السبت، 24 نوفمبر 2018

8

اعتاد سيف ان يتابع صفحتها على الفيس بوك فى صمت ، ولم يجرؤ على اقامة محادثه معها ولو لمره ، اتاه اشعار بشىء جديد كتبته توا فتح صندوق المحادثات واشار لأسمها واراد كتابة شىء ، اى شىء لكنه تراجع عندما تذكر ماقاله زوج عمته محمد ذات مره حينما كانوا على الغداء فرن هاتف علىّ معلنا عن وصول رساله واتس اب فانتفض لها علىّ تاركا المائده عندها رمى احمد كلمه ساخره  فهم منها الاب الحاله التى تسيطر على ابنه علىّ،  وحدثهم على اثرها بعد الغداء فى غرفتهم قائلا لهم : انه من الطبيعى ان نشعر ونعجب ونحب تلك ميزه ميزنا الله بها وليس فى ذلك عيب ، لكن الخطأ يحدث حين لا نراعى حدود الله حين نبعتد عن الاية ونواعدهن سرا ، حين لا نأتى البيوت من ابوابها هنا يكمن الشيطان .
وجهه كلامه لثلاثتهم وقال : اتعلمون ؟!!!...ان ذكاء الفتايات مخبأ فى قلوبهم وانهن يستطعن انتظار من يشعرن به ويريدنه حتى وان لم يقل ، فلا يخدعكم من يقول انه يخبرها لتنتظره ...تلك حجه واهيه .
شعر علىّ ان الكلام عنه هو فتعارك مع احمد عقب انصراف والدهما ملقيا عليه اتهامات بانه من اخبره.
عاد سيف من ذاكرته مغلقا المحادثه ، تنهد بأسى ونفض عنه فكرة الحديث معها .
خرج من غرفته ليبعد عن حاسوبه تماما ، وجد زياد يسحب من يد سارة حقيبتها مشاكسا ينادى على سيف ويقذف الحقيبه تجاهه فيجاريه سيف رغم تزمر سارة يعيد قذفها لزياد الذى يقول : الى اين ، الجميلة ذاهبه ؟؟!
فترد سارة بعد ان سقطت الحقيبه بين يديها : لا دخل لك .
فيهتف بها زياد غاضبا : سارة كيف تحدثينى هكذا ، الى اين انت ذاهبه ؟!
تعيد ترتيب الاشياء بحقيبتها بعد تبعثرها نتيجه تبادل قذفها وتهم بالخروج غير عابئه بسؤال زياد .
فيجذبها زياد من ذراعها فتصرخ هاتفه : دعنى وشأنى .
تأتى أمانى مسرعة ممسكه بهاتفها وتقطع كلامها فيه لتفض الشجار بين زياد وسارة 
امانى : دقيقه يا امل وساكون معاك ، حدثى سيف . أعطت الهاتف سيف وتوجهت للشجار
اخذت سارة فى حضنها وقالت : زياد ، ليس لك دخل بسارة ، انا من سمحت لها ..دعها تذهب.  ثم قالت بلهجه قاسية : لا تتعرض لسارة ثانية ...مفهوم
التفتت تاخذ الهاتف من يد سيف لتكمل حديثها مع امل
: الو امل ،  اووه روبا كيف حالك
:  هل انشغلت والدتك ايضا
:  حسنا حبيبتى سأتصل بها فيما بعد .

-------
اغلقت روبا الهاتف مع خالتها وراحت تبحث عن والدتها لتعطيها هاتفها ، طرقت باب الحمام حين سمعت صوت قيئها
: امى ….هل انت بخير .
: نعم نعم انا بخير .
حاولت تصنع ذلك ليظهر فى صوتها من خلف باب الحمام . خرجت منه بعد  ان انصرفت روبا ، خرجت ممسكه بالمنشفه تمسح وجهها وتزيل اثار التعب ، اخذت تفكر كيف ستخبر روبا انه تعب عادى ، وبأى حجه ستقنعها .

صدم حازم من نتيجة التحاليل وصدم اكثر من تقرير الاطباء بحالة زوجته ، ولا زال لا يعبأ بطلب زوجته فى العودة بالبنات لارض الوطن ، كل ما استطاعه هو كتمان الامر كما طلبت .

مضت الاجازه سريعا وطلب حسن من زوجته سها العودة فرفضت ونشب شجار صعب بينهما ، تدخلت الجدة وتدخل حسام عبر الهاتف  ولم يجدى حتى هدد حسن بانها ان لم تعد اليه قبل بداية العام الدراسى فلن تعود اليه  ابدا .
سافرت سها مرغمه وتركت الجدة ورأها فى منزل العائلة ، سافرت على مضض وبمجرد وصولها احرزت هدفا لصالحها .

عاد سيف واقام بمنزل العائله،  فرح باستقراره مع جدته خاصة فى سنواته الدراسية الأخيرة فتصاعد صعوبة المناهج واحتياجه للتركيز الكامل لم يكن بالمتوفر عند عمته كما انه اصبح يشعر بالحرج في ذهابه وايابه  بعد ان تحجبت سلمى ، كثيرا ما كانت تنسى ارتدائه امام سيف ، لم تعتاده بعد والامر مرهق فى وجود سيف فعليها ارتدائه فى المنزل طالما كان موجود .
فوجوده فى منزل العائله اراح اطرافا كثيره اولهم سلمى واخرهم جدته التى سعدت به معها وثناء التى لم تتركها وحدها ، ايضا سها لم تكن تتركها على الهاتف او الانترنت حتى أتت اليها بعد انتهاء امتحانات الفتايات ومعها الهدف الذى احرزته مقابل ان تعود لبيتها ولزوجها .

اصبحت حياته مختلفه بعد انتقال لي لي للعيش معه ، فقد كان من الضرورى ان يعود للمنزل باكرا من عمله حتى يتناول مع لي لي وجبة الطعام الوحيدة التى تجمعهم ، بين الغداء والعشاء لكنها كانت كفيلة باليوم ، يخرج عاطف باكرا لعمله وتتناول لي لي فطورها على عجل قبل ان تذهب لمدرستها الثانوية التى نقلت اليها نتيجه انتقالها لهذه المقاطعه الامريكيه حيث يقطن عاطف ، لم تتآلف لي لي مع زملائها بالمدرسة ولا حتى المكان
حتى المنزل بدا غريبا فى بادىء الامر ، عاطف ايضا كانت تراه فى اوقات متفرقه منذ ان استقرت مع جديهما ورحل هو ليقيم مع والده ، الذى لم تنعم به كثيرا ، اخر ذكرى له لديها كان فى يوم مولدها العاشر حين اتى ليحتفل معهم بعيد ميلادها ثم اختفى مع اطفاء الشموع ليترك لها رساله مع الهدية تحوى كلمات بسيطه " كل عام وانت بخير ، أحبك " لم تره ايضا منذ ذلك الوقت 6 اعوام مضت لم ياتى لرؤيتها ولو مره  ، مما اوغر صدرها تجاهه .
لم تكن تعرف عنه شيئا حتى ذلك الحين ، حين وقفت تنظر لصورته مع عاطف المزدانه داخل اطار خشبى صغير موضوع على منضدة قريبه من مصباح طويل ، رفعت الصورة اليها تتأمل وجهه الباسم وتحدثها نفسها باحاديث قطعها عليها عاطف بقوله : ابتسامته رائعه ..اليس كذلك
قالت وهى تتأمل الصورة اكثر : لم اره يبتسم هكذا
قال : مر ابى باوقات عصيبه
قالت وهى تنظر اليه : لما لا يعود ...كنت اظنه هنا معك ...كنت اظننى سأراه .
سكت عاطف ونظر ارضا بينما أكملت هى : ام انه لا يحبنى ولا يود رؤيتى .
رفع عاطف راسه نافيا : بالطبع ليس كذلك
قالت وانسابت الدموع على وجنتيها : اذا ماذا ؟!
احتضنها بذراعه وجلسا سويا على الاريكه واخبرها بما حدث لوالدهما فى السنوات الأخيرة
رفعت خصله شعرها وراء اذنها واعتدلت وقالت باهتمام : وهل وجدته هناك .
اجاب نافيا : لا
سكت برهه ثم اكمل : لكنه كان هناك قبل ذهابى اليهم ...زار والدته واخبرهم انه عائد قريباً
قالت بتعجب : ألديه والده ؟!!!
رفع حاجبيه وانزلهما وابتسم ابتسامه خفيفه من تعجبها : نعم ولدية اخوه وابناء اخوة ايضا
قالت : حقا !!

الاثنين، 19 نوفمبر 2018

7

مر عامان منذ عادت الجدة لارض الوطن ، حاولت الفكاك كثيرا من ابنتها المدللة سها لكنها لم تنجح ، لكن الزائر هذه المره قد صدع الارض بمفاجأة حضوره وزيارته لوالدته فى سفرها مع سها ، لم يمكث كثيرا  لكنه اخبرهم انه عائد وقريبا جدا مالم يدع للجدة اى خيار اخر غير العودة فى انتظاره
، بمرور العامان فتر الامل وسيطرت عليها الصغيرة مجددا .

فى ذات ليلة من ليالى الشتاء كان هناك على باب منزل ثناء طارق اخر ، لم يتعرف اليه أي من سيف او علىّ،  أتوا بها كما طلب فوقفت مذهوله لوهلة ثم هتفت صائحه : عصاااااام
فصحح لها : بل عاطف
ترك لها مساحه ادراك واكمل : عاطف عصام
احتضنته فور ان ادركت انه ليس بعصام لكنه الغالى بغلوا واالده
كان شابا فى منتصف العشرين رغم الشبه الكبير لملامح والده الا انه  بدا اجنبيا ببشرته الفاتحه وشعره الذهبي وعينيه العسليتين  ،
لم تطع نفسها بالرغبه فى احتضانه كل دقيقتين واكتفت بضم يديه بعد ان جلست الى جواره  .
لم يمكث كثيرا ايضا وعاد من حيث اتى ، لم يعدهم بعودة كوالده ، كأنه اتى ليبحث عن شىء او ربما شخص تحسس أخباره ثم ذهب .

هذه المره لم تستطع سها الامساك بوالدتها وتركتها مغلوبه على امرها ان تعود ، عادت بعد ان تجدد اليها الامل ان يعود عصام فى اى لحظه كما وعدها او يعود ولده عاطف ، تمنت لو انها كانت موجوده لتراه وتنعم بحفيدها .
الذى ماعلمت بوجوده فى هذه الحياة ، ولم يخبرهم عصام ولو مره انه تزوج وانجب،  ربما حدث اثناء اختفائه وانقطاع اخباره ، ربما حان وقت العودة
--------------
كان على امل ان تخبرهم بحقيقة مرضها لكنها ابت وتوسلت لطبيبتها ان لا يعلم احد حتى حازم زوجها ، ولمعرفتهم السابقه هى والطبيبه لما استطاعت تنفيذ طلبها .
ظل ينهش فيها الالم حتى اخبرت حازم ذات يوم بقراراها فى العودة للوطن ، حاولت ايعاذ سبب الرجوع لاى شىء اخر لكنها لم تفلح واخبرته ، كان مساءاً قاسيا جوا واجواءا ، ظل محملقا فيها لدقائق ، تمنى ان تكن مزحه او كذبه ، هوى على اقرب كرسي و مسح ببطىء على رأسه محاولا الاستيعاب ، وزاغت عيناه وترقرقت فى مقلتيه الدموع قبل ان يقول : أمل انت مخطئه ربما فى الامر خطب اخر ..ربما ليس كذلك .
وقف وامسك كتفيها ثم اكمل : لن نكتفى بكلام طبيبتك ، سنذهب لفحص اكثر دقة ، لطبيب اكثر كفاءه ، لا بل أطباء متخصصون .

-----------
عادت معها سها هى لن تستطيع تركها ولو كان الثمن تركه هو فى غربته ، ستتعب من الحياة هناك ، لن تستطيع على الاولاد جميعهم ، فتره ويعودون ، ربما اتت معهم ايضا الجدة وتنازلت عن فكرة العودة والاستقرار هكذا فكر حسن زوج سها وهكذا حاول اقناع نفسه بعد سفرهم .
وكما انفض بيت حسن وسها من سكانه ، امتلىء بيت العائلة من جديد وعادت به الحياه،  استقرت سها بشقتها ورتبت للبنات غرفهن وجهزت للصغير حمزة الذى اتم قبل قدومهم العامان
غرفته مع اخته التى تسبقه ب5 اعوام الاء وللكبيرتان غرفتهم الخاصه ثم غرفة نومها هى والتى شاركها فيها حمزة بعض الليالى حتى يعتاد المكان .

اما ثناء فلم تتخلى عنها الابتسامه منذ عادت الوالدة ، رغم ان مجهودها تضاعف في تلبية متطلبات بيتها ثم الذهاب لبيت العائلة تمكث به حتى المساء كما تفعل كل اجازة ، ولم يعد يقلقها مذاكرة احدهم او ثانوية عامة كما الإجازات الماضية فقد حصل احمد على مجموع كلية تجارة والتحق بها وسلمى مازال أمامها عامان تاليين حتى تصل للثالث الثانوى وتبدأ معها معركة ثانوية عامة جديدة ، اما محمد زوجها تقبل فرحتها برضا وعذرها فى كثير من الاحيان .

------------
حاولت امل اقناع زوجها بالمغادرة لكنه صمم اكثر على فحصها والاطمئنان. اخبرته انها تود استقرار للفتايات هناك مع الجدة خاصة بعدما علمت بعودتها النهائية  ، ارادت وجودهن وسط عائلة تحميهم اذا اشتد الكرب ،،
مر كلامها امامه كان لم يسمعه ، فكل ما يشغله ان يكون هناك خطأً فى التشخيص ان يكون غير هذا المرض ان تكون سليمه معافاه ليس بها شىء . يأبى عقله التصديق ويتعلق بأى شعرة امل .

-------------
كان سيف قد سافر لقضاء اجازته السنوية مع والديه واخوته بالخليج عقب امتحاناته
حدثته الجدة على الهاتف معاتبه : هكذا يا سيف تسافر قبل ان ارجع .
قال سيف مشاكسا : جدتى حبييتى لو كنت اعلم بعودتك ما تحركت من مكانى قيد انمله .
الجدة : يا مشاكس اعلم قدر اشتياقك لاخوتك وابيك وخاااااصة حبيبة قلبك... سكت سيف برهه وانتفضت من بجوار الجدة قبل ان تكمل...أمك ..فتهدأ من بجوارها
وتنهد سيف وضحك قائلا : ليس بالقلب سواك يا درة العائلة .
قالت الجدة منهيه حديثها مع حفيدها  : هيا اخبرنى متى ستعود واعطنى والدك لأحدثه .
قال سيف قبل ان يعطى الهاتف لوالده : تأشيرة سفرى شهر وقد مضى منها اسبوعا ، ثلاثة اسابيع وسأعود اليك يا جميل ، واعلمى انى لن اتركك لتسافرين مرة اخرى .
اخذ حسام الهاتف وسلم على والدته  التى اكدت بدورها على قرارها فى المكوث فى ارض الوطن
قال حسام : أعلم يا امى ، كل مره تقولين نفس الكلام ثم تضعفين امام سها
قال الام بحده : لا ..ليس هذه المره ، يكفى سها كل تلك السنون قضيتها معها .
قال حسام : الن تغضب سها لقراراك
قالت الام : اود رؤيته قبل ان اموت يا حسام ، لم اصدق عينى عندما اتى هناك ، كنت احتضنه واسال نفسى هل هذا حلم ام حقيقه .
قال حسام متنهدا : نعم كنا فقدنا الامل
قالت الام بحماس : لكننى لم افقده يوما ، دعوت الله كثيرا ، دعوته عند بيته المحرم ، تعلقت باستار الكعبة الشريفه ودعوته ، مكثت عند ابنتى كل تلك الاعوام لاكون بجوار بيته الحرام فأدعوه .
قال حسام : الله قريب يا امى مجيب الدعوات
يعلم حسام فى قرارة نفسه كما يعلم الجميع ان مكوثها كان بدافع حبها الشديد وتدليلها لسها ، وان كان ما قالت فسبب ثانى وليس الاول .
امنت على كلامه الاخير وارسلت سلامعا لاماتى والاولاد
اغلقت الجدة الهاتف ونظرت بجانبها لمن كانت تستمع للمكالمه باهتمام وتذكرت كيف انتفضت عند سماعها كلمة حبيبة قلبك وقالت بمكر لها : هل تعجبك القاهره  يا رؤى
اومات رؤى برأسها فقالت الجدة : وما اكثر ما يعجبك هنا
قالت رؤى بصوتها الهادىء منخفض النبرات : اكثر ما يعجبنى هنا هو جو العائلة  .
--------------------

سأله صديقه الامريكى بعد انتهاء مراسم الدفن
: ماذا ستفعل مع أختك هل ستقيم معك ؟!
اومأ برأسه واردف : مؤقتا .
قال صديقه : وما كانت نتيجة زيارتك للقاهره
هز عاطف رأسه وزم شفتيه وقال : لا شىء ، ليس هناك
ربت صديقه على كتفه وقال : يكفى انك تعرفت الى عائلتك
قال عاطف : عمتى وابنائها فقط
هم الصديق الامريكى للانصرف عندما لمح والدة صديقه مقبله وقال : تقبل تعازي .
نادته من بعيد : عاطف
فأقبل اليها وكانت معها فتاه فى السابعة عشر من عمرها
قالت موجهه كلامها للفتاه : واثقة من قرارك  يا لى لى
اومأت الفتاه فى سكون فأكملت الام : هل ستستطيعين العيش مع اخيك !
فأومات مجددا بحزن .
فاتجهت الام بدورها الى عاطف الذى قال بلطف
: اطمئنى ، سنأتى لزيارتك كلما امكن
كان لا يزال بالقاهره عندما حدثته لى لى بان جدهما يحتضر ، عادا مسرعا بعد ان بائت زيارته بالفشل .
كان وقتا عسيرا منذ وفاة جده ، كان همه كافيا وزيادة لا يتحمل هما اخر لكنها اخته ولن يبقى لها احد  الان بعد وفاة جده الذى كانت تعيش معه ويرعاها بعد ان  تزوجت امها من رجل اخر غير ابيها وطلب جدها من امها ان يحتفظ بها لرعايتها اما عاطف فبعد ان شب أثر العيش مع ابيه رغم حياته الغير مستقرة المليئة بالمتاعب .
--------------------

السبت، 17 نوفمبر 2018

6


عاد الجميع من زيارة والدة امانى وامل من المشفى ...
جلس عصام بجوار والدته على الاريكه فى صالة المنزل الواسعه
اخبرونى كيف حماتكما
نظر حازم إلى اسفل وقال بأسى :
ليست بحال جيده
الجده : لطف الله بها وخفف عنها الامها
ثم توجهت بسؤالها لحسام ..هل ستبيت زوجتك معها ايضا الليله
قال حسام : تتبادل هى والدكتوره امل..سأرسل اليها سيف يحضرها وتبيت الدكتورة معها الليله ..
سألتهم عن الابناء وكأنها تذكرتهم ..
بالمناسبه اين هم الاولاد
قال حسام ..ارادوا الخروج والتنزه فتبرعت ثناء  بذلك فمنذ اتينا انشغلنا بمرض جدتهم ولم يخرجوا 
هز المكان صوت باب يغلق بعنف ثم خطوات مسرعه تهبط من اعلى الدرج ..كان حسن زوج سها ...
نادى عليه حسام فلم يجيبه وخرج مسرعا
قام حازم وقال : يبدوا انه تشاجر مع سها
هبطت سها ايضا على عجل ويقفز الغضب من وجهها
هل رأيتم حسن
قال حسام لا تبحثى عنه خرج مسرعا ولم يسمعنا حين ناديناه
قالت الام
ماذا حدث ؟؟
هبطت سها اخر درجات ووقفت امام امها واخوتها الحسام وحازم ..
امى ستعودين معى اليس كذلك
عبثت الام ونظرت بعيدا ثم قالت
ذلك امر اهلكناه نقاشاً
قال حازم: ...الذلك تشاجرتم
قالت سها وهى تجلس على الكرسى وتضع رأسها بين يديها
انتهت اجازته ويريد السفر
وما المانع فى ذلك ..اليست دراسة الفتايات ستبدأ ايضا ...سألها حازم وهو يجلس قبالتها
قال حسام : الم تعلم أختك بعد يا حازم ..اختك لا تريد السفر دون امى
رفعت سها رأسها بغضب وقالت
وما المانع ان تعود امى معى ..انا لا استطيع ان اعود بدونها
ثم بكت ...
وقفت الام وقالت ..لا تفعلى مثل الصغار واكبرى قليلا ...انا من اخطأت ..انا عودتك على ذلك ..
ثم انصرفت الى غرفتها

فى احد المطاعم جلست العمه مع ابناء اخوتها لتناول العشاء كان جميع الابناء فى انسجام "احمد" و"زياد" و"على " كان معظم حديثهم حول كرة القدم والاعبين الاجانب والعرب اما روبان وسندس ورؤى كان حديثهن ذو طابع انثوى فتحثن عن الملابس والاكسسوارات تارة واخرى عن الهواتف الذكية والاجهزة اللوحيه وبعض التطبيقات الحديثه  والصغيرات سارة والاء وسلمى كن يلقين النكات ،.اما العمه وربا  وسيف واحيانا (علىّ ) كان حديثهما منوعاً فكانت العمه تقفز معهم من موضوع لاخرلتواكب انتقالهم السريع بين الموضوعات والاحاديث
حدثينى عن دراستك يا ربا ..قالت والدتك انك تدرسين العلوم الانسانيه
بالفعل يا عمتى ادرس العلوم الانسانيه كما تمنيت .
لما لم تردسين الطب مثلا او الهندسه
فى اوربا الامر جد مختلف يا عمتى
العلوم الانسانية اصبحت هناك اهم من دراسة الطب
اعترض سيف قائلا
وهل ستعالجين نفسك بالفلسفة ام بعلم النفس
اطمئن ...لن احتاج لعلاجك
قال سيف : كيف
قالت ربا بسخريه
لانى لست من الفراعنه القدماء حتى تعالجنى بعلومكم العقيمة
ضحك الجميع
ورد عليها سيف بضحكه صفراء
لنرى يا ابنت اوروبا ، دعى الايام بيننا لربما اتت بك تترجين  علاجى

على اطرف  المائدة كانت رؤى تسترق النظرات على خجل
لم تشاركهم الحديث لكنها كانت مستمتعه ...مستمتعه به تحديدا وبحديثه ونكاته حتى مشغباته لربا ...
كانت تعود لحديث سندس وروبان وسارة  بين الفينة والاخرى وربما اعادها من شرودها فيه صوت ضحكات الفتايات وضجيج حديثهن ...
حاولت ثناء التى كانت تجلس فى منتصف المائدة فتقسمها نصفين على يمينها الفتايات وربا امامها ثم على الجانب الايسر يجلس سيف وعلى واحمد وزياد
حاولت ان تتواجد فى احاديث الجميع تشارك الفتيات احاديثهن وتفك تشابك كلامى ما بين سيف وربا او سيف وعلى وتنتقل الى احمد وزياد واحاديثهم ...
سرحت ثناء قليلا ثم عادت تعتزم امرا فى داخلها ولن تقدر عليه الا بمساعدة والدتها بالطبع ....

كفرسة جامحة متمردة وعصية ....لم تختلف كثيرا عن الطفولة زادتها السنون قوة وتمرد ...هكذا حدث نفسه عنها ..
لازالت نبتته فى الظل لا يعلم عنها احد شىء ..ولا هو يريد الافصاح عنها ...ربما شعر احيانا معها انها تعلم بأمرها ..
يرى فى خبايا ابتسامتها نظرة خاطفة الى مكنونه فتراها رغم حصاره لها وابعاد الجميع عنها حتى لا تفسد ...

فى الصباح حضرت ثناء لبيت العائله ..اخبرتها احد الفتايات ان الجده فى شقة سها  , ربما لتحل الخلاف الذى نشب بالامس بين سها وزوجها ..
دخلت المطبخ لتحضر الفطور فهكذا تفعل منذ ان حضرت والدتها ثم الجميع ...يذهب زوجها لعمله وتحضر هى الى منزل العائله فتتناول معهم الفطور وتقضى اليوم معهم بصحبة امها واخواتها واولادهم ..
نزل الجميع والتفوا حول المائدة ... جلست الجدة وجلس حازم وحسام وزوجته امل وكعادتهم منذ عادو من غربتهم تتبادل الاختان المكوث مع والدتهم فى المشفى وتبادلها الاخرى فى صباح اليوم الثانى ..جلس بعض الاولاد بينما تغيب بعضهم ممن لا يحبون الاستيقاظ باكرا ....نزل ايضا حسن وسها يهمس بأذنها شيئا فتضحك وهى تمسك بيدى زوجها وينزلان سويا الدرج ...سها التى كانت بائسة بالامس مبتهجه وسعيدة هذا الصباح مما اثار اندهاش الجميع ....
باغتها حسام قائلا
سها ..اراكم اليوم افضل حالا
قالت ثناء مبتسمة
امسك الخشب يا ابا سيف
ابتسمت سها بخجل

فقال حازم
افهمنا انت يا حسن هل اجلت السفر ام ماذا ؟
اجابة حسن وهو يرتشف من فنجان الشاى
لا لم اؤجله
نظر الجميع اليه منتظرين استكماله لحديثه ليزيل عنهم الحيرة والاندهاش
فأجابتهم سها وهى تمسح قطعة الخبز بالمربى وثمة ابتسامة انتصار على شفتيها
سنسافر كلنا معه ..
ابتلعت ثناء لقمة وضعتها فى فمها دون مضغ فقد وقع فى قلبها خوفاً ما ...وسكتت حتى لا يتأكد ظنها ...
لكن سها اصرت على افساد فرحتها بالتمام الشمل واتبعت
سيذهب حسن بعد قليل ليؤكد الحجز
قال حازم : هل اصدق هذا !! اخيرا ستتركين امى لتعيش هنا فى بيتها بعد كل هذه السنون...
قاطعته سها سريعاً : ومن قال ذلك
ستذهب امى معنا كما اتيت معنا
هنا نظرت ثناء الى سها طويلة ثم التفت لتقرأ على ملامح امها شىء وقد فهمت اثر زيارتها لسها فى الصباح ...هكذا نجحت سها فى استجلاب عطف والدتها لتسافر وتعود معها ..
شعرت الام بالحرج من نظرات ثناء فقامت من المائدة سريعا قبل ان تشتعل نار خامدة منذ سنين ..
صرخت امل بعد ان ردت على الهاتف وبكت فى حضن حسام الذى التقط منها الهاتف ليعلم من امانى ان والدتها توفت ...

حضر الجميع مراسم العزاء ...واضطر حسام للمغادرة سريعا مصطحباً معه امانى التى انهارت كثيرا بعد فراق امها ...وكانها بكت فراقها السنوات الماضيه ..بكت قساوة قلبها وهى على قيد الحياه ....بكت كيف مرت اعوام ولم تنعم فيها بقربها لما كانت بصحتها ...كيف لم تجلس تحت قدميها ف مرضها سوى تلك الليالى المعدوده منذ عودتها ....
كان موتها صدمتها التى افاقتها من غيبوبة عِنّدِها مع اخيها الاكبر على ميراثها واستحواذه على امه .....

تأثر سيف لحالة امه وود ان لا يتركها لكن دراسته كانت على وشك البدء ...وتأثر أكثر للحرب التى اشتعلت فى صمت ما بين عمتيه سها وثناء حول سفر الجدة مرة اخرى ..
تعكر الصفو الذى زين البيت الكبير اياماً ...وبدأ انفرط العقد وسفرهم واحد تلو الاخر ابتدئه حسام واسرته ثم سها وزوجها وابنائها ....ثم حازم وامل وابنتيه روبا وربان
ها هى تسافر ثانية ويُحرم من وصلها ولا يعلم متى القيا مجددا ...فاض قلبه واشتعل اراد ولو ان يخبرها بأى شىء مما يجول بين جنبيه ...لكن نفسه ابت فى عزه ..
اوصلهم المطار ...وودعهم ...وقفت ربا امامه فقال ..
متى ستعودين
لا اعلم ...ربما قريبا
لملم شتاته وقال
كانت زيارة قصيرة ....لم نتحدث
ابتسمت فى خجل وقالت
...اعلم ....
وحملت حقيبتها وانصرفت وغابت بين الاناس فى زحمة المسافرين
زادت نبضاته لا يعلم اشعرت به حقا  ..أوصلها ما يكن لها ؟!
هل عنت بالفعل انها استشفت ما بدخله؟!!..
سيظل هكذا حائرا حتى تعود وتؤكد ما شعر او تنفيه
لكنه والاكيد انه جمله الحب الذى حوطه وأنار داخله ....

خلى البيت الكبير بعد تفرق الأحبة ، اصر سيف البقاء به لكن تحت ضغط عمته وافق بالعودة معها و(على) الى بيتها .

انفك تماسكها بعد ان سافروا جميعاً وتبخر حلمها بالنعيم بأمها وجوارها وجال بوجدانها انه لن يتحقق وان تبقى ثناء  هى الغريبه فى بلدها دون ام او عائلة ، حاول زوجها ان يخفف عنها ، لكنه اعتاد ضيقها هذا خلف كل زيارة ولكن هى ألن تعتاد !!! لا بأس ..ستعود بخير بمرور الوقت ، هكذا حدثته نفسه .

هناك فى الخليج لازالت امانى تعانى حزنها على وفاة والدتها ، ربما كان حزنها اكثر على فوات الأوان فوفاتها ايقظتها من عنادها مع اخيها الاكبر على ارثهم  ، هكذا صرحت لأمل وهى تحدثها عبر الانترنت ..
قالت لها أمل : هونى عليك اختاه ، ماكان الحزن ليعيد من رحلوا للحياه .
أمانى :  ليتنى استسمحها واقبل يديها ، ليتنى كنت اتصل بها واطمئن عليها .
امل : لن يفيد الندم ، استغفرى وادعى لها .
أمانى : استغفر الله واتوب اليه ، لكنى لن انسى لك انك كنت على اتصال بها وبأخيك من دون علمى .
حاولت امل الدفاع عن نفسها وتلطيف الامر فقالت :  حاولت معك اكثر من مره لو تذكرين ؟! و دماغك الصلبه قد طبعت على قلبك وابيت ...اتعلمين ، كانت رحمها الله تسألنى عنك وعن اولادك وزوجك .
تنهدت امانى وسمحت لدمعات الانسياب على وجنتيها
وقالت  : امل لا تخفى عنى شيئا ابدا انت اختى الوحيده وليس لى غيرك فى هذه الحياة .
اسرعت امل قائلة : بل لك زوجك واولادك و…...واخى مصطفى بارك الله فيك وفيهم .
ردت امانى ساخره : مصطفى !!

انهت امل المكالمه لتشعر بنفس الالام مجددا فاتجهت نحو الحمام تفرغ ما بمعدتها وتختبىء من الجميع ،
لا تحب ان يرى المها احد ، ولا ان يحمل هما غيرها ، ولا ان يتعكر صفو احدهم بسببها ، تتحمل من اجل الجميع ، ولا تريد ان يتحملها احد لذا قررت ان لا يعلم احد بمرضها ولا حتى حازم زوجها الذى لاحظ فقدها عدة كيلوات من وزنها فى فترة قصيرة وارجع ذلك لحزنها لوفاة والدتها ، حتى انه اجاب على سؤال روبان حين استفسرت عن سبب شحوب وجه امل بنفس السبب ، اما روبا التى لا تلقى بالا بمن حولها فلم تلاحظ شيئا ، ورغم شدة تعلقها بأمل واعتمادها كثيرا عليها لكنها لم تنتبه الى ثم تغيرات .
كان هذا ما يقلق امل دائما،  طيش روبا واستهتارها وعدم تحملها المسؤلية  واعتمادها الكامل على الاخرين واختها الصغرى .

---------------------