السبت، 17 نوفمبر 2018

5

5
استقبلت سها اولادها وزوجها حسن فى المطار واقاموا جميعا في بيت العائله الكبير ..
ذلك البيت الذى اعده والدها على امل ان يسكنه اولاده جميعا فبناه من اربع طوابق سلمه داخلى من الطابق الارضى وكل طابق به شقتان متقابلتان  لحسام وعصام  الطابق الثانى وسها وثناء الطابق الثالث  والرابع به شقه واحده للاخ الاصغر حازم  ..لكن لا احد سكن به وظل مهجورا الا فى الاجازات المتفرقه ولا يجتمعون حتى ثناء التى تقطن نفس البلد فضل زوجها محمد السكن فى شقته هو ...
سعدت الجده بأحفادها الذين تجمعوا حولها اولا سيف وعلى واخوته احمد وسلمى ثم ابناء سها ( سندس ورؤى والاء ) كانت فقرة العشاء من اهم فقرات اليوم خاصة لدى سيف الذى ارتبط بجدته ارتباط وثيق عوضها عن غياب ابيه اكبر ابنائها كانت احاديث العشاء من امتع الاحاديث لديهم جميعا، الجدة وسيف وعلى ثم الفتايات الاتى حضرن مؤخرا ....
لم تكن الفتايات يشاركن كثيرا فى الحديث فوجود شابين على المائدة لم يكن بالامر العادى فى حياة مغلقه كالتى كانوا يعيشونها ...
كانت تتابع رؤى الحديث دائما وهى صامته بينما كانت تستئذن سندس فى معظم الاحيان ويلهون الصغيرات قليل بعد العشاء ..قبل ان تناديهم سها للنوم
استغل حسن تلك الاجازه فى زيارة اقاربه واهله فى بلدته فى احد قرى احد المحافظات واخذ معه سها والفتايات ....
واستغل الجزء الاخر فى الخروج والتنزه مع الفتايات
على العشاء كل ليلة كانوا يستمتعون بحكايا الجدة وذكرياتها عن ابنائها لم تكن تلك متعت رؤى التى استمعت الى تلك الاحاديث مرارا وتكرارا كانت متعتها شىء اخر ، دقات صغيرة ونبضات غريبه وابتسامة تلوح فى فمها كلما تكلم سيف او علق او ضحك على كلام الجدة ...
تلك النبضات الخفيفه التى كانت تشعر بها رؤى لاول مرة فى حياتها مع قشعريرة خفيفه تنتابها حين يتحدث..او يضحك ..كانت تشعرها بالسعاده البالغه ..
سعادة لم تكن تعلمها من قبل ..فى ذلك القلب الغض الصغير ..
تحشرج صوتها وتقطعت انفاسها واضطربت حين سألها سيف عن دراستها فى السعودية ..
اجابت بكلمات مقتضبه وسريعه ثم استئذنت وانصرفت من فرط حرجها ...
ادرك (على )ذلك وابتسم بمكر ولم يعقب ...لكن سيف لم ينتبه لما حدث واكمل حديثه مع الباقين ...
...................................

كانت المكالمة هادئه حتى اخبرها سيف انه قابل خاله مصطفى الذى لم يعرفه حتى عرفه سيف بنفسه وذهب معه الى بيته ورأى جدته المريضه
_ ومن سمح لك بزيارته
_ هو فى النهاية خالى مهما كان قدر الخلاف بينكم
_ وكيف تعامل معك
_ فى منتهى اللطف والود ...وكذلك اولاده
قالت امانى بانفعال
_ طبعا منتهى الود ما لم تسأل عن حقى 
_ لا اعلم ...هو لم يسألني عن شىء. ..وانا اوضحت له سبب وجودى فى مصر  ..
سكت سيف برهه
فقالت امانى
_ و.هل رايت جدتك
سكت سيف قبل ان يجيبها
- نعم ...
_ وكيف هى
- مريضه للغاية ...
هتفت امانى باستنكار لما يقوله
_ امى !! ماذا بها
- تغيب كثيرا عن الوعى وتفيق لا تكاد تعرفهم
وبالطبع لم تتعرف على 
اغلقت امانى الهاتف مع سيف ووضعت رأسها بين كفيها وبكت بكاء شديد ...بكت رغم صلابتها وقسوة تعبيرات وجهها اذا ذكر هذا الموضوع تحديدا
صلابه تحدثت بها مع امل اختها فى الهاتف لتخبرها بماقاله سيف
امل : يا حبيبتى يا امى ...قصرنا كثيرا فى حقها يا امانى
امانى : هى من فعلت ذلك
_ وماذا كان بيدها
- على الاقل لم تعترض على ما فعله مصطفى ...
الا تذكرين حين طردنا مصطفى من بيته حين طالبنا بميراثنا ...لم تعترض ولم تحرك ساكنا
- لكنها امى يا امانى ..امى ولن انتظر هنا بعد ما علمت انها مريضه ..
- ستعودين ؟؟
- لا يحتاج الامر لنقاش يا امانى
لم يناقشها حازم بل تفهم الامر وحاول مع حسام لاقناع امانى بالسفر ايضا لترى والدتها المريضه ..
كما اتفقا على قضاء اجازه ورؤية والدتهما وثناء بعد ما علموا بوجود سها ايضا ...
كانت فرصة رائعة لتجمع العائلة معا فى مصر لاول مرة ..
كان سيف بانتظارهم بالمطار ...عانقهم جميعا فقد اشتاق اليهم كثيرا...لم يغادروا المطار لان طائرة حازم القادمه من لندن على وصول ...انتظر الجميع فى صالة الانتظار حتى هبطت الطائرة ...
تعانق الاخوان حسام وحازم..والاختان كذلك امل وامانى ...
وتعلقت ربا فى عنق عمها حسام كالاطفال بينما كانت روبان تعطس من تغيير الجو ...
انتهت ربا من جولة العناق والمرح التى اشاعتها فى سلامها على الجميع ..حتى وصلت( لعلى) فقالت ..
انت (على )..اووه تغيرت كثيرا عن اخر صورة ارسلتها عمتى لكم ..
ابتسم( علي) وقال ساخرا دائما ما تورطنى امى
لم تستطع قول شىء حين وصلت لصاحب العينين الواسعتين المحملقتين بها
سيف - حمدلله على سلامتكم
ربا - لم تتغير كثيرا يا سيف .

هم الجميع بالانصراف فقالت امل اذهبوا انتم سألحق بكم بعد ان اطمئن على والدتى ...ثم نظرت الى اختها امانى تستحثها على القدوم معها ...نظرت امانى الى زوجها حسام فرأت فى عينيه نظرة حنونه يحثها ايضا على الذهاب وان تنسى الماضى
قالت لأمل : وماذا ان طردك مصطفى
اجابتها امل ..
لن تطأ قدمى اى شبر على ارض مصر قبل ان اطمئن عليها
وانت ستأتين معى
نظر حسام الى سيف وطلب منه مرافقة والدته وخالته الى بيت خاله حيث تقيم جدته معه ..
انصرفت معها امل وهى تخفى صراعا بداخلها ...اشتاقت لامها وارادت الاطمئنان ايضا عليها خاصة بعد معرفتها بمرضها لكنها ابدا لم تنسى خلافها مع مصطفى اخيها الاكبر
لم تنسى كيف منعهم من زيارة والدتها كثيرا كلما اتت الى مصر حتى ملت ..وكيف استولى على ميراثها وميراث امانى من ابيها ...وكيف قست امها ايضا فلم تعد تسأل او تتصل بهم .. وكيف منعتهم من المطالبة بإرثهم ...وكيف انقطعت الصله بسبب تلك المشاكل ..

عاد الجميع الى البيت الكبير حيث الجده والام الكبرى ...استقبلتهم بحفاوة وفرحت اكثر ثناء بتجمع اخوتها حولها ..لم تكن تفارق منزل العائله سوى فى المساء وتعود فى الصباح الباكر هى وسلمى
ذهب سيف مع والدته وخالته امل التى كانت قلقة بشأن مرض امها ..
قابلهم مصطفى واستقبلهم فى منزله ..كان غريبا ولينا كما لم تعهداه من قبل ...انكبت امل تحت اقدام امها المستلقاه على السرير دون حراك وعلامات الوهن والمرض قد اخذ منها كل مأخذ ..جلست امانى بجوارها وهى تحاول السيطرة ومنع دموعها من الفرار ...
حاولت امل محادثة والدتها نادت عليها كثيرا حتى فاقت ...لكنها كانت تفيق وتذهب سريعا فى غيبوبه اخرى ..
حتى فى اللحظات الى فاقت بها لم تتذكر امانى لكنها تذكرت بصعوبه امل ...
شعر سيف بالاسى فتركهم وخرج يجلس مع خاله وابنائه

كانت الاولى فى التقاء فتايات العائلة جميعا فى بيت العائله..لم ترى ربا وروبان بنات عمتهم سها منذ كانوا صغار ..
جلسن فى غرفة المعيشه يتبادلن الحكايات والاحاديث تعرفت روبان وسندس وسارة وتآلفن كثيرا على عكس ربا ورؤى لم يتآلفن وكانا كقطبين مختلفين

فى الصباح يلتف الجميع حول مائدة الافطار الكبار والصغار الا الدكتورة امل التى استيقظت باكرا وذهبت الى بيت اخيها حيث اتفقت معه على نقل والدتها الى مشفى تخصصى لعلاجها ...
لم تنتظر امل امانى حتى تستيقظ ولكن الاخيرة لحقت بها فيما بعد ...

كان سيف اول المستيقظين ..كان على موعد ..او كان يتهيأ لموعد ...تلك فرصته فى لقياها ..تختلف هذه المره عن كل المرات التى رأها فيها من قبل ..
مرت اعوام تغير فيها.. شب وصار رجلا ..ترك منازل الصبا وشقاوتها ..ترك مشاغباته التى لم تتهى الا بسفره ...لكن مشاعره التى ازهرت هناك فى الخليج فى اخر  زياراتهم ....كبرت معه ونمت واشتاق للوصال مجددا ..

لكن هل هى ايضا ازهرت لديها برعمات الحب يوما ..أم ان شمس الغرب الباهته اكسبت القلب بروده ...كبرودة اجوائه وعلاقاته …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق