحقيقه المفقوده ....
لم يكن الشاب اقل منه تجهما ...ولم يرحب بوجوده ايضا. .كان يرى فى والد ايمن اقل غضاضه منه ..هاشا باشا يستطيع الاخذ والعطاء معه ...والاكثر رغبة.. وجودها هى عنهم جميعا ....
لم يشأ ايمن التحدث فى غير وجودها ....لكنه بدأ الحديث بدردشة عادية ...اين كانت تسكن نادين ...واين يسكنان هم ...امسك احد الصور ووجه كلامه لندا ...وقال : من هؤلاء الفتايات وما هى اسمائهن ...
خرجت الاجابات منهم هم الاثنان تارة هى تجيبه ... و يجيبه هو على مضض تارة اخرى ...حتى اتت نادين ..

بوجهه باش وابتسامه صافيه ...القت التحيه عليهم ...
وجلست على الكرسى المجاور لايمن..و المقابل لهم ...
ابتهج الشاب عند رؤيتها بهذه الحاله ووقف لتحيتها ومد يده لكنها رجعت خاويه فأمتعض لذلك وجلس مكانه ...
سكتوا جميعا لثوان حتى افتتحت هى الحديث فقالت :
لم اتذكر اننا اتفقنا على الارتباط مؤخرا...ما اتذكره فقط هو اننا انفصلنا منذ التخرج من الجامعه ...
بهت الشاب وشحب وجه الفتاه وقال : هاه .....هل تذكرتى كل شىء ؟!!!
ابتسمت وقالت : اوووه صحيح ..على ان اشكركم على الصور ..ساعدتنى كثيرا ..
نظر الشاب لاخته وابتلع ريقه ...ونظروا اليها بأعين شاخصه ...
ثم سألتهم : فقط لدى سؤال ...كيف عرفتما مكانى ...
ردت الفتاه بهدوء : رأتك احد الصديقات فى مركز الترجمة التى تعملين بها ...ومن هناك علمنا مكانك ..
قال الشاب ممتعضا : الن تذهبى معنا ؟؟!
ردت سارة : لا ...احببت حياتى الحاليه ...وسأتزوج قريبا
رد الشاب سريعا : تتزوجين!!...من ؟؟
رفع ايمن رأسه والتفت اليها وانتبه اكثر لما قالته ..
ولم يبد الانزعاج على وجه ياسر الذى استغرب تعبير وجهه اخيه ..فهو لم يعلم بما حدث فى الصباح وفسخها لخطبة مالك ..
اذ قالت ردا على سوءال الشاب
: نعم سأتزوج ...اتذكرون ذلك الشاب الذى كان يجلس هنا الامس ..انه مالك خطيبيى ...يعمل معى فى مركز الترجمه ..
وذيلت اجابتها بأبتسامه رقيقه ..
زم الشاب شفتيه ووقف
وقال : حسنا ....اتمنى لك حياة سعيده
انصرف فتبعته اخته بخفى حنين ..
جلست من جديد فنظر اليها ايمن لتفسر كل ما حدث
قالت :
هاتفتى زميلتى قبل ان اتى اليكم ...واخبرتنى انها هاتفت صدبقتها التى اخبرتها بلقائها بى وبحالى وعلمت منها بمخطط ندا واخيها واستغلالهم لذاكرتى المفقوده ...
ويبدوا انه لم ينس تلك الاهانه التى سببتها له قبل التخرج ....
سكت ايمن يفكر وعلى طرف لسانه سؤال اخر ..سرقه ياسر من فمه ...وقال
سارة هل ستتزوجين مالك قريبا ..اعنى هل اتفقتم على موعد الزفاف. .
اضطربت قليلا واتجها نظرها ناحية ايمن الذى علم بما حدث فى الصباح ...وجدته يطلب تفسيرا ايضا ..هل عادت فى كلامها ...هل كان مجرد سوء تفاهم بينها ومالك واحدهم سواه ...
اجابت ياسر بهدوء : لقد فسخت خطبتى به ..
اندهش ياسر وقال بتأثر : اوووه .. لماذا ؟!
لحقه ايمن بسؤالها : هل لى ان اعرف السبب
نظرت للارض واكتفت بكلمة : لم نكن على وفاق
لم يستطع ايمن منع شغاف قلبه من الانشراح والسعاده ..وقفت لتخرج من الغرفه ...اراد ان يستوقفها ليخبرها بعض مما يشكوا ...ليطلب وصالها ...ليحكى لها شوقه وحبه لها ...ليخبرها كيف تملكته منذ مجيئها ...كيف تربعت فى عرش قلبه دون منازع ...كيف سكنت جوارحه منذ رأها على فراش المستشفى غائبة عن الوعى ...
سارة
خرج صوته من حلقه بصعوبه .....كانت قد عدت صالة البيت فى طريقها لغرفتها ......عادت بضع خطوات ادراجها حين ناداها ...كانت ام ايمن تجلس على الاريكه تشاهد التلفاز وقد خرج ياسر من المنزل....ابتلع ريقه واقترب بهدوء منها ...
وقال بصوت هامس ....هل اذا طلبت يدك من الحاج عبد الرحمن ..توافقين ؟
التفتت امه فجأه من كلامه لسارة ووقفت تنتظر رد سارة التى تلون وجهها بالاحمر واخفضت ناظريها للاسفل فانطلقت ام ايمن بالزغاريد ....وقالت له بحنق  :
اخيرا ..تكلمت ..قطعت انفاسى ...كنت سأغضب عليك ان ضيعتها ثانية ..
واحتضنت سارة بين ذراعيها ....وقالت ودموع فى عينيها
: هكذا اطمئن عليك يا حبيبتى ...


الأحد، 21 أغسطس 2016

30

ايمن : انت بخير اليس كذلك
هزت رأسها ..واغمضت عينها لثوان وتنفست بهدؤ ..فأتبع ايمن مشيرا الى احد الجرائد ..
: تشير الجرائد ان الحادث كان من 4 سنوات مضت
انتبهت لجملته الاخيره وراحت تنظر لتاريخ الجرائد امامها ...وهزت رأسها موافقه لكلامه ...ثم نظرت اليه لتفهم ما يقصد ...فهى لم تستطع من الم رأسها التفكير او استنتاج اى شىء

كان وقت الغداء قد حان وبدأت والدته فى تجهيز المائدة فأردف ايمن وهم يلتفون حولها ...

: قال الشاب بالامس انك دخلت فى حالة اكتئاب بعد وفاة والدك ..
لازالت تسمعه ولازالت تهز رأسها موافقه لكلامه ...
ايمن : وانقذك ماجد العام الماضى ...اذا اين كنت فى الاعوام الثلاثة السابقه ...
قال عبد الرحمن : ربما كانت تعانى الاكتئاب فى تلك السنوات حتى قررت الانتحار ؟!
قال ايمن :
واين كانت تعيش ومع من خلال تلك الفتره ؟!!..
قال عبد الرحمن : ذكر الشاب انها كانت تعيش مع والدتها
هز ايمن رأسه نافيا : بالامر شىء غير منطقى .
قال ياسر : ربما كانت تعالج يا اخى ...
نظر اليه ايمن ..ثم عاد الى طعامه وهز رأسه وقال : لا اظن ..

جلست بعد الغداء تفترش الجرائد والصور امامها ...اخذت بين يديها الصورة الجماعيه وتفحصت المعالم بها ...ثم طرأ فى ذهنها فكره ...اخذت هاتفها من على المنضدة واتصلت على احدهم ...دقائق واتاها الصوت على الجانب الاخر للفتاه التى تعرفت عليها فى المطعم ...سألتها سارة عن تلك الصورة بالتأكيد ان لديها نسخه ...اجابتها الفتاه عن كل الأسئلة التى دارت فى بالها وسألتها اياها ..كان ينظر ايمن الى الصورة ايضا ويستمع للحوار ولاسئلة سارة...نظر اليها منتبها لسؤال طرىء فى ذهنه ....طلب منها ان تسألها هل اخبرت احد عنها وعن بمقابلتهم تلك ...
سكتت الفتاه قليلا وقالت :
لا ....ثم استدرجت  وقالت ...لا بل تذكرت ..سردت ما حدث يومها لصديقتى المقربه ولم نتحدث من يومها ...

انهت معها الحوار وجلست تسرد ما قالته لها ...قالت سارة وهى تشير الى اشخاص بالصورة
: هذه المجموعة الملتفه حولى قالت عنهن انهن كن رفيقاتى المقربات ..
سألها ايمن : والفتاه ؟
بحثا عنها فى الصورة بين الطلبه فكانت فى اقصى يسار الصورة على النقيض من سارة ورفيقاتها ....
قالت سارة : لكنها فى باقى الصور هى الاقرب الى من جميعهن ...
قال ياسر بلهجه ساخره : ربما كنتن متشاجرات يوم تلك الصورة ...انت وهى اقصد ...
نظرت اليه بتمعن فأردف قائلا وهو يحرك يديه فى الهواء :
اقصد انه كثير ما يحدث بين الفتايات يتشاجرن ويتصالحن ...وهكذا ..
اعاد ايمن النظر الى الصورة وقارنها بباقى الصور ..
ثم طلب من سارة اعادة طلب الفتاه على الهاتف وبعد ان تأسفت لها سارة عن الازعاج اخذ ايمن الهاتف وسألها
: هل كانت سارة مخطوبة ..اقصد نادين ....هل كانت مخطوبة او مرتبطه اثناء الدراسة ..
الفتاه : وكيف لى ان اعرف ..لم اكن من المقربات لها ..
ايمن : لكن بالتأكيد كنت ستعلمين اذا كانت مرتبطه بزميل لكم ..اليس كذلك ..
الفتاه : نعم بالطبع ..زميلاتنا التى ارتبطن من نفس الدفعه او دفعات اخرى كنا نعلم بهن ...لكثرة تقابلهم فى الكلية ما بين المحاضرات ..
ايمن : هل كان لنادين صديق مقرب من دفعتكم او من دفعه اكبر ..
الفتاه : الحق يقال ...صحيح ان نادين لم تكن محجبه او متدينه الا انها لم تكن من تلك النوعية من الفتايات اللاتى تصادقن الشباب ...كل صديقاتها كانوا من الفتايات ...
ايمن : هل تذكرين فتاه اسمها ندا كانت من صديقات نادين الفتاه : لا ..لا اذكر ان من بين صديقاتها كانت من بينهم من تدعى ندا..
سكتت برهه ثم قالت
لكن اذكر ندا واحده حدثت مشكلة بين اخيها ونادين ذات مره..
قال ايمن باندهاش : مشكلة !!
اكملت : اذكر اننا ذات يوم سمعنا شجار بين نادين واخاها لندا فى كفاتيريا الجامعه..كان يتودد اليها لكنها كانت  تصده دائما...حتى مسك ذراعها ذلك اليوم فضربته بيدها على وجهه فتوعد لها بصوت عال امام الجميع ...كنا وقتها فى فترة امتحانات السنه النهائيه .....
قال ايمن : اشكرك كثيرا ..سؤال اخير هل تذكرين شكل ذلك الشاب ..
قالت الفتاه : لا اتذكر ملامحه بالطبع لكنه كان كثير الشبه لاخته. .
قال ايمن : هل اذا ارسلنا لك صوره عبر الواتس اب هل ستتعرفين عليه او من فى الصورة ..
قالت : امممم...سأحاول ...لكن ذاكرتى ضعيفه بعض الشىء ربما لن تسعفنى ..
قال ايمن متمتما : ليس اكثر من فقدها كلية .....شكرا لك سيدتى سأرسل الصورة حينما انهى المكالمه. .
فتح كاميرا الموبيل والتقط صورا للصور الفوتوجرافيه....وارسلها لها عبر الواتس ....
ردت برساله نصيه اسفل الصورة نعم هو اخو ندا ....لكن لا اعلم متى كانوا قريبين من نادين هكذا حتى يلتقطن معاها تلك الصور وصورة عيد الميلاد أيضاً بها شىء غريب لا اعلمه لكنها تبدوا غريبه وليست طبيعيه ..
وانتهى الحديث معها الى هذا الحد ...
شعرت معه سارة بأسياط الذاكرة تلهبها ....وهزات الصداع تدمدم رأسها .....ضغطت بأصابعها على مقدمة جبهتها واغمضضت عينيها وارجعت رأسها لمسند الاريكه ...
نادتها ام ايمن فى قلق ...ونهض ايمن فجأه من مكانه ....واشار لياسر والى الجرائد والصور الموضوعه على الطاوله الصغيرة ...ففهم ياسر ولملمهم وارفعهم الى منضدة الطعام ...بينما اتى ايمن يحمل كوبا من الماء واقراص مهدئة ...
ناولها الاقراص والمياه وطلب من امه ان تعد كوب ليموناده لها فقامت على الفور ....

يعلم ان ما تمر به الان ربما هو الاصعب من بين ما مرت به عقب حادثة فقد الذاكرة ...
كان يود لو اذهب عنها ما تعانى ....لو احتضن كفيها الباردتين الواضح عليهما الزرقه والاهتزاز ...

هتف بها : سارة. ..ااقصد نادين ...اه صحيح ايهما سنناديك به ..ام سنناديك دكتورة نادين وابتسم ابتسامه ماكره ..

ارتسمت ابتسامه صغيره على جانب شفتها ...مما ادركته من محاولة لتغير الحديث ...فأتبع هو
: فأنت صيدلانية ...اى زميلة مهنه ..
قال ياسر : تقصد زميلتى انا فأنت خريج علوم وليس صيدله ..
قال ايمن : نعم ولكنى اعمل فى نفس المجال ...الادوية العلاجية ...الا يحق لى ان اصبح زميل عمل ...ما رأيك يا سارة ...ثم نظر اليها ...فتلاقت عيناه بعينيها الذابله لكنها لازالت تحمل سحرا يخطف انفاسه ...فكانت تتابع حديثه مع ياسر حين نظر اليها على غفلة منها....وقالت بابتسامه صافية ..بلى يحق لك ...
استطاع خفض نظرة سريعا ....لكنه لم يستطع منع خفقان قلبه المتلاحق ....

اتت والدته تحمل اقداح الشاى لهم ...وكوب كبير زجاجى من عصير الليمون اليها ......


السبت، 20 أغسطس 2016

29

لم يستطع احد النوم تلك الليله ..الكل يفكر فيما حدث...بالطبع كانت امنيتهم ان تعود سارة الى اهلها ..لكن المؤلم ولم يكن بالحسبان ايضا ..ان لا اهل لها الا ذاك الشاب الذى يدعى خطبتها ..حتى ايمن قام متأخر الى عمله ...ولم يستطع الحاج عبد الرحمن النزول ايضا الى السوق ليحضر الخضر والفاكهه او حتى جرائده الصباحية. ..كانوا يفكرون جميعا هل صدقا ما ادعاه هذان الزائران بالامس ..هل ستذهب معاهما سارة او نادين ...وكيف لهما التحقق من صدق اقوالهم ...
لكن مع انتصاف النهار اتاهم زائر اخر ...يطلب مقالبة سارة لامر هام ...
طرقت ام ايمن الباب علها تستيقظ من سباتها العميق ....انتفضت على غير العادة ...فسارة حين تستكثر الاحداث والاسئلة فى رأسها تهرب الى نوم عميق تصحوا منه بصعوبة ...انتفضت تستغفر من كابوس مزعج رأت فيه والدها بمعالم مبهمه لم تستطع تفسير شكله او ملامحه والحادث المؤلم الذى اودى بحياته وهى تنادى عليه ولا يرد...ثم غلام صغير ينادى عليها ولا تستطيع تلبيته..ثم يغيب صوته ويخفت ببطء  ....
ابلغتها ام ايمن بوجود مالك على غير عادته فى ساعات النهار وقبل الظهيرة...استقبلته سارة فى غرفة الصالون التى كان يجلس ينتظرها بها حتى تستيقظ ...القت السلام وحاولت تفرس وجهه واسنباط سبب حضوره العاجل فى الصباح ...
جلست وانتظرته يتحدث ويفصح عن همه وانزعاجه ....كان ينظر للاسفل ...ثم حك انفه وسالها عن حالها ..
سارة : الحمد لله
مالك : بالتأكيد فكرت فيما حدث البارحه ..
اومأت سارة راسها ونظرت اليه تحثه على الاستكمال
فقال :- وماذا قررت
استعجبت من سؤاله ..ومايرنوا اليه من ورائه ..
فسكتت تحملق فى كفيها وتحرك خاتما بأصبعها ..حتى تكلم اخيرا وافصح عن مايختلج فى صدره
مالك : اعنى ...هل صدقت ما قالاه ...
رفعت رأسها اليه فأكمل
: يمكنك ان ترفضى ..وتنكرى ما قالاه ..
بحاجبان مقتضبان قالت
سارة : ثم ماذا ؟؟!!!
عدل من جلسته واتجه بجسمه ناحيتها وقال بلهجه ودوده
: ثم نتزوج ...سارة ...انااا اريدك كما انت ..لا اريد من ماضيك شىء...اريدك كما عرفتك ...
سارة : تريدنى ان اترك خيطا يصلنى بالماضى ..يصلنى بأهلى بعائلتى ..يصلنى بى انا ...
نظر مالك الى الارض ...فقامت سارة من مكانها وقالت
: لحظه
وعادت تمسك علبة صغيره وكيس هدايا ملون بالوان زاهيه منقوشه ..
وضعتهم على الطاوله امام مالك وسحبت من اصبعها خاتم الخطبه ومدت يدها به اليه ..
نظر متعجبا اليها فأكملت
: انا هى انا بماضى وحاضرى ومستقبلى ....
وقف مالك وقال متوسلا
: سارة لا تتسرعى ..انا متمسك بك
قالت : وانا اريدك عونا وسند ...تقبلنى كما انا بماضى وحاضرى ومستقبلى .. لا حاضرى فقط.
هتف قائلا : ساره
قالت :مالك انا احلك من اى اتفاق .
ثم انصرفت الى غرفتها واغلقت الباب


فى ذات النهار بعد انصراف مالك يحمل هداياه وخاتم خطبته لسارة ويحمل تعاسة رفضها لاقتراحه بل رفضها له كلية وعدم اكتراثها لتوسلاته فى البقاء ورفض الماضى وقبول الحاضر وبناء مستقبلا معه هو كما يريد ...

اتى زائر ايضا فى نفس ذات النهار ...كانت تلك الفتاه التى اتت فى المساء هى واخيها تحضر بين ايديها بعض الصور الفوتوغرافية. ....
تفحصتها سارة بعد الحاج عبد الرحمن ...صور التخرج بالكاد عرفت نفسها من بين الطلبه والطالبات ترتدى زى التخرج وعلى راسها الكاب ينسدل من تحته شعرها البنى وتشع من وجهها ابتسامه صافيه ...وصور اخرى تجمعها بالفتاه ...وصور اخرى مع ذلك الشاب ...وصورة فى عيد ميلادها وهو يقدم اليها هدية صغيرة ملفوفه بعنايه ....
تركا لها الصور وذهبا ....
واخبراها انهم سيأتون لاصطحابها فى المساء لترى بعض الاماكن ربما تذكرتها او ساعدت فى محو طلاسم تلك الذاكره العنيدة ...


اتى ايمن خلفهم ..كانا قد غادرا منزله ...سأل عنها فأجابته والدته بما حدث من الصباح ..
اخفى شعورا بالفرح قد غزاه رغم توتره وقلقه عليها حين اخبرته والدته ما فعلت مع مالك ...
والصور التى اخذتها من الفتاه تتفحص بهم وتقرأ ملامح من بها ...عل ذاكرتها تألف اى منهم وتستدعيه من اعماقها ...
وضع ايمن الجرائد من يده على منضدة المائدة وجعل يفردها واحد تلو الاخر ....جرائد تغلب على اوراقها صفرة التقادم ..تحمل تواريخ متقاربه ...خبط بأصابعه على الجريده المفتوحه امامه ...على احد الاخبار يحتوى صورة لحادثة واخر لنفس الخبر به صورة شخص ذو هيئة وقورة فى اطراف صفحة فى جريده اخرى ..
وفى صفحة الوفيات لجريده كبيرة  كان ينفرد اسمه بالجزء الاوسط لاسفل.. من الصفحه.. ثم نعيه فى اخبار يتضح اهمية اصحابها وتكلفتها من حجم الخط ومكان النعى الذى نشر فيه وعدد كلماته ...
طوى الصحف وابرز ذلك الخبر محور الاهتمام...   بدأ يقرا تفاصيل الخبر فى كل صغحه ويقارن مابين الاخبار وبعضها  وخاصة فى التواريخ ...ثم حين وصلت عيناه عند بعض الكلمات حمل الجريده وقربها من ناظريه ليتأكد مما قرأ ..ثم تكررت نفس الجمله فى اكثر من خبر حتى فى النعى كانت موجوده  ...استدعى سارة .... ويعلم انه يوم شاق عليها ...خرجت تحمل الصور بين يديها ...جلست على مقعد المائدة تنظر الى الجرائد ....الامها اكثر صورة الحادث  ...وامسكت بالجريده التى تنشر صورة فوتوغرافيه واضحه لوالدها فى خبر عن الحادث ..وامعنت النظر فيه ...لم تنتبه لكلمات الخبر فى كل جريده....كانت مشدوهه اكثر لصورة الحادث وصورة والدها ...
راجع ايمن الصور التى احضرتها الفتاه واسترع انتباهه شىء واسره ولم يبديه ...
ثم تكلم حين وجد رقرقة الدموع فى عينيها. .


الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

28


صعق الجميع من تصرف الشاب ووقفوا مشدوهين مما يحدث ..
تحرك ايمن ونفض يد الشاب بعيدا عنها وقال بحزم
:- من انت ياهذا وكيف لك ان تقتحم بيوت الناس هكذا
تجاهله ذلك غريب واكمل موجهاً  كلامه لسارة باندهاش بالغ
: نادين الا تذكرينى ..لا اصدق هذا ..اخبريهم من انا ..
ثم دلفت من خلفه فتاه تفحصت الوجوه حتى سحبت سارة بين احضانها وعانقتها عناقا طويل ..
ونادتها بلهفه : نادين ..لا اصدق اننا قد وجدناك
ومدت اطراف اصابعها مسرعه تؤد دمعة لم تغادر بالاصل مقلتيها  ..كان الجميع فى دهشه منعتهم الحركه حتى يستوعبوا ما جرى ...كان عبد الرحمن ينتظر ريثما ينتهى هذا اللقاء الحار ثم تكلم اخيرا بعد ان فكت تلك الفتاه يديها عن سارة واطلقت سراحها من بين احضانها ...وسارة تحملق فيهما وقد شحب وجهها ..
عبد الرحمن :- ألن تخبرونا من انتم اذا ؟!

احضرت ام ايمن صينيه اكواب من الشاى ودخلت غرفة الصالون حيث جلس الجميع ..
كان ايمن اكثرهم غضبا وتفرسا للقادمين ..يحدق فى ذلك الشاب ويتفحصه من شعر راسه حتى اخمص قدمية ..لم تسلم الفتاه ايضا من نظرات ايمن الغاضبة ..
اما مالك فكان مطرق الرأس مستندا للوراء يطرق بأصابعه على يد مقعده وكأنه ينتظر نهاية هذا المشهد ..ويبدوا انه قد ادرك ان اشياء كثيرة ستتغير بعد تلك الزيارة الغير محسوبة العواقب ...
اما سارة المسكينه كانت فى واد اخر ...عيناهها زائغتين لا تستقر على اى منهم اكثر من دقيقه ..تحاول تمرير كلامهم على اذانها وعقلها مرارا ربما آلفته او تذكرتهم ..
تقول الفتاه انها كانت الصديقه الاقرب لنادين علم الدين وذلك الشاب الذى يجلس بجوارها اخاها وكان خطيبها وحبيبها ...
وانها لم تتحمل صدمة وفاة والدها ومرت بحاله نفسية سيئة دخلت على اثرها فى اكتئاب جعلها تقدم على الانتحار ..
قال ايمن ولازال حاجباه معقودان :- وكيف عرفتم انها اقدمت على الانتحار ..
سكتت الفتاه قليلا وابتلعت ريقها من احساسها بأنها فى تحقيق رسمى ..ثم نظرت لسارة قبل ان تتحدث ولما احست من عينى سارة انها لا زالت لا تتذكر اى شىء قالت  : والدتك من قالت ذلك لنا وللجميع
قال عبد الرحمن : واين امها واخواتها ؟
تنهدت الفتاه ورسمت الحزن على ملامحها ...
: ليس لها اخوه ..ووالدتها قد سافرت للخارج لم تستطع المكوث وقد فقدت زوجها وابنتها ...
قال عبد الرحمن : اليس لها اقارب ؟
تحدث الشاب : معظمهم بالخارج ..ولا نعلم منهم الا القليل قال ايمن للشاب : منذ متى وانتم مخطوبان
تلعثم الشاب قليلا ثم قال : فى الحقيقه لم نكن مخطوبان بشكل رسمى ..كنا على وشك ذلك لكن الاحداث التى مرت بها ارجأت الامر ..
اردف ايمن بسؤال اخر : منذ متى وانتم مرتبطان
احتنق الشاب من كثرة اسألة ايمن واحتنق اكثر من نظراته ووجهه المتجهم تجاههم ..
انتفض الشاب وقال بلهجه حاده : هذا ليس تحقيقا ..ونشكركم لحسن استضافتكم لخطيبتى ..ونريد ان نصطحبها معانا الان ...
وقفت بدورها الفتاه وحملت حقيبتها وتحركت صوب سارة المزجاه فى افكارها وهزاتها العنيفه المتتاليه ..وامسكت بمعصمها واوقفتها
: هيا بنا يا نادين ..ضبى اغراضك
وقف ايمن وهتف : الى اين ؟!!
وقف مالك المتابع لما يجرى ايضا
قال الشاب رادا النظرات لايمن : الى بيتنا ..ستعيش معنا حتى تشفى ..ثم نظر حواليه بنظرة تعالى واتبع
ثم لتعود للمستوى الذى كانت تحياه ذلك سيساعدها كثيرا
ثم القى الى اخته نظهرة فهمت بالخروج مصطحبه سارة بيدها ..
اوقفهم الحاج عبد الرحمن بصوته العجوز : لن تذهب سارة من هنا ..قبل ان نتأكد مما قلتم ....
فنظرت الفتاه لسارة تستحثها على الاعتراض ...لكن سارة لازالت شاخصه غير مستوعبه لما يحدث حولها من احاديث فرعيه ..فقط تعيد تفاصيل الاحداث كما قالوها وتحاول ترتيبها ترتيبا منطقيا ربما ساعدها على التذكر او حتى عدم الاستغراب ...
اكمل الحاج عبد الرحمن بلطف وود : هى امانه عندنا ..لن تذهب حتى نتأكد او اذا كانت ترغب هى فى ذلك ...
أغمضت للحظات عينيها واستجمعت قواها الخائرة وهزت رأسها موافقه لكلامه ..فتركت الفتاه يدها واحتضنتها سريعا ثم تحركت ناحية اخاها ولمست كتفه للذهاب ..نظر الاخير لايمن نظرة حانقه ثم انصرفا ..
دخلت برحيلهم الى غرفتها مسرعه تختبىء من الاحداث التى قالوها والتى لابد انها مخبأه فى صندوق ما فى الذاكرة مغلق بقفل كبير مفقود المفتاح..
استئذن مالك وذهب هو ايضا ..حدث ما كان خائفا منه ...ولربما ضاعت منه سارة على اثره للابد


الخميس، 4 أغسطس 2016

27

فتح باب المنزل قبل ان يهم ايمن بادخال المفتاح فيه ...كان والده يودع احدهم الذى ظهر من خلفه وقد كان ذلك الشخص هو مالك ...سلم على الحاج عبد الرحمن بحرارة وقال بابتسامه صغيره ..
:- اخبرها يا حاج انى انتظر مكالمتها لاطمئن عليها .
اومأ الحاج عبد الرحمن وبادله نفس الابتسامه قائلا
:- ان شاء الله يا مالك
التفت مالك ليجد ايمن محدقا فيه بحذر ..
بنفس الابتسامه الدبلوماسية مد يده الى ايمن ...تبادل معه ايمن المكان ووقف قبالته على حافة الباب وامسك مقبضه بيده وقال بابتسامه صفراء
:- شرفتنا استاذ مالك
كانا يراقبانه من الداخل وما ان اغلق الباب حتى انهالت عليه امه موبخه له على جفاءه ومعاملته الغير طيبه لمالك
جلس واشار ناحية باب غرفتها وقال
:- الازالت نائمة
زمت ام ايمن شفتيها واومأت
قال الحاج عبد الرحمن
:- لم تجب والدتك ..لما تعامل مالك هكذا ؟!
لم يتفاجىء من سؤاله وان كان تكرار لسؤال والدته الذى هرب منه منذ قليل ..
ايمن :- سارة ليست فى حال جيدة ..واعتقد انه السبب فى تلك الحاله ..
قالت امه سريعا
:- بالتاكيد منذ طلب تحديد ميعاد الزفاف
نظر اليها ايمن متفحصا لما سمع ..ثم نظر لوالده باستنكار قائلا
ايمن :- ألم تطلب منه تأجيل الزواج حتى تجد اهلها او تعود اليها الذاكرة ..ووافق على ذلك
عبد الرحمن :- نعم ..لكنه فاتحنا فى الامر يوم تناولنا معه الغداء بالمطعم ..
قال ايمن وهو يتذكر
:- هو نفس اليوم الذى طلبت فيه منى الدواء فى الليل ..
ثم هتف قائلا
:- الم اقل لكم له يد فى سؤ حالتها هذه .
قالت :- الم تكن انت اولى بلهفتك هذه عليها
فغر فاهه ونظر الى امه التى ناداها عاجلا عبد الرحمن وزغر بعينه حتى تصمت وتبتلع كلماتها ..
فقضبت جبينها وقامت من مكانها واختفت اروقة البيت ..
قام من مجلسه هو ايضا ...يعاتب نفسه على اموره المكشوفه ومشاعره المفضوحه امام الجميع ..لكن ماعساه ان يفعل الان ...الامر بيدها هى .
فى اليوم التالى
انتهى من عمله واتصل بيمنى وحدثها بحذر
ايمن :-كيف حالك ..انت افضل اليوم ؟؟
يمنى :- بخير
ايمن :- هل لازلت غاضبة
يمنى :- افضل حالا
ايمن :- هل لغضبك علاقة بصديقتك وضيقها من مالك
يمنى باستغراب :- هل حكت لك
ايمن :- لا لم تحكى لى  ..فلم اراها من اول امس
يمنى وقد تذكرت حالها :- مسكينه
وحكت له كل ما حدث بداية من السيدة التى رأتها فى المطعم وطلب مالك ثم المكالمة واصرار مالك على طلبه

كانت سارة مرهقه من تلك الهزه ..صحيح انها لم تتذكر اى مما قالته السيدة ...لكن احساس ما بداخلها يؤكد لها كلام تلك المرأه وانها بالفعل من تحكى عنها ...فرت دموع من عينيها لما تذكرت كلام السيده عن الحادث الذى افضى بحياة والدها ..وعلمت كم ظنت فيه سؤا حين اعتقدت انه لم يبحث عنها ...كلما افاقت عصفت الاسئلة برأسها وآلمتها الما شديدا لا تقوى عليه الا بمهدأ تغيب على اثره فى نوم عميق لساعات طول ...
اخيرا استفاقت واخبرتها ام ايمن بزيارة مالك فى البارحه ورغبته فى الاطمئنان عليها حال استيقاظها وتحسنها ...
فهاتفته ام ايمن لتطمئنه عليها  ..فأستأذن الحاج عبد الرحمن فى الحضور. .فسمح له بعد ان تاكد من سارة انها فى حالة جيده تسمح بمقابلته ..

حضر ايمن باكرا من عملة بالصيدلية ...كان يعلم بزيارة مالك ...شيئا نازعه للحضور ...وكأن وجوده سمنع مالك من مضايقة سارة ..تلك الاولى التى يتزامن وجوده فيها فى البيت مع زيارة مالك ..حتى انه احيانا ان كان يوم اجازه يترك لهم البيت بأى حجة حتى لا يتقابل معه ...
تلك المرة بالذات حضر ...
فتح بنفسة الباب له وصافحه ببرود عند دخوله ..وجلس معه ووالده فى الصالون ...لم يتحدث ايمن لكنه كان على وضع التحفز الدائم ...مما اشعر مالك بالحرج ..والاكثر من ذلك شعوره بأيمن ...وعيناه الثاقبتان التى تنظران اليه بحنق ...
دخلت سارة مطرقة الرأس ..سلمت وجلست ...لم تتحدث حتى حين كان يسألها مالك عن حالها فكنت تتمت بالحمد لله بصوت منخفض ..
استأذن عبد الرحمن منهم وقام يترك لهم المجال ليتحدثوا ..لكن ايمن ظل فى مكانه يبدل نظراته الحارقه بينهم ..حتى ناداه والده ...فخرج على مضض ..وجلس فى الصاله على اقرب كرسى للغرفه ...يشاهد التلفاز ..وماكان يسمع او يرى ما يقدم به ..بل كان تركيزه فى الداخل معهما ...

حاول مالك تلطيف الاجواء التى تعمر صفوها اليومين الماضيين بعد عرضه لطلبه ...طلب منها ان تحكى الامر منذ رأت السيده ...وتناقش معها فى احتمال ان كان الكلام خطأ او تشابه على السيدة ..واستمع اليها وهى متحمسه للمعلومات التى حصلت عليها ...
حاول مالك التعاطف معها على غير اقتناع وعلى خوف من ان تعرف ما يبعدها عنه او تعود اليها ذاكرتها فلا تقبل به ...لذا كانت رغبتة واضحه ولحوحه فى طلبة ..
حدثها بلطف اكثر وابتسم فى وجهها ...ومازحها فضحكت ...فألتفت اليهم ايمن بحنق اكثر ..كانت والدته تحمل صينية العصير فكانت فرصته ليقطع حديثهما ويجلس معهم بعض الوقت ..فتح مواضع عدة مع مالك ..فى السياسة والرياضة ومشاكل العمل ...

رن جرس الباب ففتحت ام ايمن ..دقيقة ونادت عبد الرحمن ..الذى وقف مندهشا من الطارق ...
ظهر خلفه ايمن ومالك واخيرا سارة بعد ان ناداها عبد الرحمن ..
تقدم الشاب الواقف امام الباب بعض خطوات وصل بها الى سارة وامسك يديها وقال بلهفه
:- نادين ..حبيبتى ...اشتقت اليك يا قمرى