السبت، 17 نوفمبر 2018

6


عاد الجميع من زيارة والدة امانى وامل من المشفى ...
جلس عصام بجوار والدته على الاريكه فى صالة المنزل الواسعه
اخبرونى كيف حماتكما
نظر حازم إلى اسفل وقال بأسى :
ليست بحال جيده
الجده : لطف الله بها وخفف عنها الامها
ثم توجهت بسؤالها لحسام ..هل ستبيت زوجتك معها ايضا الليله
قال حسام : تتبادل هى والدكتوره امل..سأرسل اليها سيف يحضرها وتبيت الدكتورة معها الليله ..
سألتهم عن الابناء وكأنها تذكرتهم ..
بالمناسبه اين هم الاولاد
قال حسام ..ارادوا الخروج والتنزه فتبرعت ثناء  بذلك فمنذ اتينا انشغلنا بمرض جدتهم ولم يخرجوا 
هز المكان صوت باب يغلق بعنف ثم خطوات مسرعه تهبط من اعلى الدرج ..كان حسن زوج سها ...
نادى عليه حسام فلم يجيبه وخرج مسرعا
قام حازم وقال : يبدوا انه تشاجر مع سها
هبطت سها ايضا على عجل ويقفز الغضب من وجهها
هل رأيتم حسن
قال حسام لا تبحثى عنه خرج مسرعا ولم يسمعنا حين ناديناه
قالت الام
ماذا حدث ؟؟
هبطت سها اخر درجات ووقفت امام امها واخوتها الحسام وحازم ..
امى ستعودين معى اليس كذلك
عبثت الام ونظرت بعيدا ثم قالت
ذلك امر اهلكناه نقاشاً
قال حازم: ...الذلك تشاجرتم
قالت سها وهى تجلس على الكرسى وتضع رأسها بين يديها
انتهت اجازته ويريد السفر
وما المانع فى ذلك ..اليست دراسة الفتايات ستبدأ ايضا ...سألها حازم وهو يجلس قبالتها
قال حسام : الم تعلم أختك بعد يا حازم ..اختك لا تريد السفر دون امى
رفعت سها رأسها بغضب وقالت
وما المانع ان تعود امى معى ..انا لا استطيع ان اعود بدونها
ثم بكت ...
وقفت الام وقالت ..لا تفعلى مثل الصغار واكبرى قليلا ...انا من اخطأت ..انا عودتك على ذلك ..
ثم انصرفت الى غرفتها

فى احد المطاعم جلست العمه مع ابناء اخوتها لتناول العشاء كان جميع الابناء فى انسجام "احمد" و"زياد" و"على " كان معظم حديثهم حول كرة القدم والاعبين الاجانب والعرب اما روبان وسندس ورؤى كان حديثهن ذو طابع انثوى فتحثن عن الملابس والاكسسوارات تارة واخرى عن الهواتف الذكية والاجهزة اللوحيه وبعض التطبيقات الحديثه  والصغيرات سارة والاء وسلمى كن يلقين النكات ،.اما العمه وربا  وسيف واحيانا (علىّ ) كان حديثهما منوعاً فكانت العمه تقفز معهم من موضوع لاخرلتواكب انتقالهم السريع بين الموضوعات والاحاديث
حدثينى عن دراستك يا ربا ..قالت والدتك انك تدرسين العلوم الانسانيه
بالفعل يا عمتى ادرس العلوم الانسانيه كما تمنيت .
لما لم تردسين الطب مثلا او الهندسه
فى اوربا الامر جد مختلف يا عمتى
العلوم الانسانية اصبحت هناك اهم من دراسة الطب
اعترض سيف قائلا
وهل ستعالجين نفسك بالفلسفة ام بعلم النفس
اطمئن ...لن احتاج لعلاجك
قال سيف : كيف
قالت ربا بسخريه
لانى لست من الفراعنه القدماء حتى تعالجنى بعلومكم العقيمة
ضحك الجميع
ورد عليها سيف بضحكه صفراء
لنرى يا ابنت اوروبا ، دعى الايام بيننا لربما اتت بك تترجين  علاجى

على اطرف  المائدة كانت رؤى تسترق النظرات على خجل
لم تشاركهم الحديث لكنها كانت مستمتعه ...مستمتعه به تحديدا وبحديثه ونكاته حتى مشغباته لربا ...
كانت تعود لحديث سندس وروبان وسارة  بين الفينة والاخرى وربما اعادها من شرودها فيه صوت ضحكات الفتايات وضجيج حديثهن ...
حاولت ثناء التى كانت تجلس فى منتصف المائدة فتقسمها نصفين على يمينها الفتايات وربا امامها ثم على الجانب الايسر يجلس سيف وعلى واحمد وزياد
حاولت ان تتواجد فى احاديث الجميع تشارك الفتيات احاديثهن وتفك تشابك كلامى ما بين سيف وربا او سيف وعلى وتنتقل الى احمد وزياد واحاديثهم ...
سرحت ثناء قليلا ثم عادت تعتزم امرا فى داخلها ولن تقدر عليه الا بمساعدة والدتها بالطبع ....

كفرسة جامحة متمردة وعصية ....لم تختلف كثيرا عن الطفولة زادتها السنون قوة وتمرد ...هكذا حدث نفسه عنها ..
لازالت نبتته فى الظل لا يعلم عنها احد شىء ..ولا هو يريد الافصاح عنها ...ربما شعر احيانا معها انها تعلم بأمرها ..
يرى فى خبايا ابتسامتها نظرة خاطفة الى مكنونه فتراها رغم حصاره لها وابعاد الجميع عنها حتى لا تفسد ...

فى الصباح حضرت ثناء لبيت العائله ..اخبرتها احد الفتايات ان الجده فى شقة سها  , ربما لتحل الخلاف الذى نشب بالامس بين سها وزوجها ..
دخلت المطبخ لتحضر الفطور فهكذا تفعل منذ ان حضرت والدتها ثم الجميع ...يذهب زوجها لعمله وتحضر هى الى منزل العائله فتتناول معهم الفطور وتقضى اليوم معهم بصحبة امها واخواتها واولادهم ..
نزل الجميع والتفوا حول المائدة ... جلست الجدة وجلس حازم وحسام وزوجته امل وكعادتهم منذ عادو من غربتهم تتبادل الاختان المكوث مع والدتهم فى المشفى وتبادلها الاخرى فى صباح اليوم الثانى ..جلس بعض الاولاد بينما تغيب بعضهم ممن لا يحبون الاستيقاظ باكرا ....نزل ايضا حسن وسها يهمس بأذنها شيئا فتضحك وهى تمسك بيدى زوجها وينزلان سويا الدرج ...سها التى كانت بائسة بالامس مبتهجه وسعيدة هذا الصباح مما اثار اندهاش الجميع ....
باغتها حسام قائلا
سها ..اراكم اليوم افضل حالا
قالت ثناء مبتسمة
امسك الخشب يا ابا سيف
ابتسمت سها بخجل

فقال حازم
افهمنا انت يا حسن هل اجلت السفر ام ماذا ؟
اجابة حسن وهو يرتشف من فنجان الشاى
لا لم اؤجله
نظر الجميع اليه منتظرين استكماله لحديثه ليزيل عنهم الحيرة والاندهاش
فأجابتهم سها وهى تمسح قطعة الخبز بالمربى وثمة ابتسامة انتصار على شفتيها
سنسافر كلنا معه ..
ابتلعت ثناء لقمة وضعتها فى فمها دون مضغ فقد وقع فى قلبها خوفاً ما ...وسكتت حتى لا يتأكد ظنها ...
لكن سها اصرت على افساد فرحتها بالتمام الشمل واتبعت
سيذهب حسن بعد قليل ليؤكد الحجز
قال حازم : هل اصدق هذا !! اخيرا ستتركين امى لتعيش هنا فى بيتها بعد كل هذه السنون...
قاطعته سها سريعاً : ومن قال ذلك
ستذهب امى معنا كما اتيت معنا
هنا نظرت ثناء الى سها طويلة ثم التفت لتقرأ على ملامح امها شىء وقد فهمت اثر زيارتها لسها فى الصباح ...هكذا نجحت سها فى استجلاب عطف والدتها لتسافر وتعود معها ..
شعرت الام بالحرج من نظرات ثناء فقامت من المائدة سريعا قبل ان تشتعل نار خامدة منذ سنين ..
صرخت امل بعد ان ردت على الهاتف وبكت فى حضن حسام الذى التقط منها الهاتف ليعلم من امانى ان والدتها توفت ...

حضر الجميع مراسم العزاء ...واضطر حسام للمغادرة سريعا مصطحباً معه امانى التى انهارت كثيرا بعد فراق امها ...وكانها بكت فراقها السنوات الماضيه ..بكت قساوة قلبها وهى على قيد الحياه ....بكت كيف مرت اعوام ولم تنعم فيها بقربها لما كانت بصحتها ...كيف لم تجلس تحت قدميها ف مرضها سوى تلك الليالى المعدوده منذ عودتها ....
كان موتها صدمتها التى افاقتها من غيبوبة عِنّدِها مع اخيها الاكبر على ميراثها واستحواذه على امه .....

تأثر سيف لحالة امه وود ان لا يتركها لكن دراسته كانت على وشك البدء ...وتأثر أكثر للحرب التى اشتعلت فى صمت ما بين عمتيه سها وثناء حول سفر الجدة مرة اخرى ..
تعكر الصفو الذى زين البيت الكبير اياماً ...وبدأ انفرط العقد وسفرهم واحد تلو الاخر ابتدئه حسام واسرته ثم سها وزوجها وابنائها ....ثم حازم وامل وابنتيه روبا وربان
ها هى تسافر ثانية ويُحرم من وصلها ولا يعلم متى القيا مجددا ...فاض قلبه واشتعل اراد ولو ان يخبرها بأى شىء مما يجول بين جنبيه ...لكن نفسه ابت فى عزه ..
اوصلهم المطار ...وودعهم ...وقفت ربا امامه فقال ..
متى ستعودين
لا اعلم ...ربما قريبا
لملم شتاته وقال
كانت زيارة قصيرة ....لم نتحدث
ابتسمت فى خجل وقالت
...اعلم ....
وحملت حقيبتها وانصرفت وغابت بين الاناس فى زحمة المسافرين
زادت نبضاته لا يعلم اشعرت به حقا  ..أوصلها ما يكن لها ؟!
هل عنت بالفعل انها استشفت ما بدخله؟!!..
سيظل هكذا حائرا حتى تعود وتؤكد ما شعر او تنفيه
لكنه والاكيد انه جمله الحب الذى حوطه وأنار داخله ....

خلى البيت الكبير بعد تفرق الأحبة ، اصر سيف البقاء به لكن تحت ضغط عمته وافق بالعودة معها و(على) الى بيتها .

انفك تماسكها بعد ان سافروا جميعاً وتبخر حلمها بالنعيم بأمها وجوارها وجال بوجدانها انه لن يتحقق وان تبقى ثناء  هى الغريبه فى بلدها دون ام او عائلة ، حاول زوجها ان يخفف عنها ، لكنه اعتاد ضيقها هذا خلف كل زيارة ولكن هى ألن تعتاد !!! لا بأس ..ستعود بخير بمرور الوقت ، هكذا حدثته نفسه .

هناك فى الخليج لازالت امانى تعانى حزنها على وفاة والدتها ، ربما كان حزنها اكثر على فوات الأوان فوفاتها ايقظتها من عنادها مع اخيها الاكبر على ارثهم  ، هكذا صرحت لأمل وهى تحدثها عبر الانترنت ..
قالت لها أمل : هونى عليك اختاه ، ماكان الحزن ليعيد من رحلوا للحياه .
أمانى :  ليتنى استسمحها واقبل يديها ، ليتنى كنت اتصل بها واطمئن عليها .
امل : لن يفيد الندم ، استغفرى وادعى لها .
أمانى : استغفر الله واتوب اليه ، لكنى لن انسى لك انك كنت على اتصال بها وبأخيك من دون علمى .
حاولت امل الدفاع عن نفسها وتلطيف الامر فقالت :  حاولت معك اكثر من مره لو تذكرين ؟! و دماغك الصلبه قد طبعت على قلبك وابيت ...اتعلمين ، كانت رحمها الله تسألنى عنك وعن اولادك وزوجك .
تنهدت امانى وسمحت لدمعات الانسياب على وجنتيها
وقالت  : امل لا تخفى عنى شيئا ابدا انت اختى الوحيده وليس لى غيرك فى هذه الحياة .
اسرعت امل قائلة : بل لك زوجك واولادك و…...واخى مصطفى بارك الله فيك وفيهم .
ردت امانى ساخره : مصطفى !!

انهت امل المكالمه لتشعر بنفس الالام مجددا فاتجهت نحو الحمام تفرغ ما بمعدتها وتختبىء من الجميع ،
لا تحب ان يرى المها احد ، ولا ان يحمل هما غيرها ، ولا ان يتعكر صفو احدهم بسببها ، تتحمل من اجل الجميع ، ولا تريد ان يتحملها احد لذا قررت ان لا يعلم احد بمرضها ولا حتى حازم زوجها الذى لاحظ فقدها عدة كيلوات من وزنها فى فترة قصيرة وارجع ذلك لحزنها لوفاة والدتها ، حتى انه اجاب على سؤال روبان حين استفسرت عن سبب شحوب وجه امل بنفس السبب ، اما روبا التى لا تلقى بالا بمن حولها فلم تلاحظ شيئا ، ورغم شدة تعلقها بأمل واعتمادها كثيرا عليها لكنها لم تنتبه الى ثم تغيرات .
كان هذا ما يقلق امل دائما،  طيش روبا واستهتارها وعدم تحملها المسؤلية  واعتمادها الكامل على الاخرين واختها الصغرى .

---------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق