الاثنين، 19 سبتمبر 2016

34

سارة ...سارة ..
نادتها ام ايمن لتوقظها ..
قامت منتفضه على صوت الطرقات ونداء ام ايمن
فتحت الباب بالمفتاح وعادت ادراجها على الفراش
- استيقظى يا ابنتى ...ما كل هذا النوم ...هل تركت العمل كى تنامى النهار كله. .قالتها ام ايمن مازحه
فتحت عيناها فجأه وانتفضت جالسه حين تذكرت لا تعلم اكانت تحلم ام ما راته جزء مفقود من الماضى ...
انتبهت لام ايمن وقالت
- هل نمت كثيرا ؟!!
اجابتها ام ايمن وهى تدفع بيديها شراع الشرفه وتدلى الستائر امامها
- لم تنامى هكذا منذ فتره
جلست بجوارها على السرير واتبعت قائلة
- حتى ايمن حاول ايقاظك لصلاة الفجر ولم يفلح
قالت بانتباه اكثر
- ايمن
ام ايمن : نعم ..طرق الباب كثيرا ..اراد ان يدخل لكن الباب كان موصدا من الداخل ..وذلك افضل .
وابتسمت ابتسامه ماكره ثم قامت وقامت سارة خلفها ...

أخيراً تواجدا على الانترنت فى نفس الوقت ..فرح ماجد حين فتح برنامج المحادثه وقرأ تلك الجمله التى طرب لها قلبه حين رأها " نشط الان " ظل ينظر اليه يقلب فى الرسائل القديمه قبل العقد وبعده كانت كلها قبل سفره بأيام حتى النقاشات الحاده حول السفر ورفضها قرأها من جديد....قرأها كلها ..ظل يرفع فى شريط الرسائل بأصبعه وينزله ..يفتح صورتها الشخصيه ..التى تذيلها كل فتره وتضع غيرها ..بعضهم لفتايات صغيرات يحملن الازهار او يلهون فى الروبا الخضراء او تحت المطر ...وبعضهم لقلوب منثورة فوق الاشياء ...

رغم فروق التوقيت بين مكانها ومكانه الا ان شىء بداخلها جعلها تنتظر حتى عودته وظهوره نشط على الفيسبوك ...
غفوة اصابتها وهى تنتظر ..افاقت فوجدته قد ظهر حقا ..همت بالاغلاق لولا انها رأت علامة انه يكتب الان فتراجعت للحظه ..فظهرت كلمته التى كتبها ..
- مبروك لأختك ..
ترددت هل تجيبه  ..حاولت ان تكتب لكن كبريائها كان اقوى ..فأغلقت المحادثه وفصلت الانترنت تماما ..حاولت ان تنام وثم ابتسامه على فمها ...رغم فراقه ..ورغم ان اول كلمه له معها بعد فراقهم لا تعنيها ..كانت مباركه لاختها
الا انها باتت سعيدة جدا بها...

لا تنام سارة حتى يأتى ايمن مساءا من الصيدليه... يتناولان طعام العشاء مع امه ثم تشاهد هى مسلسلها المفضل ...يجلسان بجانبها يتحدثان ..
حكى لها عن عمله ومتاعبه به وعن الغش الذى يلحظه لكنه لا يملك دليلا ...حكى عن التحقيقات التى لفقت له حتى يسكت ولا يثرثر مع احد عنها ..
استمعت له بتركيز ...احبت كلماته وحديثه عن ...كانت فرحه لأزاحته للصمت الذى كان يغلفه احيانا كثيره ظل يحكى لها قرابة الساعة ...وكأنه يفرغ جعبتة الممتلئة منذ سنين ...انتهى المسلسل ..واستدارت ام ايمن تستمع لحديثه ايضا ...اختتمت بعض جمله بتعبيرات تعاطفا مع ما يحكية والتى كانت تسمعه لأول مره ...لم يكن يحكى امامها كثيرا ..يكتفى بطلب الدعاء منها ويحدث والده بالتفاصيل ...حكت له عن حلمها وتفاصيله ....
وارتسمت على ملامحها علامات التركيز وبعض العبوس ...حاولت تذكر اكبر قدر من تفاصيله ..
اعطاها كل تركيزه واهتمامه وهى تسرد له الحلم ...للحظه اعتقدت ام ايمن انها تذكرت وتحكى جزء من الماضى ...اعاد عليها ايمن انه حلم ...
سمعوا صوت صرير الباب فالتفوا اليه جميعا ...فكان القادم هو ياسر ..
تثائبت ام ايمن وقبل ان تقف سألت ياسر
- ياسر هل احضر لك الطعام  ..  


الخميس، 15 سبتمبر 2016

33




احست سارة انه لا داعى من عملها فى مركز الترجمه فهى لم تكن تدرس اللغات يوما لكن يبدوا انها اتقنتها بطريقة ما وشغلها اكثر كونها صيدلانيه درست الصيدلة فتقدمت بأستقالتها ...احست بعدها بأرتياح وخاصة انها سترفع الحرج عن مالك ولن يضطر لمحاشتها فى العمل كل صباح ...سر ايمن عندما اخبرته بذلك ...واكد لها انه لن يتخلى عنها يوما ..وسيبحث معها عن اسرتها واهلها بعد كتب الكتاب الذى تحدد فى نفس يوم زفاف يمنى فى قاعة افراح صغيرة مناسبه ...بعد ان استطاعت استخراج شهادة ميلاد لها فأمكنها ذلك من استخراج بطاقة رقم قومى ببياناتها التى علمتها من شهادة الميلاد ....

على فراشها تحملق فى سقف الغرفه وعلى فمها ابتسامه واسعه وقلبها يتسارع نبضه من كثرة الخفق ، تتلمس بأصابعها خاتم الخطبة ...فتهدأ نبضات قلبها قليلا ..ثم تتزايد سرعته عندما تتذكر ابتسامه ايمن الهادئة التى رسمت اسمى معالم الفرحه على وجهه  بعد ان ردد المدعوون بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير اعلانا لانتهاء المأذون من العقد...تزداد ابتسامتها ومعها احمرار لوجنتيها ...احضنت وسادتها اخيرا وغاصت فى النوم ...

نادين ...نادين .....
تخلل الى الغرفة ضوء الشمس من النوافذ التى ازاحت عنها المربية الستائر الثقيلة ....افاقت مبتسمه .....تفرد اذرعها فى الهواء تنفض عنها غبار الكسل فى يوم جميل ...تعده هى اجمل يوم فى العام ....وقالت بصوت متهدج ...صباح الخير يا دادا..
اجابتها المربية وهى تكمل فتح باقى الموافذ ...كل عام وانت بخير يا صغيرتى ....
ارتسمت ضحكه جميلة على وجه نادين وقامت من فراشها واحتضنت المربية فى سعادة ...
على مائدة الافطار ...وقفت تأكل على عجل ...فحدثتها امها بصرامة. ..
- نادين لا احد يأكل هكذا ..
اجابتها بمرح
- متعجلة يا امى ...
قالت والدتها والتى يبدوا عليها انها سيدة ارستوقراطيه كل شىء لديها بأصول واتيكيت معين ...
- هل ستتأخرين اليوم ايضا
اجابت نادين بعد ان ارتشفت من كوب العصير عدة رشفات متتاليه ..
- ربما ...لكننى سأمر على والدى بعد الجامعه

فى مصعد شركة والدها كانت تستقله الى مكتبه ...انهت محاضراتها منذ نصف ساعة وأتت اليه كما طلب منها ..توقف المصعد فى احد الادوار ...ركب شاب تعرفه جيدا ...تراه كلما اتت الى زيارة شركة والدها ...لا تعلم اسمه لكنها تسر بالغ السرور ان تقابلت معه صدفة فى اثناء زيارتها ....ابتسم لها الشاب ..فانكمشت فى نفسها ...واطرقت رأسها لاسفل ..وصل المصعد وخرج منه الشاب ..وتبعته هى ايضا...فكان يسبقها بخطواته الواسعه ..حتى انه وصل اخيرا الى مكتب رئيس مجلس الادارة ...نفس وجهتها تقريبا ...لكن انفاسها المتقطعه ...وجسدها المضطرب جعلها تتأنى فى مشيتها حتى وصلت ...قابلته ثانية وهو يخرج من مكتب والدها ...فحياها برأسه وانصرف ...
طرقت الباب..واطلت برأسها اولا لتتأكد ان المكتب خالى ...فصاح والدها فاتحا ذراعيه ...
- اوووه نادين ....كل عام وانت بخير يابنتى
ضمها الى صدره ....تلك اللحظات التى تكن فيها فى هذا المكان وهذا الدفء وهذا الامان هى من اسعد لحظات حياتها كلها ..
فتحت عينيها ورفعت رأسها اليه وهى لازالت متعلقه بجسده وقالت ...
- ابى حبيبى ماذا احضر هدية لقرة عينه حبيبته فى يوم مولدها ..
-توقعى انت ماذا احضرت ..
قالت وهى تدس رأيها زيادة فى كتفه
- لا احب التوقعات ..احب المفاجأت
ابعدها قليلا وفتح درج مكتبه واخرج مفاتيح سيارة ..يظهر نوعها من داليتها ....مرجحها امام عينيها ...فصاحت واخذتها بلهفه كبيرة .
ثم قفذت بنفسها مجددا فى حضن ابيها تشكره على نوع سيارتها الجديده المحبب لديها والتى كانت تتمناه ....


الجمعة، 9 سبتمبر 2016

32


اعتدلت السيده ام ايمن وامسكت بكفى سارة وقالت فى جده
: لا لا ...لاتوافقى بسهوله ...فكرى جيدا ...صحيح انه حبس انفاسنا حتى صدح بما فى قلبه وما نتمناه ...ولو كان ابو الهول لكان تكلم منذ زمن ...وصحيح انه اكبر ابنائى واقربهم لقلبى ...لكن خذى وقتك
ضحك ايمن من كلام امه عنه ..وعلت وجهه ابتسامه جميله ...ونظر الى سارة التى تلونت بالحمرة خجلا وانصرفت تختبأ خلف باب غرفتها المغلقه.....
فى نهار اليوم التالى تحدث اليها الحاج عبد الرحمن بعد انصراف ايمن الى عمله ...والابتسامه التى تزين محياه دائما متزايده هذا اليوم...وبدى وجهه اكثر اشراقا وسعادة ...
قال بصوت هادىء ممزوج بالمرح ..
: ما رأيك يا بنتى فى ذلك الشاب ابن ام ايمن
ونظر الى ام ايمن واشار بوجهه اليها وغمز بعينه اليها ...فمصمصت زوجته شفتيها ورفعت جانبهما من اشارته لايمن على انه ابنها هى فقط ...
واكمل هو على نفس الوتيره ..
: انا لم اوافق حتى الان ..اخبرته ان على سؤالك اولا فانا ولى امرك اذا اذنت بذلك ..
هزت رأسها ايجابا وابتسمت
ابتهج الحاج والحاجه وبارك لها ثم خلى حديثه من المزاح وتمثل الجديه قليلا حين قال ..
: اقول يا ابنتى اننى ارجح كتب الكتاب ..ذلك احفظ لك ..
ثم نظر اليها واكمل ..
ولك الحرية طبعا فى اختيار الوقت المناسب لاتمام الزواج ومن قبلها لك الحرية كامله فى الموافقه او الرفض على كتب الكتاب واستبدالها بخطبه صغيرة ..
تفهمت جيدا ما قاله .. وقالت
: عمى ليس لدى بطاقه او اثبات شخصيه ...كنت افكر فى الامر منذ عرض على مالك الزواج ..
سكت الحاج ونظر امامه وفرك ذقنه وقال
: تاهت عنا تلك المعلومه ...لكن لا تقلقى لى قريب يعمل فى مصلحة السجل المدنى سأتصل به لنعلم كيف يمكنك استخراج بطاقة واوراق رسمية ..
.........
يوم الخميس يوم اجتماع العائلة على العشاء ورغم التوتر الذى حدث بين يارا وماجد ومشكلتهما الا ان العائلة واصلت الاجتماع كل خميس بعد سفر ماجد ...
لم تترك يمنى تلك الفرصه لتختلى بصديقتها بعد سماع الخبر لتسمع منها للمرة الثالثه كيف طلبها ايمن وماذا اجابته ... حتى ان سارة قالت فى ضجر
: ما بك يمنى ....قصصت عليك الامر ثلاثة مرات
ضحكت يمنى بصوت مسموع وقالت
: لا اصدق انه تكلم اخيرا
استعجبت سارة من نفس الجمله التى رددتها يمنى هى الاخرى ...هل كانوا يعلمون وهى لا تعلم ...

زغردت ام على عند سماع الخبر ايضا ...وتحدث الجميع حول الامر ..وراق لهم ان يجعلوا كتب كتابهم فى يوم زفاف يمنى وخطيبها خالد ..
ثم بعد العشاء جلس الحاج مع ابو على وجلست ام ايمن واختها ...وتجمع الباقين فى الطرف الاخر من الصاله ...
قالت يمنى مازحه : لن تصدق يا ايمن كيف كانت تعتقدنا سارة فى بادىء الامر ..
احست سارة بالحرج لكن يمنى اكملت
: كانت تظن انك ستخطبنى وان بيننا قصة حب .
ضحك الجميع وابتسمت سارة خجلا ونظرت لاسفل ..
بينما قالت يارا
: كيف هذا هل يخطب الاخ اخته ؟!
قالت يمنى : لم تكن تعلم يا يارا انه اخى ...ولكننى كنت اعلم من هى التى سلبته عقله وود ان يخطبها
وغمزت بعينيها ناحية سارة وايمن
قال ايمن : بل سلبت قلبى أيضاً. ..ونظر اليها باطراف عينه ..
فخفق قلبها خفقا شديدا وازدادت حمرة وجهها ....
لم ينم كل منهما من كثرة تفيكره فى الاخر ....هدأ قلبه وكف عن الضجيج...وارتاح خافقه واطمئن ان طيره لن يطير لغيره ...احس شعورا لم يشعره من قبل ..اختفى خوفه من تلك الخطوة ...تبدد جبنه من الاعتراف بحبه ...لم يكن يعلم ان شفائه سيكون على يديها ..

وهى ارتسمت السعادة على وجهها وقلبها ....سكنت روحها وهدأت ...ربما آن الاوان ان تتجه بطاقتها فى اتجاه واحد ...ان تحارب فى جانب واحد ....ان تستجمع نفسها المشتتة لتنطلق وتبحث عن نفسها وعن عائلتها ...تحتاج لسكن يكون هو عالمها التى افتقدته ولا تعلمه. ..ان يكون عون لها ودافعا لتجد محتوايات الذاكرة المفقودة من اشخاص وذكريات ....

فى المساء ..بل فى كل مساء يفتح ماجد كل برامج التحدث عبر  الانترنت يرى اخر مره لتواجدها ...يغتح صفحتها على الفيس بوك ويتابع اخر مانشرته ..ويستنتج من تعليقاتها عند صديقاتها حالتها النفسية ..ومزاجهها ...
يدعوا الله كثيرا ويبتهل فى دعواته ان يجمع الله قلبيهما ...ان تلين له وتفتح مغاليق قلبها من جديد .....حبيبته وزوجته التى تمنى رضاها وقبولها ولم يكن يرغب فى اكثر من ذلك حين فوجأ بحبها أيضا. ..بحب لم تكن تعيه بشكله..لقرابتهم ورحمهم ....لكنه حين صرح لها بحبه امام باب الجامعه ...اصابتها رعشة واهتز خافقها رغم موراتها واختبائها خلف ذلك القناع ...حتى حين فاتحها ثانية فى شرفة منزلهم ..ومقارنتها له بأخيه لتدفعه دفعا لاتخاذ خطوة جادة ما كان الا انها هى ايضا تريده زوجا وحبيبا ..
يتذكر تلك اللحظات وهو يشاهد صورهم على شاشة حاسوبه او هاتفه النقال ....
يراى شارة برنامج المحادثه امام اسمها مضىء علامة على وجودها حاليا ...فيغلق هو سريعا حتى لا يتزامن وجودهما متاحين معا  ....
تنظر هى الى اسمه الذى كان مضىء منذ ثوان وتقرأ فى اسى تحت اسمه تلك الجمله " نشط منذ ثوانى "
فتزم شفتاها ..وتغلق ...
حاولت معرفة مواعيد عمله ....ومواعيد عودته لسكنه ...وحتى مواعيد تواجده متوفر على شبكات التواصل ...
كانت تشعر باطمئنان غريب لمجرد تلك الجملة المكتوبه اسفل اسمه المضىء " نشط الان " ....

فى صباح اليوم التالى يوم الجمعه ...استيقظت سارة مع صوت زقزقة العصافير على شرفتها ...اكانت الاولى التى تقف فيها تلك العصافير ..ام انها لم تراهم من قبل ..ام انها زقزقات قلبها الطائر فوق غمامات السعادة والحب ...
كانت خجله حتى انها كانت تختفى فى الغرف والمطبخ كلما سمعت صوته بالمنزل ...انطلقت قليلا وكفت عن الاختباء وقت صلاة وخطبة الجمعه ...ثم تابعت ذلك حتى الغداء ...احس بخجلها واراد مشاكستها اكثر من مرة لكن امه كانت تنهره وتقول فى حزم
: ابتعد عن الفتاه لا شأن لك بها حتى تعقد عليها ...
فيعود ادراجه ينتظر ذلك اليوم والاكثر من ذلك ينتظر يوم الزفاف ..
تلقى هاتفا من خالد خطيب يمنى وصاحب مركز الترجمه اخبر فيها ايمن ان سارة تركت العمل بالمركز وقدمت استقالتها  ..كان يسأل ايمن هل هو من طلب ذلك منها ام لا ....لانها كانت مصرة عليها ....