السبت، 23 يناير 2016

5



الحلقه الخامسه
عبد الرحمن رجل على المعاش قد تجاوز الستين بأعوام قليله ...انهى حياته المهنيه فى شركة للكهرباء ..تبدوا عليه علامة الكبر لكنه يمتلك نفس الابتسامة التى تُزين محياه وتفتح له القلوب منذ وُجِد فى هذه الحياه ورغم كل المصاعب التى مرت به وتمر بأولاده الا انه دئما يقابلها بنفس الابتسامه
قبل خروجه على المعاش كان قد تخرّج ولده الثاني ماجد من كلية الهندسة رفض عبد الرحمن أن يذهب لرؤسائه يتوسط لتوظيف ابنه كما يفعل زملائه في المصلحة..لكنه كان رجل يملك قدرا من الثبات على المبادئ التي تربى عليها وعمل على زراعتها في أبنائه طيل حياته ...
حتى أيمن الذي تخرج من كلية العلوم رفض ان يتوسط له على عكس احد زملائه الذين توسط لتعين احد ابنائه خريج كلية الاداب وبالفعل تعين ..رفض ان يتوسط له رغم تعبه فى البحث عن وظيفة تناسبه ..
منذ ان خرج على المعاش وهو يساعد زوجته كثيرا حتى انه اصبح يتسوق بدلا عنها ..وخاصة بعد اصابتها بالروماتزيم ..تخفيفاً ومساعدةً لها وتقضية لوقته فى خدمة اهل بيته كما وصى بها النبى صلى الله عليه وسلم " خيركم خيركم لأهله "
خرج هذا الصباح يجوب السوق يُلقى السلام على البائعين الذين توطدت علاقته بهم منذ اصبح التسوق من عاداته اليوميه  ....اشترى انواع من الخُضر و الفاكهة ..اشترى تفاحاً و موز رغم ان ايمن لا يأكله فلديه حساسية منه فاشترى له البرتقال لكن لديهم ضيفه وعليه الترحاب بها ..ولم ينسى جريدته المفضلة ..
كان يشغل باله حالتها وفقدها لذاكرتها.. كيف ينسى الانسان عمراً بأكمله..كيف ينسى أُناس وبشرعاش معهم ..بل كيف ينسى ابواه ..
ابتسم بأسى حين تذكر دارالمسنين وأباء وأمهات تركهم ابنائهم هناك ونَسُوهم ..

----------
بسم الله ماشاء الله
قالتها ام ايمن حين رأت الفتاه
تخرج من الحمام مرتديه الملابس التى احضرتها يمنى ..على الرغم من انها انحف بكثير من يمنى بهيئتها التى رأتها عليها لكن الملابس كانت مناسبه الى حد كبير..
ارتدت جيبة قرمزية وكنزه زهرية رقيقة مثلها منقوشة بوردات صغيرة تنتشرعلى صفحتها الزاهية ..
على كتفيها منشفه صغيره تجفف بها بقايا قطرات الماء  العالقة بخصلات شعرها البني الطويل بعد أن أخذت حمامها تزيل به اثار ليال قاسيه لا تعلم لما رمت بها الاقدار اليها ام لما رمت هى بنفسها فى هذا الاتجاه ..
ربما ساعدتها قطرات الماء المتساقطة في توالٍ على رأسها
الي الهداية لأي ذكرى تطفىء نار التفكير وصرير الصداع الذى يملكها كلما حاولت ..كأن عقلها يعاقبها بفعلتها فيأبى ان يتذكرويأبى مساعدتها...ويألمها بصداع شرس
ابتسمت وهى تسمع اطراء السيدة ام ايمن ودخلت الى الغرفة
سمعت بعدها ام ايمن طرقات على الباب واستغربت حين رأته أبا أيمن ..
لما لم تفتح يا رجل ..هل نسيت مفتاحك يا عبد الرحمن
وضع الاكياس على المنضدة وجلس على كرسى يلتقط انفاسه ..ونظر الى زوجته باسماً وقال مشيرا برأسه الى باب غرفة أيمن ..
انسيتى؟!! لدينا فتاة ..
كيف هى؟ ..هل استيقظت
نعم
جلست ام ايمن بجواره ..وقصت عليه ما دار من الصباح ..ام أيمن سيدة بسيطة ممتلئة القوام تحب زوجها كثيرا وابنائه وهم محور حياتها لا تحتفظ بسر لها ابدا وتعشق قص التفاصيل ..يستمع لها عبد الرحمن دائما ويدخل معها فى تفاصيلها وتحليلاتها البسيطة للأمور اعتاد ذلك ..اعتاد ان لا ينزعج من كثرة التفاصيل رغم  معايشته لمعظمها ..اعتاد الاستماع اليها دون ملل ..واعتادت هى ان تستقبل ذلك منه ..وتراه حباً ...فتقابله هى بضحكه وكلمة مأثورة تقولها دائما كلما شعرت بأنها استغرقت وزادت اوان من امامها قد مل..
يااااه فمى تعب من كثرة الكلام ..سأكمل فيما بعد
يضحك عبد الرحمن على كلمتها المعتادة
اذاً لدينا عزومة الليله على العشاء  
قالت ام ايمن وهى تقوم خلفة تتبعه الى غرفتهما
انت تعلم ام على لن تسكت وتستريح حتى تعلم اصل وفصل الحكايه
ثم انك تحب ابا على وتنسون انفسكم وانتم تلعبون الشطرنج
اختفى صوتهم داخل غرفتهم

كانت تسمعهم من خلف باب الغرفه ..
ابتسمت وعادت الى المرآه تصفف شعرها ..لمعت فى عينيها دلاية الحرف الذهبى وتذكرت حوار الامس ..لا بد لها من اسم ينادونها به وتعرف نفسها الجديده به ..لربما تلك فرصه كما قال ماجد ان تختار اسما على ذوقها ..فكرت فى الاسماء التى ذكروها ..أخذت تردد كل اسم وتتخيل نفسها به
فاحتارت .. لم يكن الامر سهلاً ولا ممتع ان تختار لنفسك اسماً وتعتاده ..كم ينقذانا والدانا من تِلكُما حيرة ..
تمنت لو عرفت اسمها الذي سُميت به منذ ولدت ..
اثارها الامرفبكت وعاد الصداع يتملكها .. حتى نامت لم تشعر بشىء.. سوى خبطات خفيفه على باب الغرفة
لم تستطيع تمييز الصوت لازالت اصوتهم جميعاً غريبه عليها ..
كان ماجد ..يسألها عن حالها
خرجت من الغرفه وجلست معهم فى صالة المنزل...صالة ليست بالواسعه ولا الضيقه ...جيدة بالنسبة لبيت من البيوت ذات الطراز القديم ..
الحمد لله
بصوت هامس ردت على ماجد
فاتبع هو
تذكرت صديق لى ..طبيب اوصلنى الى طبيب نفسى بالمشفى التى يعمل بها واخبرته عنك وعن الحادث
قال انه لا يمكن التنبؤ فى مثل هذه الحالات بموعد استرداد الذاكره ..
ولذلك توجد بعض العلاجات والتمارين الخاصة بالذاكره التى تساعد بعض الشىء
قال ايضا انه ربما يأتيك صداع او دوار فى فترات قريبه
هزت رأسها وهى تسمعه وعلمت سبب الصداع الذى يملكها كل بضع دقائق ولا يغيب  
 اكمل ماجد بكلمات هادئة ..
ارى ..انه من الافضل معاودته فى عيادته
سكتت لبرهه تفكر ..قال عبد الرحمن
انت متأكد يا بنى ان ذلك العلاج يساعد فعلا فى عودة ذاكرتها اليها
طبعا يا ابى الطب النفسى تطور كثيرا.. ونحن لا نعلم ما الذى وصلوا اليه فى هذا الامر
قالت ام ايمن التى اطلت برأسها من المطبخ حين سمعت كلمة طبيب نفسى
دكتور نفسى !! ..ماذا تقول يا ماجد الفتاه بخيروليست مجنونه ..
ضحك الجميع ..ونظروا الى الباب الذى سمعوا صوت المفتاح به ثم توقف قبل ان يُفتح ودُق الجرس
نادت ام ايمن بصوت عال..افتح يا ايمن اليس معك المفتاح  
ام تفعل مثل ابيك انت ايضا
اكمل ايمن ادارة المفتاح ودخل.... القى عليهم السلام وارتمى على الكرسى الفارغ وجلس قبالتها ..
رمى مفاتيحه على الطاولة امامه ..فلفت انظارهم جميعا عبوسه الغير معهود ..
قال ماجد
ما بك يا ايمن ..هل استكملوا معك التحقيق اليوم ايضاً
تنهد ايمن ولم يجب وتمتم بالحمد  
وحين رفع رأٍسه وجدها تنظر اليه ..فتذكر وجودها
فسألها عن حالها
كيف حالك اليوم يا...
تذكر ان لا احد يعلم اسمها ولا هى تعرفه اود ان يتأسف
فباغتته قائلة

سارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق