السبت، 30 أبريل 2016

21



ضرب ايمن بقبضة يده عارض الباب بعدما اغلقه خلفه ..هاهى تفر من جديد من بين يديه ...كلما ظن انه اقترب كلما ابتعدت الاف المرات ..كلما ظن انه تملكها بين يديه ...انسالت من بين اصابعه كحبات رمل ناعمه ...
ولكن هذه المره لم يفهم خطأ ...هذه المره يتحدثون بصراحة تامه عنها ..هى ..سارة ..وهو ....ومالك
ولما مالك ؟!!...مالك مترجم ومدرب لغات فى المركز وفى عدة اماكن اخرى ..ذو مركز اجتماعى جيد...شاب وسيم ..ومن عائلة ميسورة الحال ...
وهو من يقوم بتدريسها الالمانيه فى المركز ...يراها ويتحدث اليها فى كل جلسات التدريب ....ربما صرح اليها بحبه وربما اتفقا على الزواج ... اشعلت تلك الفكرة لهيب قلبه فركل قائم السرير...
فى المساء قرر ان لا يجتمع معهم على مائدة العشاء فلا يريد ان يراها ....
خرجت والدته من غرفته تخبر الحاج عبد الرحمن والجميع انه لن يأتى ...عبست سارة ونظرت الى صحنها تحرك الملعقة به دون هدى ..
كان الجميع يتحدث ..ربما كانوا يتحدثون بخصوصها ..ربما كانوا يتحدثون عن مالك وطلبه ...واستعداده الذى ابداه ...وعن اسرته وعمله ...كانوا يتبادلون الحديث الا هى ...ظلت شاردة تسمع حديثهم لكنها لا تعلم ماذا يقولون. ..خرج ايمن وانضم اخيرا اليهم..جلس قبالتها ...فرفعت رأسها مبتسمه ...لكنه قابلها بتقطيبة حاجبية ..ظن انها سعيدة بحوارهم عنها وعن الخاطب ...
تبدلت ابتسامتها  ..فقد عصفت بقلبها وعقلها حيرة اصابتها بالدوار ...تركت مقعدها وقامت فأستوقفتها ام ايمن
: سارة الى اين ؟! لم تأكلى شيئا
قبل ان تجيب تكلم عبد الرحمن يسألها
لم تخبرينا يا ابنتى عن رأيك فى مالك ؟!
حبست انفاسها قليلا ونظرت الى ايمن الذى كان على نفس تجهمه ينظر الى طبقه ويمضغ لقمة ببطء فى فمه
تنهدت وقالت : احتاج بعض الوقت لافكر
قال عبد الرحمن بلطف : على اقل من مهلك يا بنتى خذى وقتك كاملا ...هذا زواج...ولا تنسى صلاة الاستخارة ...
اومأت برأسها وانصرفت ..

خرجت من باب الجامعه لتجده امامها ...صرفت وجهها عنه واردت ان تمشى فامسك يدها ..
: يارا انتظرى اريد ان اتحدث اليك
التفتت ونظرت اليه وقالت
: الازلت مصر على السفر
اردف هو
: مستقبلى يا يارا لما لاتريدين ان تفهمى
: اذا ليس لدينا كلام
تنهدت ماجد وقال فى اسى
: قد بدأت فى اجراءات السفر
نظرت اليه فى دهشه
لم تكن تعلم انه مصر على قراره بل وسيمضى فيه حتى لو كان من دونها ..
وقالت : وانا ؟؟!
: انا اريدك معى ...زوجتى وحبيبتى
ضحكت بسخرية وقالت : حبيبتك !! ارى انك اتخذت قرارك واخترت سفرك ومستقبلك
اعادت النظر اليه وقالت :
ماجد ..طلقنى ..

ترك القلم من يده ونفخ فى ضيق حتى عمله لم يستطع القيام به .. ليلته ايضا لم يزوره النوم فيها ابدا ..من الامس وهو لا يكف عن التفكير فيها ..
رن هاتفه ...فأخرجه من جيبه فى عدم اهتمام ..نظر الى اسم المتصل وتعجب ..انه خالد صديقه صاحب مركز الترجمه ...ترى ماذا يريد ؟ هل يريد سارة فى شىء بخصوص العمل ؟ ام يريد ان يعرف رد سارة عن طلب ماجد ؟
تكاثرت الاسئلة فى رأسه فقرر ان ينهيها وضغط على زر الرد فى هاتفه فأتاه صوت خالد بمرحه المعتاد وطلب منه ان يلقاه....
تنحنح خالد وابتلع ريقه بصعوبه وفرك يديه اكثر من مره ...نظر اليه ايمن بابتسامه صفراء وعقد ذراعيه وارجع ظهره للخلف ..
وقال : تكلم يا رجل والا تركتك وانصرفت
رد خالد بتلعثم : اهدىء يا ايمن ..فالامر محرج قليلا
تنهد ايمن بفارغ صبر
فاردف خالد
اريد ان اطلب يد اختك يمنى
اعتدل ايمن فى جلسته وعلى شفاهه ابتسامه ساخرة من صديقه المتلعثم الذى يتصبب عرقا
: والمطلوب منى ؟!
قال خالد : اود موافقتها وخالتك وزوج خالتك المبدئية لأحضر والدايا لخطبتها ..
حك ايمن ذقنه باصابع يده وقال فى خبث
سنفكر يا بنى فى الامر ونخبرك برأينا ثم سكت قليلا وقال بمكر ..بعد سنه
ضحك خالد من تمثيل ايمن وكأنه ابو العروس وقال ضاحكا طبعا طبعا يا عمى هذا حقكم ولكن ارجو ان تلحقنى قبل ان تقع اسنانى ويشيب رأسى ...


السبت، 23 أبريل 2016

20

تلقت سارة تليفونا من ايمن يخبرها به انه لن يستطيع ان يمر على المركز لاصطحابها للمنزل لانشغاله بشىء ما
اغلقت الهاتف و تنهدت وامتلىء راسها بالتفكير ...بالامس نظر اليها بغضب وهى تتحدث مع ماجد ..وفى الصباح كان متجهما وها هو الان لن ياتى ليصطحبها للبيت ...
فى طريق عودتها وقفت واستدارت للناحيه الاخرى.. اطمئنت لهاتفها المحمول الذى اشترته منذ يومين وسجلت به كل ارقام اسرتها الجديده ويمنى ويارا ايضا قد سجلت ارقامهم ورقم هاتف المنزل الارضى ..
مرت باصبعها على شاشته وتأكدت من وجود الارقام...
ثم انطلقت تنفذ فكره قفذت فى راسها منذ عدة ايام ..
صعدت السلم الكهربائى وهى تلتقط انفاسها بصعوبه ...تلفتت يمينا ويسارا ....ثم تمشت اخيرا فى الاتجاه الذى اختارته ظلت تبحث فى اسماء المحال فى المركز التجاري الكبير عن الاسم الذى ذكرته صاحبة المتجر الذى تعرفت عليها السيدة فيه ...تتجول بناظريها بين لافتات المحال وبين الفتايات والسيدات فلربما صادفت احد يعرفها ...
احست بالصداع يعاودها ضغطت باصبعيها على جبينها ووقفت تلتقط انفاسها المتعبه ..رفعت عينيها فرأتهما على مسافة منها ينظران اليها وتهمس احدهما للاخرى فى اذنها ..فتاتان فى مثل سنها تبدوا هيئتهما مختلفه عن هئيتها الحاليه ربما تشبه هيئتها القديمة ....ارادت ايقافهم ..او اللحاق بهم ..لكنهن اختفيا سريعا فى ممرات المركز التجارى ..

كان ماجد يجدد محاولاته لاقناع يارا بالسفر معه لكنها ابت حتى ان تخرج وتتحدث اليه ...لم يفلح والدها معها ايضا ..تحدث اليها الحاج ابو على كثيرا لكنه كان يذكر دائما ان دماغها صلبة وعنيده كأمها ام على ...
رتبت ام على على كتف ابن اختها ماجد وقالت بنبرتها الحاده ...عليك ان تجد حلا يا ماجد.. لا يمكن ان تترك يارا ..اليس كذلك !!
زفر ماجد بيضيق واستئذن بالانصراف ...

.......
عادت سارة للمنزل مجهدة من محاولة ظنت بها انها ستساعدها ...ربما وجدت من يعرفها هناك ...لم تكن تدرك انها تبحث عن ابره فى كومة قش ...
ولم تكن تعلم ايضا ان تأخرها عن موعد عودتها هذا سيشعل نار فى قلب احدهم قلقا وخوفا عليها ..
كان يقف اسفل البناية يمسك بهاتفه الذى يضغط على تكرار الاتصال فيه كلما انقطع الرنين دون اجابه ...مع كل ضغطه كان الدم يجرى اسرع فى عروقه فيحدث طنين هائلا فى قلبه وانفاسه المتلاحقه ...
لم تكن تسمع صوت رنين هاتفها المتواصل من الم الاجهاد وصداع الرأس ..
تنفس ايمن الصعداء وانزل هاتفه من على اذنه وافسح لها الطريق لتصعد ...لم يتحدث معها ولم يسالها.. اكتفى باطمئنانه على عودتها ...لم يكن يرغب فى اكثر من ذلك رغم قلقله المرسوم بشدة على ملامح وجهه ...
الا انه قرر ان لن يتركها وحدها ثانية ...
انتهى التدريب
وما تبقى من ايامه لم يتركها ايمن ذهابا وايابا فيه ..
كانت تلك من اسعد لحظات يومه ..لم تكن تجمعهم جمل مشتركه ..فكلاهما معقود الحرف على اطراف لسانه ...يخشى ان تقفز مع كلماته مشاعره فتفضحه عند الاخر ...فيؤثر الصمت عله يفهم ما يتوارى ...
فى المساء سمع صوت غريبا قبل ان يدير المفتاح فى باب منزلهم وكان لديهم ضيوف ...
دخل فناداه والده فى غرفة الصالون ...كان يجلس مع ضيف بالفعل ..لكنه ضيف يعرفه قابله اكثر من مرة فى مركز الترجمه
قال عبد الرحمن هاتفا
تعال يا ايمن ..رحب بالاستاذ مالك
ثم اكمل عبد الرحمن فى بشاشه
الاستاذ مالك جاء يطلب يد سارة ....


الجمعة، 8 أبريل 2016

19

لم تنم سارة ليلتها جيدا فسوف تبدأ كورس الالمانيه فى مركز الترجمه ...ارتدت ملابسها ولفت حجابها وخرجت من غرفتها تنوى الخروج ...كانت السيده ام ايمن تجلس على المائدة وامامها الفطور ...لم تكن تتناول منه كانت تستند برأسها على مرفقها حين التفتت لصوت باب غرفة سارة ...ثم قالت بابتسامه
جيد انك استيقظت يا سارة باكرا كنت سأذهب لأوقظك
اقتربت منها سارة وقالت فى تعجب وهى تنظر الى الطعام على المائدة الذى لم يمسسه احد
ماذا ؟!هل ذهب ماجد دون فطور ؟
تنهدت ام ايمن وفالت
لم يستيقظ ...اتى متاخرا بالامس من بيت خالته واخبرنى ياسر انه لم ينم الا بعد الفجر ..
زمت سارة شفتيها فى حزن على ماجد وصدمته من يارا وقرارها ...
سأذهب انا يا خالتى حتى لا اتأخر
افطرى اولا يا سارة ثم اذهبى
لا داعى ساأتأخر هكذا
ستنتظرينى حتى ارتدى ثيابى ...
التفتت سارة ناحية الصوت فكان ايمن يقف امام باب غرفته كان يبدو عليه انه استيقظ توا
اقترب منهم وقال بصوته الرخيم
تناولى فطورك ريثما انتهى ..سأوصلك فى طريقى
حاولت ساره ان تعترض فاكمل هو فى جد
ختى اتأكد من حفظك للطريق ..لا اود ان تتوهى ثانية
سحب منشفته واختفى فى الممر الصغير الذى يحتوى الحمام والمطبخ ..
ترغب ولا ترغب ...شعور متداخل لا تميزه حقا ...هى لا تنسجم تماما مع ايمن كماجد ...شيئا ما ينغز فيها ان كان بجوارها او حادثها ...تشعر بارتياح حين تعتمد عليه او تستدعيه فى مخيلتها حين تنشد الامان ...ثم ما تلبس ان تشعر بالارتباك يتجلى على محياها ويرقص على اوتار صوتها حين تخرج الكلمات مبحوحه وغير مكتمله ...
حتى انه يصمت دقيقه ...فتعيد هى كلماتها

انتظمت سارة فى التدريب ...كانت سعيدة بتلك الخطوة ..ولم تشعر بغربة وهى تتعلم اللغه وكانها تمارس شيئا تعرفه ..وكان ذلك سببا لشعور مريح لديها ومعلومة جديده تضيفها لمفكرتها الصغيرة التى تسجل فيها اى معلومة تصل اليها عن نفسها فى الماضى ..زينت احد الكلمات فى احد السطور  بزخرفه خاصة 《نادين》مررت اصبعها عليه بعد ان سجلت اخر معلومه توصلت اليها وهى اجادتها للالمانيه و جلست تردده بين شفتيها عله يذكرها بشىء ....رفعت رأسها حين وصلها صوت طرقات الباب ..عدلت من هيئتها وفتحت له ...
كان ماجد مطرق الرأس حزينا مهموما ليس كعادته فى بشاشته وانفراج اساريره ..عيناه مكسورتان ودائم النظر الى الاسفل...جلسا فى الشرفه ....كان يريد ان يبث حزنه والمه وصدمته من رد يارا اليه ...طلب الحديث اليها فكثيرا ما ارتاح معها فى حديثه فلربما اشارت اليه بفكره او رأى يقنع به يارا ....
تنهدت سارة وهى تفكر كيف تهون عليه الامر ...لكنها بكلمات بسيطه قالت ..
- يارا تحبك يا ماجد ...ولو لم تكن تحبك ما وافقت عليك وتزوجتك ..لكنها كأى فتاة تحلم بمنزل هادىء بجوار اهلها واصدقائها...
قال ماجد ونظرات الحزن والغضب فى عينيه مجتمعه
- انا اقدم لها فرصه كثير من الفتايات يحلمن بها ...سأخذها معى لامريكا حيث التقدم والتكنولوجيا ...لبلاد غير بلادنا بها الحياه الحقه ..
- ربما تخشى الغربه
- واى غربة تلك وهى معى ..
قالت سارة فى نفسها
غربة الاهل اشد غربة حتى وان كنت فى بلدك وبين اناس طيبين
قالت له سارة
هل تحدثت معها لتعرف اسباب رفضها
لوح ماجد بيده وقال
هى لا تتحدث معى ...ولا تعطينى فرصه لاقناعها
سكتت لتفكر فلمحت بطرف عينها ايمن بالداخل ينظر اليهما ..صرف بصره لما رأته وراح الى وجهته ..
ارتبكت سارة وابتلعت ريقها بصعوبه واستأذنت منه
_ ماجد ...سأذهب لاشرب بعض الماء....هل احضر لك شيئا تشربه ..
رد ماجد بهدؤ بعد ان هم واقفا
لا داعى انا سأذهب ..
تركته سارة يذهب وخرجت تبحث عن صاحب النظرات الحارقه التى تلقتها منذ قليل فلم تجده ..

..............