الاثنين، 29 فبراير 2016

14



استيقظت على الظهيره...لا تدرى كيف نامت كل ذلك الوقت ...لكنها تذكرت الايام التى تلت الحادثه كانت تنام كثيرا واوقاتا متصله ...
خرجت فوجدت ام ايمن فى المطبخ كعادتها والحاج عبد الرحمن نائما كعادته ايضا ...
اتجهت للحمام لتتوضأ لتصلى ما فاتها من صلوات ...بادرتها السيدة ام ايمن
فتاتى ...استيقظتى اخيرا ..
اقتربت منها ومسحت على شعرها الاملس ..
اقلقتنى عليك يا ابنتى ...ماذا حدث ...وكيف تشعرين ؟!
مسحت سارة وجهها بيديها وقالت بوهن
ربما لاننى لم اخرج الى الشارع منذ فترة ...
قالت ذلك ثم نظرت اليها وابتسمت لتبث اليها الاطمئنان وقالت :
انا بخير اطمئنى
قالت ام ايمن : حفظك الله يا ابنتى ...خذى حمامك وصلى وسيكون الطعام جاهزا ...

حاولت استعادة روحها التى غاصت فى متاهه بالامس ...حاولت تجاهل الامر والعودة اليهم ...اصحاب البيت الدافىء والحياة الهادئة. .
لكن تشويشا لازال برأسها ...
انفردت بغرفتها بعد الغداء ...جلست على الكرسى المجاور للنافذه ...واخذت تطرح الاسئلة التى كانت قد صمتت عنها الايام الماضيه ...عادت بقوة اكبر من ذى قبل ..
لاول مرة يتعرف عليها احد ...ويناديها باسم غير الذى اختارته هى بعد الحادث ...ربما تعرفنى ...لكنها توترت ولم تصر على معرفتى ...ربما بالفعل تشبهت بى ...واختلط عليها الشبهه ليس اكثر ...وليس انا من تقصد ..

اغمضت عينيها وارسلت رأسها للخلف. .واستندت على حافة الكرسى ..

تخلل الى مسامعها كما تخلل الى الغرفة صوت اذان المغرب ..استغفرت الله وقامت للصلاه ...
بعد الصلاة تذكرت امرا قد قررت فعله وتشعر بارتياح كبير كلما تذكرته ...
وتذكرت ايضا انه الخميس وبعد العشاء ستأتى الخالة ام يمنى وعائلتها لقضاء سهرتهم وتناول العشاء هنا ككل ليلة جمعة ..

رن جرس الباب ...لم يكن فى المنزل سوى ام ايمن وسارة ...خرجت سارة من الغرفه وهى تقول
انا سأفتح يا خالتى
وقفت يمنى على الباب غير مصدقة للحظات ...ثم قفزت بين احضان سارة ...واخذتها ولفت بها ..
مبارك يا عزيزتى ...
ابتسمت سارة وقالت لها ادعوا لى الثبات
اقتربت ام ايمن على صوت يمنى المهنىء لتجد سارة بملابسها الجديده التى اشترتها وحجاب جميل يزين رأسها تتناغم الوانه مع الوان ملابسها الجديده ...
احتضنتها ام ايمن وفرت دمعه من عينها وقالت الحمد لله
..الحمد لك يارب استجبت دعائى ...
دخلت يارا الواقفه عند الباب وقالت بابتسامه مصطنعه
مبروك ..
دقائق ولحقت بهم ام على التى كانت تصعد السلم بتأنى كبير درجة تلو الدرجة   .....
...
كانت السيدتان تتسامران وزوجاهما منهمكان فى معركتهما الاسبوعيه على طاولة الشطرنج ...

و الفتايات فى المطبخ يعدن العشاء ...لم تكن يارا معهم طيلة الوقت كانت تخرج من المطبخ وتعود ثم اخيرا جلست تشاهد برنامجها المفضل على التلفاز وتركت يمنى وسارة يثرثرن اثناء تحضير العشاء ...

لا يكفن عن الحديث... يتحدثن كثيرا وفى امور شتى  ...يتحدثان وهما يعملان ...تلك مهارة تتقنها كثير من الفتايات ...وقد تعلمتها سارة من الخالة ام ايمن ..لا تعلم هل كانت هكذا فى الماضى ام انه شىء جديد تعلمته ...

حضر على وكان أول الشباب فى الوصول بالاضافة الى ياسر القابع فى غرفته للمذاكرة ..مضى وقتا ولم يخرج منها على عهد انه سيترك المذاكرة عند العشاء ليهنأ بسهرة ليلية مع الجميع ....

حضر ماجد وايمن سويا ..جلسا مع الجميع ...خرجت يمنى فى مرح تقول ..انتهينا ..هيا يارا ساعدينا فى تحضير المائدة ...
هتف ايمن :
يمنى احضرى لى كوب من الماء
لم تسمعه يمنى كانت مشغوله بوضع الطعام على المائدة ...قام هو متثاقلا الى المطبخ ليحضر كوب الماء ..
صدم بها تخرج من المطبخ تحمل الاطباق ...كادت تقع لولا ان عادت خطوة للوراء فحافظت على توزان الاطباق فى يديها ...
كان الامر ملفتا ليراه ...هى . ....وبحجاب ...وبكنزة ذات لونه المفضل ...
سارة !! هتف متعجبا
اضطربت وراحت تنظر فى الاطباق ...
كانت تود ان تسأله عن رأيه فى هئيتها الجديده ..لكنها لا تقوى على استخراج الكلمات فى حضرته ...
وبتلعثم قالت :
هلا... افسحت.... لى الطريق
ارتبك هو ايضا وهز رأسه وتنحى جانبا ...
هل فرض الحجاب ليحجب مفاتن المرأه ام ليزيدها فتونا ...
ظل واقفا للحظات فى مكانه ...يستوعب ما رأه حقا ....حتى دخلت يارا وصرخت فيه
ساعدنا او اخرج ...لا تقف هكذا
على المائدة ...هتف ماجد بمرح ..مبارك عليك سارة ..قال على غامزا ...مبارك لكنك كنت احلى بدونه ..
خجلت سارة من كلمته ...فغيرت ام ايمن دفة الحديث ...
ضغط ايمن بمقبض يده على الملعقه ..وقضب جبينه من كلمة على المتفلته ..كيف يسمح لنفسه ان يغازل فتاة تعيش معهم وتكفلوا بحمايتها .. سكت تقديرا للكبار ...لكنه سيعلم (على) يوما كيف يراعى الحرمات ...
جلست الفتايات فى  الشرفه بعد العشاء ..كانت معهم يارا التى كانت تقف وتستند على الصور وتراقب السيارات والمارة فى الشارع ...تستمع لحوار يمنى وسارة وتشارك ببعض الكلمات ...فى لحظه اختفى صوتهم ...لم تشعر بانسحابهم من جانبها ...تنبهت فقط لمن جاء يتنحنح ..ويمسح انفه باصباعيه كأنه يتحين الفرصه ...
التفتت اليه ...ثم عاودت النظر للشارع ...قال ماجد بصوت متقطع ...
: لم تجيبينى
ردت يارا دون ان تلتفت اليه
على ماذا اجيبك
التفتت اليه ووقفت قبالته ثم اردفت
اااه تذكرت. ....قلت انك تحبنى ....هناك عند باب الجامعه ..
ربعت يارا زراعيها امامها ونظرت اليه نظرة جريئه وقالت
: ثم ....
لم يفهم ماجد ما تقصد فاتبعت هى وكانها تحدث نفسها
هاه ...قد ابتلع لسانه ثانية....
اتعرف لو كان ايمن مكانك لكان اعلنها امام العالم ولم يقف هكذا كالصنم ...
اغتاظ ماجد من كلامها ثم قال
هكذا اذا ....تعالى لاريك ماذا يفعل الصنم
خرج ماجد الى الجميع فى الصالة وجلس على ركبته ورفع الاخرى وقال لوالدها ..
عمى ...انا احب يارا واريد ان اتزوجها
فوجىء الجميع من المشهد
حتى والدا يارا ...من المفاجأه تبادلا النظرات فى صمت ...ثم قالت امها
ذلك يوم المنى يا ماجد
هنا قال الحاج ابو على
طيب نأخذ رأى الفتاه اولا
ابتسمت يارا واحمرت وجنتاها خجلا ونظرت للارض ..
قال ماجد ..
هى موافقه ....وافق انت يا عمى
قال عبد الرحمن
لن نجد لماجد عروس افضل من ابنتكم يا حاج ابو على
سكت الرجل قليلا
ثم قال : هى ابنتك يا حاج عبد الرحمن والشرف لنا
رفع عبد الرحمن يديه وقال
اذا نقرأ الفاتحه الان
انطلقت الزغاريد والتهانى ليارا وماجد وعمة الفرحة اركان المنزل ......


السبت، 27 فبراير 2016

13



انفجرت سارة ضاحكه حين حكى لها ماجد ماحدث
تلفت ماجد من باب الشرفه وقال بغضب
اشش اشش ..ما بك ..هل القيت عليك النكات توا
وضعت سارة يدها على فمها وحاولت منع الضحك ...هدأت وحاولت تصنع الجديه قليلا كى لا يغضب مجددا ...
لو كنت مكانها لفعلت ذلك و اكثر ..
ماجد : الم تكن فكرتك هذه
لم اقل اذهب وقل لها فى وجهها احبك
فرك ماجد وجهه بكفيه وقال
لا اعلم ...عندما رأيتها لم اتمالك نفسى ...
ابتسمت سارة بهدؤ وقالت
حسنا... لا بأس رد فعلها كان طبيعى. ..فلما انت مبتأس
نظر اليها ماجد وربع زراعيه امام صدرة ولازال غاضبا
فاكملت سارة
ليس معنى انها نهرتك عن تعبيرك لحبك لها امام الجامعه وتركها لك وانصرافها ليس معنى ذلك كله انها لا تحبك او لا تبادلك شيئا ..او انه ليس لك لديها مكانه ...
هى فقط استنكرت المكان وتفاجأت ...
نظر اليها ماجد وانفرجت قسمات وجهه قليلا وارتاح لكلمات سارة ..التى كانت له صديقه اسر اليها باسراره وحكى لها عن مشاعرة لابنتة خالته ...
كانت تعتبره سارة ايضا اخا وصديق ...كانت تتحدث اليه كثيرا ..بل اكثر من كانت تتحدث معهم فى هذا البيت ...بالاضافه ايضا الى يمنى الصديقه التى لم تتركها معظم الوقت ان لم تكن معاها عندهم كانت معها على الهاتف ...
ارتاحت سارة للحياه ...كانت سعيده بوجودها مع هكذا عائلة ...لا يعكر صفو مزاجها الا ماضى لا تتذكرة وحياتها التى رحلت عنها ولا تدرى متى العوده ...فعلت كما اوصتها وعلمتها خالتها ام ايمن ...ان تداوم على الصلوات وان تدعوا الله كثيرا ...وان تلجأ لكتاب الله كلما ضاق صدرها واحست بأختناق ..

فى هذا المساء قد انتهت من صلاة العشاء جلست تختم الصلاة ورفعت اكفها لله ضارعة ان تعود لها الذاكره ...ان تتذكر ماضيها ...ان تجد ضالتها التى تاهت منها ...وان يغفر لها انتحارها ...احست ان فقد الذاكرة ما كان الا عقاب بسيط من الله على محاولتها الانتحار ...فلما شعرت بذلك بكت ....غطت وجهها بكفيها وبكت ....ثم اخفضت جبينها وروحها فى سجود ....تفرغ فيه اعتذاراتها واستغفارها لله ...وتوبة عن ذلك الذنب ....دعته ان يصلح لها حالها ويهديها اليه .....
كفكفت دمعها ورفعت سجادتها وطوتها واعادتها لمكانها وقبل ان ترفع عنها اسدال الصلاة لمحت وجهها فى المرآه كان صافيا بريئا ...زاد نوره الحجاب ...خلعت الاسدال واحضرت حجاب يمنى الذى ترتديه وشاحا ...لفته على شعرها. ..وادخلت خصلات شعرها منه ...وعدلته باصابعها ...ونظرت للمرآه ...انشرح صدرها له ...ولشكلها هكذا ...وتمتتمت ..يارب قونى ..
اعادته مكانه وراحت تفتح الباب الذى دق منذ قليلا ...
كانت السيدة ام ايمن ...
جلست معها قليلا واخرجت من جيبها بعض النقود ووضعتهم فى يد سارة ...
ماهذا يا خالتى
قالت ام ايمن بصوت يرتسم الجديه
ماذا يا ابنتى ...نقود ...الا تعلمين النقود
قالت سارة وهى تنظر اليها بين يديها
بلى اعلم ..لكن ما حاجتى اليها ..
الست ابنتى ...ام انك لا تعديننى كوالدتك
قالت سارة
لا....ولكن ....
قاطعتها ام ايمن ووقفت
لا شىء ..انت ابنتى وهذا مصروفك ..ربما اردت شىء ...
ابتسمت سارة فى امتنان 
قبلتها ام ايمن فى جبينها وانصرفت ..
وضعتهم سارة فى درج الكوميدينو بجوارها وشكرت الله تعالى على هذه الام ...
زاد هذا من تفكيرها فيما فاتحت فيه يمنى بالامس. ..فكرت فعليا فى العمل ...لا تدرى ماذا تعمل لكن لابد وان تعمل لتتحمل نفقات نفسها وان تخف حملها عن آل عبد الرحمن ....
فى الصباح هاتفتها يمنى
سارة اود الذهاب لشراء قطع ملابس هلا اتيت معى ..
ابتسمت سارة ...احست بشىء دبر لها ...لكنه لطف هذه العائله وكرمهم ...ومراعاتهم لشعورها دوماً. ..
اجابتها سارة ان لامانع لديها ...هى ايضاً تريد شراء بعض الاشياء...

كان ايمن ينتظرها اسفل البنايه ...
فوجئت به وقالت فى تلعثم ..
ايمن ...اتنتظر شيئا
ظهرت يمنى على بعد خطوات ..اشار اليها للاتجاه لاول الشارع واوقف سيارة اجرة ...ركب هو بجوار السائق وركبتا فى الخلف ..
جذبتها سارة من زراعها وهمست فى اذنها ...لم تخبرينى ان ايمن سيأتى معنا .
قالت يمنى بنفس الهمس ...وما فيها ...
قالت سارة ...سأصبح انا كالعزول الان ..
نظرت اليها يمنى وضحكت. .
فلتفت ايمن بغضب
فكتمت يمنى ضحكاتها واشارت اليه بيدها اعتذارا على صوت ضحكاتها العالى
توقفت السيارة ..وهبط يتجولان بين المحلات التجارية ..
توقفت يمنى وسارة امام احد واجهات المحلات الزجاجيه يطالعان احد الملابس المعروضه على الدمى ..كان ايمن خلفهما مباشرة ينظر مثلهما عبر الزجاج الشفاف ...
فى لحظة انعكست صورتها على الزجاج  ....نظر الى صورتها عليه ..ثم صرف نظره سريعا حين تلاقت عيناه بعينيها من خلال الصورة المعكوسه عليه ..
دخلا المحل ...
فتشا فى القطع عن مودلات ومقاسات والوان مناسبه ...
اخيرا وجدت يمنى ضالتها. ..اخذت الاشياء وذهبت الى غرفة تبديل الملابس ..
كانت سارة قد امسكت بكنزتين واحتارت بين لونيهما ..اقترب ايمن منها وقال مشيراً الى احدهم
هذا لونى المفضل ..
نظرت اليه سارة ...فذهب هو الى باب غرفة التبديل حيث خرجت يمنى بالملابس الجديده
ها ما رايكم ...رائع اليس كذلك
اقتربت سارة وابتسمت وقالت
واااو ستأخذ منك جزء ..
ثم فتحت باب الغرفه الاخرى ودلفت اليه
قال ايمن
سأنتظركما بالخارج
ابدلت يمنى ملابسها ...خرجت سارة مرتدية الكنزه ذات لونه المفضل ...بحثت عنه بعينيها فلم تجده ...
قالت يمنى مثنية على كنزتها
اختيار موفق ياسارة ...لونها رائع وملائم لك جدا ..
ابتسمت سارة وابدلت ملابسها ..

اصدمت سيدة بسارة فى كتفها وهما متجاهتان الى مكان دفع النقود ...قالت المرأه بفرح ..
اووه آنسة نادين ..شرف لى ان تزورينى فى محلى المتواضع ..
عادت يمنى للخلف حيث سارة وقالت فى قلق
سارة هل انت بخير
نظرت اليها السيدة واعتذرت
اسفه ..يبدوا انه اختلط على الامر ..تفضلا معى
كانت السيدة تعمل بالمحل ..وضعت الاشياء بالاكياس واستلمت نقودها ..
وسارة تحملق بها كل ذلك الوقت .....
لقد نادتها السيدة ...يبدوا انها تعرفها ...او كما قالت تشابهه عليها الامر ..
عادت للمنزل ورأسها تألمها من جديد ...وضربات قلبها فى تزايد ...احست بالدوار الذى كان يزورها على فترات متباعدة ...
وضعت رأسها على الوسادة وغطت فى نوم عميق. ...


12

اعتادت سارة على الحياة فى هذا البيت الدافىء 
اعتادتهم جميعا ...واعتادت السيده ام ايمن التى عاملتها كابنتها...كانت ام ايمن اشد لطف اهل البيت معها ...لم تشعر سارة بالوحده فى وجودها بينهم جميعا كانت تقضى معظم النهار معها فى اعمال المنزل بين طهو الطعام وترتيب اغراض المنزل ...كانت تسمح لها ام ايمن بقدر من المساعده حتى لا تمل ...وتملىء حركتهما النشيطه فى الصباح بالاحاديث والحكايا عن ابنائها وزوجها وعنها فى صباها كيف كانت وعن احلامها عندما كانت فتاه غضه ...تعلمت سارة بعض الاشغال المنزليه وبعض الاطعمة البسيطه ...كانت تسعد كثيرا بتحضير البيض المقلى الذى يفضله ماجد فى الصباح ...
كان ماجد هو من يقوم بتلك المهمه حتى اتقنته هى واصبحت مهمتها المعتادة كل صباح ...ويشاركهما ايمن الذى يستيقظ متأخرا عن ماجد فيلحق اخر الفطور ...فتكون سارة قد انهت فطورها فتحضر الشاى وتتناوله معه ...
بتر ماجد حديثه هذا الصباح بمجرد ان خرج ايمن من غرفته ...انهى طعامه سريعا وحمل اشيئه وذهب ...
كان الامر يبدوا عاديا لو لم يتذكر ايمن حديثهما بالامس ...سرح قليلا حين تذكر ...انتبه على ابتسامه سارة الرقيقه وهى تودعه عن الباب ...وكأنهما يكملان حديثهما همسا ...
شعر ايمن بالحنق وقضب حاجبيه وقام ولم يكمل طعامه...
بادرته سارة قائله : 
ايمن ...الن تتناول الفطور 
والاها ظهره وحدثها وهو متجه للغرفه : 
لست جائع ..
ارتدى ملابسه ..وحين نظر للمرأه ليمشط شعره راى على قسمات وجهه شعورا يعرفه جيدا ...
اغمض عينيه وتنفس بضيق ....
خرج قاصدا الباب ...التفت اليها ..كانت تجلس على الاريكه تمسك بين يديها كتابه الذى احضره لها منذ فترة وكانت تقرأ منه على فترات ...وقفت حين رأته ....على لسانها كلمات ..تعجز عن العبور خارج فمها ....ابتلعتهم من جديد ..حين فتح الباب واختفى خلفه ....

عند بوابة الجامعه ...كان ماجد يقف مستندا على سيارة على الجانب الاخر من الطريق مربعا يديه ..
ينظر للساعه كل دقيقتين ...ثم يعاود النظر للبوابه ويدقق النظر الى الفتايات والفتيان الخارجين او الداخلين اليها...
اخيرا اخرج هاتفه واطلق رقما ...
قال بتوتر 
اهلا سارة ...الم تقولى ان محاضراتها تنتهى فى الحادية عشر 
ردت سارة بهدؤ : نعم 
قال ماجد : الساعه تعدت الحاديه بعشر دقائق ولم تخرج بعد ...
ابتسمت سارة ونظرت حولها وسحبت سلك الهاتف وابتعدت قليلا وهمست قائله ..
بالكاد علمت مواعيد محاضراتها اليوم ...فلا تضيعه رجاء وانتظر قليلا ...
: حسنا سأنتظر ..ساره ...هل انت واثقه من تلك الطريقه 
تحدثت سارة بصوت خفيض حتى لاتسمعها ام ايمن 
ان لم تعلم الان فمتى تعلم ...ان لم تفصح لها عن مشاعرك فمتى ستخبرها ..كن واضحا يا ماجد 
قال ماجد : وان رفضتنى ...وان تجاهلت مشاعرى او سخرت منها 
سكتت سارة قليلا وقالت : لا اعتقد 
: لماذا ؟!
: احساسى ..واحساس الفتايات لا يخطأ 
ابتسم ماجد ...واضطرب حين رأها تخرج من البوابه بصحبة صديقاتها..وقال
مع السلامه الان.... احدثك لاحقا 
عبر الشارع ...ووقف على بعد امتار قليلة وناداها 
: ياراااا
التفتت اليه باستغراب ....ثم استئذنت صديقاتها وذهبت اليه 
: ماجد !! خير ...ما اتى بك ...هل حدث شىء ..
زاد اضطراب ماجد اكثر ووقف يفرك كفية 
فاتبعت هى فى شده 
تحدث ..ما بك تقف هكذا ...
: يارا ...اناااا ...احبك


 غالب ايمن كل الافكار السلبية التى غزت عقلة ...حتى مشاكله بالعمل لم تكن تصيبه بمثل تلك الافكار والمشاعر المؤلمة ...
انهى عمله وخرج لا ينوى على لحاق اى وسيلة مواصلات ..يريد ان يسير ...حتى يفكر ويلملم افكارة المبعثرة ...تلك طريقه يحبذها حين يشغله امر ما......لكنه هذه المرة فوجأ ببعثرة افكارة ومشاعره دفعة واحده ....كان يخفى ذلك الشعور منذ ان راها ... تجاهله مرات عديدة ...تغلب عليه كثيرا ....لكنه يبقى الشعور الاقوى خاصة ان كان صادقا.....يحتاج للمصالحه مع نفسه ...يحتاج ان ينسى الماضى الذى آلمه ولازمه لسنوات ....ربما ذلك ما منعه من ان يعترف لنفسه بمشاعره تجاهها ...كان يعتقد انه اذا تجاهل ذلك الشعور ...لن ينمو بداخله ....لكن الحقيقه انه دفن رأسه فى الرمل ... ولم يرى العملاق الذى كبر كحبة الفاصولياء السحرية ..فى الأساطير القديمه ....كبر حتى كاد يخنقه ....ضرب بقدمة حصى صغيرة منتشرة على الارض  ...ولكن الان لا فائدة ..يجب ان يخرج من دائرة الوهم وان يعترف ان ماجد كان اسرع اليها ...عليه ان يعترف ان اعاقته العاطفيه منعته اشياء كثيرة واهمها سارة ....
احس الما بصدره ....عندما مرت امامه كل الصور التى جمعت سارة وماجد سويا كيف كانت تتحدث معه ...كيف كانت تضحك على نكاته ...كيف انسجما كانهم يعرفان بعضها منذ زمن ....
وكيف هى معه ...كيف تقتصر الكلمات على قدر سؤاله ..كيف تعبس او تدير وجها عند حديثه معها ...

رفع رأسه ونظر الى البنايه التى ظهرت امامه فجأه دون ان ينتبه انه قد وصل فعلا لمنزله ...قبل ان يصعد الدرجات قابل يمنى على الدرج هابطه من اعلى ..
ابتهجت لما رأته وقالت :
ايمن ..من الجيد انى رايتك اريد ان احدثك فى شىء بخصوص سارة ..
خفق قلبه بشده ..وتقطب جبينه ...هل ستخبرنى بامرها وماجد ...هل ستخبرنى ان ماجد قد عرض عليها الزواج وهى وافقت ..

قبل ان تكمل يمنى قاطعها قائلا 
فيما بعد ...انا مرهق الان 
ثم تركها وصعد 
تعجبت يمنى من حاله ماهكذا يفعل ...وما هكذا يغعل ان خص الامر سارة ...
كان المنزل هادئا ...دخل غرفته واغلق بابها بدل ملابسه وتمدد على السرير واسند رأسه على زراعيه ...
بماذا كانت تود ان تخبره عنها ...
لما لم يدعها تكمل وتخبره وينتهى من تخميناته كلها التى لا تشفيه بل تزيده حراره واشتعالا ....ربما خاف ان يفتضح امره ...ربما خاف ان لا يستطيع تحمل الخبر ...
اعتدل فى جلسته وفرك جبينه بيديه ...
وظل يردد وما دخلى انا ....فل يفعلا ما يردان ..
اخرج هاتفه وحادث يمنى ..
ظل لدقائق يسترضيها لانه تركها على السلم وصعد ...وهى تسوق دلالها على اخيها ...

كفى يمنى ..هيا اخبربنى ماذا كنت تودين قوله ...
قالت يمنى بصوت مشاغب 
لا قبل ان تعتذر اعتذار رسميا 
حسنا سأعتذر ..قبلا قولى ما هو الامر الذى يخص سارة 
تذكرت يمنى وقالت بصوت اهدى ...
تشعر بالملل وتريد ان تبحث عن عمل 
عمل ؟!
قالها ايمن باستغراب .. اكمل فى خاطره ولما تفكر بعمل وهى ستزوج ماجد ...ولما لم تخبر ماجد واخبرتنى عن طريق يمنى 
قالت يمنى 
نعم ..وتريد منك ان تساعدها 
سألها ايمن 
هل ينقصها شيئا .....هل تريد شئيا 
يمنى : لم تخبرنى ..هى فقد قالت انها تشعر بالملل وسيكون من الافضل لو تبحث عن عمل تتكسب منه وتقضى به وقتا ..
قال ايمن بمرح ..
يمنى كنت تريدين اعتذارا 
لمعت عين يمنى وتصنعت الدلال 
حتى وان اعتذرت لن اقبل ...
ايمن : ما رايك لو تشترى ثياب جديده لك 
ثم صمت قليلا قبل ان يقل 
ولسارة ايضا 
تنهدت يمنى وابتسمت ابتسامه صغيرة على نهاية فمها وقالت ..
هكذا اذا ...اممم لا بأس سأتغاطى واعتبره اعتذارا وليس شيئا اخر ...
اسمعى يا يمنى ...سأترك لامى بعض المال لتعطيه هى لسارة وانت حدثيها انك بحاجه لشراء ملابس لك انت ..حتى لا يتسبب ذلك فى احراجها ...
يمنى : فهمتك ...ستأتى معنا اليس كذلك ؟
قال ايمن باضطراب : اااتى معكم ....لا لا اذهبا انتما وان اردتم اصطحبا ماجد ..
ثم اردف قائلا ..سيسعدها اصطحابه ...
لم تفهم يمنى ما يرنوا اليه بكلامه ..لكنها انهت المكالمه ...حين نادتها امها ...

دخل ماجد من باب المنزل وحزن يرسم لوحه على وجهه ....كانت سارة ترص المائدة ...والحاج عبد الرحمن يجلس على رأسها ...خرجت ام ايمن من المطبخ تحمل اخر الاطباق المملؤه بالطعام الذى تفوح رائحته الذكيه ...
خرج ايمن من غرفته متجها للمائده وعيناه ارضا لا يريد ان تتقابل عيناه مع اى منهما ....جلس الجميع حول المائده ...حتى ماجد المتجهم ..جلس ايضا لم يرد ان يلاحظ احدا شيئا من تغيره لكنه كان مفضوحا دون ان يدرى ...حاولت سارة استشفاف ما حدث ..فكانت تتابع نظراته وتعبيرات وجهه التى تحمل الما ...
كان الحوار على المائده هادئاً يخلو من نكات ماجد وهزاره ...لاحظ الجميع ذلك حتى ايمن الذى لم يرفع عيناه عن طعامه الا قليلا ...بدا غريبا وظل عقله يعمل فى تفسيرات وتحليلات مختلفه ...حتى انهى طعامه ليمنع عقله ايضا عن ضجيج التفسيرات...والتحليلات والاوهام التى قد تجرفه ...


الجمعة، 19 فبراير 2016

11

دخل ايمن مكتبه
فسأله زميله احمد ...
كيف سار التحقيق
جلس ايمن على كرسيه وعلى فمه شبه ابتسامه ساخرة ثم قال
اغلق ...كعادتهم
قال أحمد
صعب ان يجدوا ما يدينك ...انت موظف نزيهه
سكت احمد قليلا وتلفت حوله ثم اكمل
ولو تغلق فمك قليلا لما قامت ضدك كل تلك التحقيقات
هم ايمن بالرد عليه لكن قطع حديثهم صوت هاتف احمد الذى فتحه سريعا ليجيب المتصل ..
وضع ايمن يديه على مقدمه رأسه واستغرق فى التفكير 
حمد الله على نجاته من التحقيق الملفق ...وسأل نفسه هل يصمت ويغلق فمه كما قال احمد ....وجد نفسه يهز رأسه نافيا لتلك الاجابه فما تربى على ذلك وما امره اسلامه بذلك ...سكوته لن يضر به لكن سيتسبب فى ضرر الاف من المرضى يستخدمون عقار هذه الشركه التى تتلاعب فى الكميات الاتيه من الخارج ...يعلم مايحدث لكنه لا يملك الدليل ...خاصة بعد ان علم واخبر رئيسية بذلك ...فقامت عليه الاتهامات والتحقيقات... لكنه قد عاهد نفسه على ان يكشف امرهم ويفضح امر من يقومون بذلك دون علم صاحب العمل بالتأكيد ...
فكر كثيرا ان يسافر اليه فى مقر الشركه الاساسى فى المدينه المجاورة ليخبره لكن مادليله وخاصة بعد ملفه الذى امتلاء بالتحقيقات .....
امتلىء عقله بالتفكير ...وضجت نفسه من فساد وغش ولا يعلم كيف يمنعه
اخرج هاتفه واطلق رقم يمنى
حدثها فى كذا امر واستمع اليها ثم سكت ....فهمته يمنى فهى تفهمه جيدا كما يفهمها وتلاحظ اهتمامه المتوارى بها   تحدثت تقطع سكوته ...
مابها جميلتكم ؟
ابتسم ابتسامه صغيرة سرعان ما تلاشت عندما تذكر صورتها بالامس بعد زيارة الطبيب
يبدو ان الامر سيطول ..لم يخبرها الطبيب بأى امل فى الشفاء ..لذا حالتها النفسيه ليست على مايرام
تأثرت يمنى من حديثه عنها
وقالت
وماذا تود منى ان افعل
يعنى ..تقربى اليها انت ويارا ...انتم فتايات مثلها ..
ردت يمنى
بالتأكيد هى تشعر بالغربه ...وخاصة فى بيت اغلبه شباب
حسناً حسناً لا تشغل بالك سأتولى الامر
انهت يمنى حواره عنها بتلك الكلمات وادارت دفة الحديث فى اتجاه اخر فقد غارت من اهتمامه بها ..فهى كانت دائما تحب اهتمامه بها ومراعاته لها اكثر من اخيها ابن والديها على وكانت تتباهى امام صديقاتها به ولو لا معرفة الجميع انهم اخوان من الرضاعه ما شك احد فى انهم حبيبان او خطيبان ...

مر شهر منذ الحادث
وهى لا زالت تعيش معهم فى بيتهم المتواضع وبين افراده الذين اعتادوا عليها اصبحت فردا منه وكأنها ولدت فيه ..
احست ام ايمن ان الفتاه قد بعثها الله لها لتعوضها فهى لم ترزق بالبنات ...واحبها الحاج عبد الرحمن كأحد ابنائه ...كان ياسر برغم قلة تواجده وانشغاله بمذاكرته طوال الوقت الا انه كان يحب حديثها ومشاكستها احيانا ..كانت تحب ان تقرأ فى بعض كتبه ودروسه ارادت كثيرا ان تضع نفسها نفس الموضع لربما تذكرت كيف كانت عندما مرت بتلك المرحله فبتأكيد مرت بمرحلة الثانوية العامة والجامعه ...اعتبرها ماجد اخت وصديقه مع حفاظه على الضوابط الشرعيه رغم انه لم يكن بقدر التزام ايمن لكنه كان يشعر بمسؤلية كبيرة تجاهها منذ لحظة ان قفز خلفها وانقذها من الماء وهى ايضا تحفظ ذلك الجميل وممتنه له ..
اما ايمن لم يكن تجمعه بها اى احاديث من اى نوع ..كلماته كنت تكتفى بالسؤال عن الحال اليوم فترد على قدر السؤال و فقط ...كانت تحتار كثيرا فى اسلوبه هل هو عدم رغبه فى الحديث معها هى بالذات ام انه هكذا حاله مع الجميع  ..
لكنه يتغير كثيرا فى وجود يمنى ...يتحدث معها كثيرا وترى ضحكاته ايضا فى حضورها ...لم تكن تعلم معنى اخوة الرضاعة. .بدى لها الامر وكأنها قصة حب تجمعهما ..
هى ايضا احبت يمنى كثيرا اصبحت صديقتها فى هذه الحياه الجديده ..احبة ايضا والدتها السيدة ام على فهى على نفس طيبة ونقاء اختها ام ايمن رغم حدة حديثها ...
اعتادت يارا ايضا وحديثها اللازع ويبدوا انها قد ورثته من امها لاكنها لم تستطع انشاء صداقه معها ...
على لم تكن تراه كثيرا فى غير اجتماعات العائلة للعشاء مساء كل خميس اما دون ذلك فكانت تراه اذا كانت بصحبة يمنى فى منزلهم ..


اصبح ايمن شريكا اساسيا فى غرفة نوم ماجد وياسر بعد ان استولت سارة على غرفتة ...
فى تلك الليله ...ليلة الجمعه بعد انتهاء العشاء والسهره العائلية وانصراف الجميع ...
خرج ياسر كعادته ليستذكر فى الصاله ...تقلب ماجد فى سريره وجفاه النوم ...لاحظه ايمن الذى لم يكن سيطر عليه النوم كلية ...
فقال مداعبا اخاه
تلك حاله اعرفها ....
قام ماجد ووضع الوساده خلف ظهره وشبك يديه ...
وقال ..انصحنى ماذا افعل ...
جلس ايمن ايضا واشعل ضؤ المصباح الصغير على المنضده الصغيرة بين السريرين ..
اتحبها حقا؟! سأله ايمن وهو يركز بصره بعيدا عن ماجد الذى هز رأسه وزم شفتيه ولمعت عيناه ...
قال ايمن بنفس تقطيبة الوجه
اذا فاتح ابى ليخطبها لك ...
قال ماجد باستنكار
هكذا قبل ان اتأكد من مشاعرها
اغمض ايمن عينيه وفتحهما ببطء وابتلع ريقه بصعوبه وقال
اعتقد انها تستلطفك
ابتهج ماجد وقال
حقا ...
ثم اكمل فى مراره
لكنها تصدنى ...ولا تدع لى فرصه لافصح فيها عن مشاعرى ..
ولا اعلم هل تحمل لى اى منها ام لا
عدل وسادته وهو يكمل
لا اود ان اتقدم اليها قبل ان اتأكد اولا هل لى مساحة بقلبها ام لا ...
مد ايمن يده للمصباح واطفأه ...ليته يستطيع بضغطة كهذه ان يذهب شيئا اشتعل بداخله ..وافكار ملئت رأسه ...
نام ماجد ..وظل هو حتى الفجر يتقلب ....ايقظ ابواه وماجد وصلى الفجر ونام ...