السبت، 20 أغسطس 2016

29

لم يستطع احد النوم تلك الليله ..الكل يفكر فيما حدث...بالطبع كانت امنيتهم ان تعود سارة الى اهلها ..لكن المؤلم ولم يكن بالحسبان ايضا ..ان لا اهل لها الا ذاك الشاب الذى يدعى خطبتها ..حتى ايمن قام متأخر الى عمله ...ولم يستطع الحاج عبد الرحمن النزول ايضا الى السوق ليحضر الخضر والفاكهه او حتى جرائده الصباحية. ..كانوا يفكرون جميعا هل صدقا ما ادعاه هذان الزائران بالامس ..هل ستذهب معاهما سارة او نادين ...وكيف لهما التحقق من صدق اقوالهم ...
لكن مع انتصاف النهار اتاهم زائر اخر ...يطلب مقالبة سارة لامر هام ...
طرقت ام ايمن الباب علها تستيقظ من سباتها العميق ....انتفضت على غير العادة ...فسارة حين تستكثر الاحداث والاسئلة فى رأسها تهرب الى نوم عميق تصحوا منه بصعوبة ...انتفضت تستغفر من كابوس مزعج رأت فيه والدها بمعالم مبهمه لم تستطع تفسير شكله او ملامحه والحادث المؤلم الذى اودى بحياته وهى تنادى عليه ولا يرد...ثم غلام صغير ينادى عليها ولا تستطيع تلبيته..ثم يغيب صوته ويخفت ببطء  ....
ابلغتها ام ايمن بوجود مالك على غير عادته فى ساعات النهار وقبل الظهيرة...استقبلته سارة فى غرفة الصالون التى كان يجلس ينتظرها بها حتى تستيقظ ...القت السلام وحاولت تفرس وجهه واسنباط سبب حضوره العاجل فى الصباح ...
جلست وانتظرته يتحدث ويفصح عن همه وانزعاجه ....كان ينظر للاسفل ...ثم حك انفه وسالها عن حالها ..
سارة : الحمد لله
مالك : بالتأكيد فكرت فيما حدث البارحه ..
اومأت سارة راسها ونظرت اليه تحثه على الاستكمال
فقال :- وماذا قررت
استعجبت من سؤاله ..ومايرنوا اليه من ورائه ..
فسكتت تحملق فى كفيها وتحرك خاتما بأصبعها ..حتى تكلم اخيرا وافصح عن مايختلج فى صدره
مالك : اعنى ...هل صدقت ما قالاه ...
رفعت رأسها اليه فأكمل
: يمكنك ان ترفضى ..وتنكرى ما قالاه ..
بحاجبان مقتضبان قالت
سارة : ثم ماذا ؟؟!!!
عدل من جلسته واتجه بجسمه ناحيتها وقال بلهجه ودوده
: ثم نتزوج ...سارة ...انااا اريدك كما انت ..لا اريد من ماضيك شىء...اريدك كما عرفتك ...
سارة : تريدنى ان اترك خيطا يصلنى بالماضى ..يصلنى بأهلى بعائلتى ..يصلنى بى انا ...
نظر مالك الى الارض ...فقامت سارة من مكانها وقالت
: لحظه
وعادت تمسك علبة صغيره وكيس هدايا ملون بالوان زاهيه منقوشه ..
وضعتهم على الطاوله امام مالك وسحبت من اصبعها خاتم الخطبه ومدت يدها به اليه ..
نظر متعجبا اليها فأكملت
: انا هى انا بماضى وحاضرى ومستقبلى ....
وقف مالك وقال متوسلا
: سارة لا تتسرعى ..انا متمسك بك
قالت : وانا اريدك عونا وسند ...تقبلنى كما انا بماضى وحاضرى ومستقبلى .. لا حاضرى فقط.
هتف قائلا : ساره
قالت :مالك انا احلك من اى اتفاق .
ثم انصرفت الى غرفتها واغلقت الباب


فى ذات النهار بعد انصراف مالك يحمل هداياه وخاتم خطبته لسارة ويحمل تعاسة رفضها لاقتراحه بل رفضها له كلية وعدم اكتراثها لتوسلاته فى البقاء ورفض الماضى وقبول الحاضر وبناء مستقبلا معه هو كما يريد ...

اتى زائر ايضا فى نفس ذات النهار ...كانت تلك الفتاه التى اتت فى المساء هى واخيها تحضر بين ايديها بعض الصور الفوتوغرافية. ....
تفحصتها سارة بعد الحاج عبد الرحمن ...صور التخرج بالكاد عرفت نفسها من بين الطلبه والطالبات ترتدى زى التخرج وعلى راسها الكاب ينسدل من تحته شعرها البنى وتشع من وجهها ابتسامه صافيه ...وصور اخرى تجمعها بالفتاه ...وصور اخرى مع ذلك الشاب ...وصورة فى عيد ميلادها وهو يقدم اليها هدية صغيرة ملفوفه بعنايه ....
تركا لها الصور وذهبا ....
واخبراها انهم سيأتون لاصطحابها فى المساء لترى بعض الاماكن ربما تذكرتها او ساعدت فى محو طلاسم تلك الذاكره العنيدة ...


اتى ايمن خلفهم ..كانا قد غادرا منزله ...سأل عنها فأجابته والدته بما حدث من الصباح ..
اخفى شعورا بالفرح قد غزاه رغم توتره وقلقه عليها حين اخبرته والدته ما فعلت مع مالك ...
والصور التى اخذتها من الفتاه تتفحص بهم وتقرأ ملامح من بها ...عل ذاكرتها تألف اى منهم وتستدعيه من اعماقها ...
وضع ايمن الجرائد من يده على منضدة المائدة وجعل يفردها واحد تلو الاخر ....جرائد تغلب على اوراقها صفرة التقادم ..تحمل تواريخ متقاربه ...خبط بأصابعه على الجريده المفتوحه امامه ...على احد الاخبار يحتوى صورة لحادثة واخر لنفس الخبر به صورة شخص ذو هيئة وقورة فى اطراف صفحة فى جريده اخرى ..
وفى صفحة الوفيات لجريده كبيرة  كان ينفرد اسمه بالجزء الاوسط لاسفل.. من الصفحه.. ثم نعيه فى اخبار يتضح اهمية اصحابها وتكلفتها من حجم الخط ومكان النعى الذى نشر فيه وعدد كلماته ...
طوى الصحف وابرز ذلك الخبر محور الاهتمام...   بدأ يقرا تفاصيل الخبر فى كل صغحه ويقارن مابين الاخبار وبعضها  وخاصة فى التواريخ ...ثم حين وصلت عيناه عند بعض الكلمات حمل الجريده وقربها من ناظريه ليتأكد مما قرأ ..ثم تكررت نفس الجمله فى اكثر من خبر حتى فى النعى كانت موجوده  ...استدعى سارة .... ويعلم انه يوم شاق عليها ...خرجت تحمل الصور بين يديها ...جلست على مقعد المائدة تنظر الى الجرائد ....الامها اكثر صورة الحادث  ...وامسكت بالجريده التى تنشر صورة فوتوغرافيه واضحه لوالدها فى خبر عن الحادث ..وامعنت النظر فيه ...لم تنتبه لكلمات الخبر فى كل جريده....كانت مشدوهه اكثر لصورة الحادث وصورة والدها ...
راجع ايمن الصور التى احضرتها الفتاه واسترع انتباهه شىء واسره ولم يبديه ...
ثم تكلم حين وجد رقرقة الدموع فى عينيها. .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق