الاثنين، 24 أبريل 2017

49

الحلقه 49

لم يكن شادى بالمنزل حين عادت ، من حسن حظها انه تأخر عن موعدة ، أسرعت الى غرفتها وشرعت فى توضيب حقيبتها وجمع اشيائها ، انتفضت حين سمعت طرقات الباب ، كان شادى ، تقدم ناحيتها ونظر الى الحقيبه ، تقضب حاجبيه وسأل : ماذا تفعلين ؟
اعتدلت واقفه وقالت بثقة : ألملم اشيائى .
قال باستفهام اكبر : ولما ؟
نادين : سأذهب من هنا .
قال بثبات : الى اين ؟
قالت : الى منزلى
قال بتوجس : هذا منزلك
نظرت اليه مباشرة وقالت : هذا ليس منزلى ، كما انك لست بزوجى
ابتلع ريقه وحاول السخرية مما تقول فقال : ما هذا الهراء يا نادين
اغلقت الحقيبه وانزلتها من على السرير وامسكت بمقبضها وتحركت قبالته
وقالت بحدة : لم تستغل موت اسامه فقط بل واستغللت ذاكرتى المفقودة أيضاً  لأعود اليك .
نظر اليها بفاه فاغر ، لا يعلم هل وجدت ذاكرتها المفقودة ام وجدت من اخبرها بتلك الاسرار .
اكملت بمرارة  : كيف كنت سأعيش معك هكذا وقد طلقتنى من قبل ولم ترجعنى زوجتك  .
قال بنبرة عالية : كنت سأخبرك يا نادين وأطلب منك الزواج ثانية ، كنت خائف ان تعود اليك ذاكرتك فتتركينى او تحاولى الانتحار كما فعلتها مراراً .
قالت : لما !!! لما حاولت الانتحار ولماذا كررت المحاولة ؟؟!
جلس شادى ونظر الى الاسفل وسرد لها الحكاية :
كنت أحبك قبل ان يعرفك اسامة ،  شاب متوسط الحال يتيم تربية خالته التى لا تنجب ، ضحك بسخرية واكمل :لم استطع التقدم اليك بالطبع وتقدم أسامة ، كان اسامه اوفر حظا منى وكان يحظى بمكانة عند والدك ، بعد الحادث راقت لى الفكرة ان اتقدم لطلبك من والدتك ، لم اكن متأكداً  من قبول الفكرة لديكم ،وكنت متقبلا لرفضكم طلبى ولى انا ايضا ، فوجأت حين اعتقدتنى والدتك بأننى أسامة فتقمصت ذلك الدور .
مرر شادى يده على رأسه فى حركة عصبية وقال : لم يكن على الاعتراف لك ليلة زفافنا ، كان كل شىء يسير على ما يرام .
اكملت هى : حتى ثملت .
نظر اليها : كانت غلطة اضاعتك منى .
ثم اكمل : طلقتك بناء على طلبك بعد محاولتك الاولى للانتحار ، ورفضت اعادتك كما طلبت والدتك ، كانت كل الظروف التى مررت بها تزيد حالتك سؤا يوما بعد يوم فطلبت منها ان تتركك حتى تتعافين من احزانك وسأبتعد عنك حتى تهدئين ، وأخبرتها ان ادارة الشركة التى اوكلتها الى بعد زواجنا اذا ارادت فلتستردها ، كنت اعلم ان بقائى فى ادارة الشركة
سيبقينى قريباً منك ، لكن والداتك كانت تخاف من كلام الناس فصممت على ان تعودى معى .
نظر اليها وقال : كنت سأخبرك يومها أننى احبك ولن اجبرك على العيش معى ، كنت سأخبرك اننى لن اجبرك على شىء حتى وان صممت والدتك سأصطحبك للمنزل فقط لكن سأتركك وشائنك حتى تعودين لى بأردتك .
قالت : وخالتك !!لماذا كانت تعاملنى بسوء
قال : خالتى لم تنجب كنت انا طفلها خاصة بعد وفاة والدتى كنت اتنقل فى العيش بينها وبين ابى حتى انتقلت للعيش معها بشكل دائم حين دخلت الجامعه ، كانت تغار منك لحبى لك ، هى لم تنسى انك تركت المنزل فى ليلة الزفاف وجعلت الناس يحكون عنا ، نظر اليها وقال : لن تؤذيك ثانية ..صدقينى
سحبت حقيبتها خلفها وخرجت من الغرفة ، هتف قائلا : نادين ...لا تتركينى ، سأعيد لك كل اموالك لكن لا تتركينى ..
نظرت اليه ثم تابعت السير حتى خرجت من باب المنزل .
صدقت ما تتطابق مع قول المربية اما عن مشاعره فلا تعلم هل تصدقة ام لا ، خرجت من المنزل وكأنها تتنفس للمرة الاولى ، اصابها هواء المساء البارد برجفة صغيرة فضمت ذراعيها وتنفست بعمق وابتسمت .

فتحت اشرعة الشرفة قى غرفة نومها فى منزلهم، رغم ضجيج الافكار فى رأسها وتصارع كلام المربية مع كلام شادى ، الا انها تشعر بسعادة امتلاكها الماضى عبر حكايا المربية ورواية شادى التى اكدت بعض تفاصيله ، مؤسفا ان يحكوا لك تفاصيل حياة كنت انت بطلها الاول ، تفاصيل كنت انت من تدرك وحدك خباياها ، من السهل ان يحكوا الاحداث ان يصفوا الاماكن ان يرسموا لك صورا شبيه بالماضى لكنها من عيونهم هم ورغم انك كنت العنصر الاساسى فى الصورة الا ان صورتك مشوشة ، باهته ، تفتقد روح الحياة .
يكفى انها تعلم الآن لما قذفت بنفسها فى المياة الباردة تلك الليلة من ليالى الشتاء ، كانت محاولة انتحار ، ابتسمت بسخرية وقالت فى نفسها ، ولم تكن الاولى ، لم تمت فى الاولى ولا الثانية ، درسا اراد الله لها ان تتعلمه ، هذه الحياة ملكه وحده هو وحده ينهيها متى شاء ، كما ان الابتلاء ملكه أيضاً ، لحكمة ينجينا ولحكمة يصيبنا به ، كان عليها ان تدرك قيمة الحياة التى حاولت التخلص منها ، الان ادركت ان فقد الذاكرة كان رحمة منه سبحانه لتنسى الالم والحزن وترى العالم من جديد ، لتفكر وتختار وتقرر مصيرها وحدها .
فاقت على صوت العصافير على الشجرة القريبه من الشرفة ، واستنشقت هواء الفجر العليل ، صلت واستغرقت فى النوم العميق .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق