الجمعة، 29 يوليو 2016

25

التفتت اليها حتى صارت فى مواجهتها تماما فابتسمت الفتاه التى كانت تقربها تقريبا فى السن وتنظر اليها منذ دخلت وراتها امام المرآه...فى بادىء الامر ظنت انها اخرى حتى انسدل شعرها البنى الطويل ...
: مبارك ارتدائك الحجاب يا نادين
بعينين زائغتين وانفاس متلاحقه ظلت تنظر اليها سارة وكأنها غريق فى موج كالجبال قد عثر على قشه يتعلق بها..هزت رأسها بإيمائه بسيطه لتكمل تلك الفتاه لكن طفله صغيرة أتت وتشبثت بثوب السيده وجذبته عدة جذبات صغيرة وقالت بصوت ضعيف : مامى ..انتهيت ...مامى هيا..
امسكت السيده بيد الصغيرة وبيدها الاخرى تحمل الرضيع وهزت راسها إيجاباً ثم اعادت النظر الى سارة الواقفه امامها وقالت بنفس الابتسامه
: سعدت برؤيتك يا نادين
وهمت بالانصراف فأوقفتها سارة واستجمعت قواها واخرجت هاتفها وطلبت منها برفق رقمها ثم تصنعت انها تتذكرها لكن الاسم تاه عنها قليلا فذكرتها الاخرى بالاسم فسجلته سارة والرقم وتركتها السيدة وانصرفت. .

عدلت من هندامها وغسلت وجهها بالماء وتنفست الصعداء وخرجت ..لم تنتبه لبقية حديثهم. .ظل عقلها يفكر بالسيدة.. ظلت تستعيد تلك الدقائق القليلة ..تتذكر ملامح السيدة ...تتذكر مناداتها لها ..لازال وقع الاسم غريب لكنه الان اصبح مؤكدا ..تلك هى الثانية التى تنادى فيها بنفس الاسم ..وفى مكان اخر وسيدة اخرى ربما يجدر بها ان تلقبها فتاه لانها تقربها فى السن تماما حتى لو كانت ام لطفلين
..
لم تتحدث امامهم بشىء ..انتظرت حتى المساء حتى استجمعت قواها وهدأت نفسها ورتبت افكارها مرة اخرى
..وحدثت مالك ..الذى ابدى فرحا ظاهرياً ثم اخذ يلقى دعابات حول الاسم وانه لا يفضل نادين ستظل سارة وسارة للابد ..لم تلقى دعاباته استحسانا منها ..فتوقف عنها وسكت ..ثم تكلم بجدية اكثر ...
مالك : لن يغير ذلك من أمرنا شيئا؟ اليس كذلك !
سارة : ماذا تقصد ؟؟
مالك : اقصد امر زواجنا ....وموعده
سكتت سارة لبرهه طويلة ...فأستشعر مالك ما يجول بخاطرها فأراد تلطيف الاجواء وقال مازحا
مالك : هل اعتبر ذلك السكوت علامة الرضا
اغمضت عينيها بقوة وضغتت باصابعها على مقدمة رأسها وقالت
سارة : مالك اشعر بصداع ..سأغلق واهاتفك حين اتحسن ..الى اللقاء ..
حاول ثنيها عن اغلاق الهاتف وانهاء الحديث بهذا الشكل فلم ينجح ..شعر بضيق لما حدث خلال اليوم وعن الفتاة التى قابلتها ..فقد كان يعتقد انها ملت من انتظار الامل بان تعود اليها ذاكرتها او كان سيقنعها هو بان لا امل او يتزوجا وتعود اليها الذاكرة على مهل ..
لكن مقابلتها لتلك الفتاه افسد كل احلامه ....

ظل الصداع يدمدم راسها حاولت تناول حبة الدواء التى وصفها الطبيب لها فى اخر زيارة له مع ماجد حين اشتكت من معاودة الصداع على فترات قريبه لكنها فوجئت به فارغ ..نسيت ان تحضر غيره عند عودتها من العمل ..
خرجت تبحث عن ياسر فالوقت قد تأخر ليحضر لها اخر فرأته على الكنبة نائما ويبدوا من وضعه انه قد غط فى نوم وهو يشاهد التلفاز ..من طرقات الصداع المتتالية لم تستطع الا ان تهاتفه هو ...
أيمن : الو سارة
بصوت ضعيف يخرج من بين انين راسها قالت
سارة : نفد دوائى ..واعلم انه متوفر لديك بالصيدليه ...هلا احضرته لى ..
بلهفه سألها فقد كان واضحاً من صوتها قدر التعب التى تعانيه
أيمن : ما بك يا سارة
سارة : لا شىء.. فقد صداع
اغلق معها الهاتف وعاد ادراجه الى الصيدلية التى كان قد اغلقها مع العامل منذ نصف ساعة وانطلق الى مكانه المعتاد اليومى امام مياه النهر الهادئة ..عاد يحضر الدواء لاجلها ورحل اليها مسرعاً. ..
طرق باب غرفتها فلم تجب اعاد الطرق فلم تجب ..طرق مرة اخرى لكن على باب غرفة والده فخرجت اليه امه تفتح نصف عينها وتقاوم النعاس ..
اخبرها باتصال سارة واحتياجها للدواء فهونت الامر انها بالتاكيد نامت الان وستعطيها اياه فى الصبح ..ترجاها ان تذهب اليها وتوقظها تتناوله وتطمئن بنفسها  ..فلم تصمد كثيرا امام الحاحه ..وذهبت اليها ..
ظل فى الصاله حتى خرجت اليه والدته واخبرته انها ايقظتها واعطتها الدواء وجرعة ماء ثم راحت فى نوم عميق ....


24



كان يجلس على اريكة خشبيه امام المياه على الكورنيش يتذكر يوم ذهب الى ماجد المشفى بعد انقاذها من الموت ...
وكيف اتت الى منزلهم وعالمهم وعالمه هو وكيف اقتحمت اوصاله وغزت روحه واستقرت فى منزلهم ....لما هم تحديدا ..لما لم ينقذها سوى ماجد ...لما شغلته وانشغل بها هكذا ....ولما.. ككل مرة أتى متأخرا ...لما تتشبث قدماه بالارض دون حراك فلا يخطوا خطوات صحيحه فى طريق حبه ...تنهد بحسرة ورفع يده بحصى صغيره ورمى بها على طول ذراعه فلم تحدث اى اهتزازات وكأن المياه تسخر منه فلا وقع هزات الا فى قلبك انت ..انت وحدك من تهتز الما على فقدانها  ...وها هى قد تمت خطبتها على مالك الاسبوع الماضى ...ترك يومها المنزل بعذر ان لدية جرد فى الصيدلية ثم فى اليوم التالى سافر بعدا عنها وبعدا بقلبه المشتعل ...حتى يهدأ او ينطفىء ...لكنه يعلم انه مهما طال بعده عنها.. فحتما سيعود بقلبه المشتعل والمحروق ألما من انقطاع الامل ...

حاولت هى إستبداله فى تفكيرها بمالك وتحييد مشاعرها جانبا فهى لم تكن تعلم حقيفة مشاعرها تجاه ايمن ولا حقيقة مشاعره ايضا ...حاولت الحكم على مالك بعقلها لا بقلبها ...كان طيب النفس ..حلو الحديث ..
احيانا تظن نفسها فى احد مرات تدريبه وتعليمه لها فى مركز الترجمه ثم تبتسم حين تتذكر انه فى منزل الحاج عبد الرحمن يجلس معها خاطب لها ..
تبتسم وتطرق خجلا ان اتى الحديث عن مستقبلهما وبيتهما وابنائه الذين سينجبهم منها ...
إلا ان الحديث يصيبها بأرق حين يلمح فيه مالك عن وجودها فى منزل الحاج عبد الرحمن ووجود ايمن وياسر به
حين ذكر ذلك اول مره اعتذر لها عنه لما المها من حزن لفقدها ذاكرتها وبيتها وحياتها السابقه ...لكنه ما يلبث الا ان يذكره بين الفينة والاخرى طالبا منها على خجل ان تترك المنزل لفندق او بيت مغتربات حتى يتزوجا ...
ثم يتبع حديثه برجاء ان تعجل الزفاف ...
يعجبها اهتمامه واستعجاله الزواج منها لكن يؤلمها فقدها لأهلها وحياتها السابقه لربما فرحت والدتها بخطبتها او لربما لم يوافقا عليه او ربما كانت فى الاصل خطيبة لاحدهم ..او زوجة...ثم تتفاقم الاسئلة فى رأسها .... لما لم يبحث عنها ...الم يكن يحبها...او ربما كانت مغصوبة على امر زواج فلذا قررت الانتحار....هز رأسها الصداع ثانية ..ونامت ككل مره تؤلمها بها رأسها فتنام عقبها كثيرا ..كان يتضجر مالك من ذلك ظنا منه انها تتهرب من مهاتفته او استقباله ..

خرجت ذات مساء من غرفتها على اثر اصوات بالخارج فكانوا جميهم امام الحاسب المحمول وتظهر من خلاله صورة ماجد وصوته يأتى متقطعا تارة وتارة سلس فيضحك الجميع على دعاباته ونكاته عن شعب امريكا ..
جلست على الكرسى مبتسمه لحوارهم ...يخفق قلبها بحنين اليه ..ذلك الاخ والصديق ..
ادار ياسر الجهاز اليها حين سألهم عنها ماجد
وقالت امه لها
ماجد يسأل عنك يا سارة
التفتت الى الحاسوب فظهرت فى الكاميرا فرأها فقال بصوت عالى
سارة الجميله ...كيف حالك طمأنينى ..
اجابته اخيرا
بخير يا ماجد كيف حالك انت
- اتعلمين اتذكرك كل يوم ..لدى زميله تشبهك كثيرا ..واخبرها بذلك دائما ..
واخذ يقص عليها بعض المواقف التى قابلته فى اول تواجده هناك ...
على المقعد المقابل كان يجلس ايمن مطرق الرأس ...لا يرفعه ..ولا يحق له ان يرفعه ..لكنه مستمتع بالحضور ..يشعر بدفء المكان ...سرعان ما احس بغصه حين اجابت ماجد عن سؤاله عن مالك وامر خطبتها الذى تم بعد سفره ....بإجابه قصيرة ومقتضبة قالت : ليس بعد
حين كان سؤاله
: هل حددتم معادالزفاف ؟
حاول التماسك اكثر من ذلك امامهم لكنه فى النهاية لم يفلح فأنتبه الجميع واولهم سارة على صوت غلق باب المنزل ..
لازالت تشعر بشىء لكن لا تعلم ماهو فنفضته سريعاً واعادت وجه الحاسوب الى ام ايمن وقامت الى غرفتها ...
تدون فى مفكرتها كما اعتادت فى الفترة الاخيرة ان تدون كل شىء عنها ...كل ما استحسنت شيئا دونته ...كلما احبت شيئا دونته ..لربما استفادت فيما بعد ذلك ..

فى نهار احد الايام على مائدة الغداء فى احد المطاعم فى الوسط المدينه دعا مالك سارة والحاج عبد الرحمن وام ايمن اليها ..لمد جسور الود مع خطيبته واهلها او من يقومون برعايتها كأهلها ...لربما رضيت عنه وعاملته بلطف اكثر ورضيت بتعجيل الامر ..ليكون الشهر القادم ..فوجئت من طلبه الذى قدمه للحاج عبد الرحمن دون الرجوع اليها ومشاورتها ...فأهتزت كاسة العصير من يدها فانسكب على طرف حجابها بعض منه

استئذنت لدخول الحمام لتذيل اثاره وتتخلص من نوبة غضب اصابتها من وقع حديثه المفاجىء لها...حاولت بمنديل ورقى تدارك الامر فلم يفلح الامر بحركات اكثر عصبية جذبته فأنفك حجابها وانسدل من تحته شعرها البنى ..فنفثت فى ضيق وجعلت ترمم ما حصل خلعت الحجاب وازالت اثار العصير ببضع قطرات من المياه وربطت شعرها جيدا حتى لا ينسدل منه ثانيا ...وحين اعادت نظرها للمرآه...رات تلك السيدة الشابة التى تحمل طفلا رضيعا وتنظر اليها بتمعن ...


الأربعاء، 13 يوليو 2016

كما انا 23

بصوت خفيض قالت ام ايمن وهى تسير خلف زوجها بعدما اغلقت باب غرفة سارة ..
- ستتصل به لتخبره ؟!
- نعم سأفعل لكن غدا بإذن الله فالوقت تأخر
كان الصوت ينخفض اكثر فاكثر حتى اختفى معهما خلف باب غرفتهما ..
اغلقت الباب وتنهدت وجلست على حافة السرير ..فقال عبد الرحمن وهو يرتدى عباءة النوم
- اعلم ما تفكرين به
- الم تكن تفكر بذات الأمر انت ايضا .
اسند ظهره على الوساده وأسند ذراعه على جبينه وقال
- النصيب
فقالت
الفتاه جميله ومهذبة ويبدو انها من بيت طيب ...
- ولا نعلم عنها شىء ...انسيتى هذا ..دعيها تتزوج ويحمل همها رجل يحبها ويحميها .. قال هذا وهو يخفى نصف وجهه الاعلى بذراعه .
- لقد مر ثمانى اشهر ولم تتذكر شيئا ولم يسأل عنها أحد
ثم اكملت
الم تقل لى هى أمانه عندنا حتى تتذكر او تعرف طريق اهلها ..
- ها أكملى ..او تتزوج ..ألم أقل ذلك ايضا  ..
لم لا يخطبها ايمن ...سألته بإستعجاب وسكتت قليلا ...ثم اكملت وكأنها تحدث نفسها قبل ان تحدثه
- كنت اظن ان ماجد هو من سيفعل
فقال : ألأنه انقذها ..اعتقدت انه يحبها
نظرت اليه نظرة ماكرة وقالت
لكنك تعلم من الذى يحبها ..
عدل من نومته ووضع يده تحت خده الايمن ووالاها ظهره
وقال فى سره
نعم اعلم وإن لم يتعلم هو كيف يدافع عن حبه للمرة الثانية ..فسيكون الدرس اصعب هذه المره ..

مشط ماجد شعره امام المرآه يستعد للنزول لعمله ..اخر يوم يقضيه فيه فقد حدد موعد السفر ..
كان ايمن قد استيقظ ايضا ..
- ماجد ...لا تنسى ان تصطحب سارة للطبيب ..موعدها الاسبوع القادم وستكون انت قد سافرت ...
نظر اليه ماجد باستعجاب وقال ...غريب انت يا رجل ..تهتم بها كل ذاك الاهتمام ثم تتركها لغيرك هكذا ببساطه
تركه ماجد وانصرف لانه يعلم انه لن يجد اجابه وحتى ان وجد فالوقت قد تأخر ...

حدد خالد مع أهل يمنى يوم للخطبة على ان يكون العقد والزفاف معا بعد شهر منها ..
دخلت سارة بعد ان فتحت لها أم على الباب طرقت الباب لغرفة يمنى ودخلت بعد ان سمعت صوت يمنى يخبرها بالدخول ..
مبارك يا يمنى ...مبارك يا حبيبتى
خرجت يارا بمجرد دخولها الغرفه ..فنظرت سارة ليمنى مستفهمه ..
فقالت : لا تبالى يا سارة ..اعصابها تالفه من سفر ماجد
قالت سارة بأسى : هل تعلم ...ان موعد سفره الخميس القادم ..
قالت يمنى مندهشه انه يوم خطبتى ...ثم أتبعت بتفهم اكثر ..لذلك تبدوا مستائه اكثر اليوم
قالت سارة : دبر الله امرها
- سيقدر الله لها الخير انا متأكده ..اتركينا منها الان ..هيا اخبرينى ماذا عنك ؟
ارتسمت ابتسامه خجل على ثغرها ولم تستطع عيناها اخفاء نظرة الحزن العميقه ..التى التقفتها يمنى واحتفظت بها حتى تكمل سارة حديثها
جلست معه كما ناصحتنى ..
غمزت يمنى بأحدى عينيها وقالت : ها وماذا وجدت ؟!
- يعنى ..هو ممتاز ..به الكثير من مواصفات اى فتاة
- وهل تطابق مع مواصفاتك !
صمتت سارة ونظرت للاسفل وامسكت طرف حجابها وجعلت تلفه على اصابعها ...لا تعلم مواصفاتها ...كل الصفات التى احبتها كانت لايمن فأصبحت تقيس عليها
عادة ادراجها سريعا وردت على يمنى
- لكنه وافق على شرطى
- اى شرط هذا ؟
- ان لا نتزوج حتى نعثر على اسرتى وأهلى
حاولت يمنى ابتلاع غصتها فقد تمنت ان ترفض مالك ..لعلمها بمشاعرها لايمن ومشاعره هو ايضا ..
وتصنعت الفرحه فى صوتها وحركتها الطفوليه فقد قفزت فى الهواء وسفقت بكلتا يديها ..
- اذا لدينا خطبتان وليست خطبه واحده
ضحكت سارة وقالت
لا لا سنتأخر عنكما حتى يحضر اهل مالك ..

لا جديد فى عصبية يارا ..فهى عصبية المزاج وسريعة الغضب ..لكنها زادت بمراحل بعد علمها لموعد سفره ...
زادها الامر عنادا ولولا انها خطبة اختها الوحيده لتركت لهم المنزل يومها حتى لا تراه ..
وبرغم كل الغضب والحزن اللذان يملأان قلبها الا انها كانت تنظر اليه عندما يتحدث مع الاخرين وأحيانا تبتسم رغما عنها لدعاباته ونكاته ..وفورا قامت حين التقت على غفلة منها عيناهما ...
دخل خلفها المطبخ ..وقف خلفها وقال بصوت حانى ..
- ألن تودعينى ...طائرتى بعد ساعات
ضمت قبضة يدها ولم ترد ..فقال مستعطفا
- يارا ..سأسافر ولن ترينى ..ربما لعدة اعوام
التفتت اليها ..وابتلعت ريقها وقد تصلبت اوصالها من كلماته وقالت
ستسافر قبل ان تطلقنى !!
اقترب خطوة ونظر فى عينيها
وكيف اتنازل عنك بهذه السهوله
هربت بعينيها مجددا ولفت لليمين وقالت
لكنك ..ستسافر
امسك كتفها ولفها نحوه وقال
ربما وجودى وقربى منك سبب ضغطا على تفكيرك وأعصابك ..
ربما تستطيعين التفكير افضل فى ابتعادى ..

علا صوت الزغاريد بالخارج ودخلت ساره وام ايمن لاحضار الحلوى والمشروبات ..فخرجت يارا بدخولهم ..

فنظر الى سارة مبتسما ابتسامه مرة وقال متصنعا المرح
العاقبة لك سارة لكن للاسف لن اكون موجود لأحتسى العصير وأأكل الحلوى ..ارسلى لى صورهم على الواتس
وأخذ كوبا وانصرف ..

انصرف الجميع ماعدا ماجد الذى سلم  على بيت خالته ابو على وخالته ويمنى وعلى لكنه لم يستطيع ان يسلم على زوجته يارا فقد اغلقت عليها باب غرفتها مع انصراف المدعويين ..
وعاد لبيته ليأخذ حقائبه ويسلم عليهم قبل مغادرته ...عانقة والده وتمتم فى اذنه ..احفظ الله يحفظك يا ولدى وداوم على صلواتك ..ولا تقطع صلتك بربك مهما يكن
فقبل ماجد يده وقال بدعابه ..لا تخشى على ولدك يا حاج
احتضنته امه ودموعها لا تتوقف حتى انها نسيت ماكانت ستوصيه اياه وقالت وهى تضحك وتبكى معا
يوووه ..لقد نسيت ما كنت سأقول
ضحك ماجد وهو يحتضنها ..وقال سأفتقدك يا ام ايمن
بجوار الباب كانت تقف سارة تمسح دمعاتها الرقيقه ..هى ايضا ستفتقده ..منقذها ..والاخ الذى وقف بجوارها واحضرها منزله واعطاها لعبة البازل المفضلة لديه ..
وقال ..سأفتقدك يا سارة ..ارسلى بكل التطورات...راسلينى دوما ...
فأنهمرت دمعات اكثر من عينها وهزت راسها إيجاباً

صعد ياسر بعد ان انزل الحقائب مع ايمن للسيارة الاجرة التى ستقلهم الى المطار وقال : ايمن يستعجلك ..هيا يا ماجد ..
فصافحه ماجد واحتضنه ثم ضربه على كتفه وقال لا تتعب امك ولا تشاكس سارة ..مفهوم
ابتسم ياسر ابتسامه صغيره واومأ براسه ..

امال برأسه من نافذة السياره ليرى منزلها وشرفة غرفتها المغلقه ...ثم اعاد راسه وتنهد ..


الاثنين، 11 يوليو 2016

كما انا 22

اغلقت الهاتف وظلت تقلبه بين يديها فى شرود ...اخبرتها يمنى توا انها تشعر بارتياح لخالد بعد زيارته بالامس وصلاة الاستخارة التى داومت عليها منذ فاتحهم ايمن بطلبه ...كانت سعيده بالخبر وبالإبتهاج الذى غلف صوت يمنى واضاؤه كضوء مصابيح الافراح بكل الالوان ...
ثم راحت فى شرود حين اتجه رأس السؤال مشيرا اليها
- وماذا عنك .؟!
- عنى انا !!
- نعم عنك انت ..ماهو رأيك بمالك
- لا ادرى ...لازلت افكر ..
- وكيف ينتهى التفكير وانت لم تسمحى له بزيارتكم والجلوس معك والتحدث ...
اجابتها سارة باستعجاب
- انا اعرفه يا يمنى لما الزيارة وتكلمت معه من قبل
- لا يا عزيزتى ..فى المركز بالتأكيد لم يحدثك عن طموحه واحلامه ..عن حياته والتزماته ...عن اهدافه فى الحياه ...ولم تتعرفى على طريقة تفكيرة وكيف تعامله مع الحياه سكتت سارة لبرهه ثم قالت
- تخيلى ..لم يخبرنى عن رأيه حتى الان
ردت يمنى باستفهام
من هو ؟!
- ايمن ..
ثم مزجته سريعا بسؤال
هل تحدث معك او اخبرك برأيه او تحدث عن مالك بأى شىء ..
رعاها سؤلها عن ايمن ورأية فباغتتها قائلة
- ولما انت مهتمة هكذا برأيه
بدا صوتها مضطبرا عبر الهاتف فصدقت يمنى احساسها ..واغلقت هاتفها تفكر فى صديقتها ومشاعرها التى حاولت مداراتها حين قالت ...
لا شىء ...انا فقط ...استجمع الاراء حول مالك ....ولقد سألت ماجد ايضا عن رأيه ..

فى المساء كان الكل على الطاوله ياسر الذى انتهت امتحاناته بسلام لكن سلام رأسه من التفكير فى النتيجه والمجموع والكليات المحتمله لم يكن ...فكان ذلك محور احاديثهم على المائدة كل ما تجمعوا ..ربما كان ذلك الحديث فرصه لأن يختبأ كل من الاخرين بهمه خلف حديث الثانوية العامه والامتحانات وحكايا ياسر المتكرره عن امتحان كل مادة ...كانوا يشاركونه الحديث وحين تتلاقى اعينهم يهبط الصمت فجأه ويخيم على المكان حتى يعيدهم اليه مره اخرى ياسر او الوالدين ..
كان ماجد يبالغ أحيانا فى ضحكه وهزاره ولم يكن ذلك خفى عن الجميع انه يحاول الهرب من قلبه المكلوم بعد طلب يارا للطلاق ...
وقف الكلام على طرف لسانها وكاد يقع اكثر من مره ..ارادت ان تسأله عن رأيه بمالك ...
حقيقة لم تكن تريد ان تعلم رأيه ..كانت تريد ان تشعر بشىء غير ذلك ...شىء يدلها ...شىء يخبرها ...او يساعدها على الاختيار ...او ربما الرفض ...
كان يتحاشاها ...رغم ان عيناه كانت تتسلل وتستقر عندها وهى تتحدث ...وتسكت فجأه ان تقابلت به ..فتعود عيناه الى الاسفل وتجبر حاجباه على النزول مقضبين ..
فتبدوا ملامحه قاسية بعض الشىء ...تجبر كلاماتها عن  العدول فلا تخرج ...
همت بالانصراف الى غرفتها ...فناداها الحاج عبد الرحمن ..وقال : سارة لا تنامى قبل ان اتحدث معك ..لم تردى على فى موضوع مالك ...
ابتلعت ريقها ببطء وأطرقت رأسها للاسفل ...
فأردف هو ..ادخلى غرفتك وسألحق بك ..

خلت الصاله منهم الا ماجد وايمن الذى نظر لاخيه نظرة حانية وقال بصوت هادىء
مهما حاولت ان تخبىء عنا ضيقك يا ماجد لن تستطيع ان تخبئة عنى انا ...
تنهد ماجد تنهيده حاره وربع ذراعيه امام صدرة واستند بظهره لمسند الكنبة ..
تحدث يا ماجد ..تحدث يا اخى ..لن تجد صديقا وفيا لك مثلى ..
فك ماجد ذراعيه وشبك أصابع يديه وارتكز بمرفقيه على ركبتيه ونظر الى الارض ومنع دمعة ترقرقت فى عينه من الهبوط وقال بأسى بالغ
طلبت الطلاق ..
وهل ستفعل ؟! سأله ايمن بعد ان اندهش مما قال
قال ماجد وهو ينظر الى اخيه بعين حزينه
هل انا مجنون لأتركها
والسفر ؟!
كلاهما حلم حياتى يا ايمن ..كلاهما حلم حياتى
قالها منتفضا من مكانه ..
قال ايمن محاولا التخفيف من الحالة التى وصل اليها اخاه وقال
الحب يحتاج الى تضحية ...واحدكما يجب ان يضحى ليحتفظ بالاخر ..
ثم وقف قبالته واكمل
لا تضيع حبك يا ماجد ..
نظر اليه ماجد مستغربا ورد قائلا
اتمنى ان لا تضيعه انت للمرة الثانية ..ثم انصرف
تاركا خلفه ايمن تعصف به كلمة اخاه ..
فهوى الى الكرسى خلفه وعاد بذاكرته للخلف لعشرة اعوام مضت حين كان فى السنة الاخيرة من الجامعه وقتها كان قلبه قد عرف الحب قريبا وتذوق حلاوته لم يكن حينها التزم ولم يكن مواظبا على صلواته ..تعرف عليها فى الجامعه فكانت زميلته هى ايضا بادلته نفس المشاعر وفى يوم من ايام الربيع المزهره اعترف كل منهما بحبه للاخر وبدأت قصة حبهما التى كان يعرفها القاصى والدانى ..
حتى تخرجا وانتظرته ليأتى ليطلبها من اسرتها ...انتظر حتى يستلم عملا يوفر له مال ليدخره ليبنى معاها عشهما وانتظرته بدورها  ..لكن الوقت طال وكل ما حاول ان يذهب اليها طالبا يدها كان خوفه من رفض اسرتها له لفقره وقلة ما يملك يكتفه ..كان يحبها لكن خوفه كان اكبر من حبه فغلبه ...وانتصر عليه ..وانكسر قلبها من حبيب خائف من خوض معركة من اجل حبيبته ...اضطرت راغمه ان توافق على احد المتقدمين لخطبتها ..
وأضاع حبه وحبيبتة من بين يديه ...
سحبه من ماضية الأليم صوت مقبض الباب يفتح ..فخرج الحاج عبد الرحمن وخلفه ام ايمن
وقف منتصبا يقرأ فى ملامح وجههما ردها...