الجمعة، 4 مارس 2016

15

استلقى على جانبه الايمن واضعا يده تحت خده ...حمد الله ان السرير الذى ينام عليه فى اخر الغرفه ويمينه الحائط فلن يرى ماجد او ياسر انشراحه وابتسامته التى غزت محياه وفجرت الدماء فيه فابتهج ....
ولما لا وقد خاب ظنه وسلك ماجد طريقا غير طريق سارة ..وخطب اخرى ...والاهم انها لم تكن تفكر فيه كزوج بل كان كالاخ فعلا .....
سكن طيفها عقله ....حين اطلق ماجد مفاجئته ....كان اول من وجهه اليه نظرة ليرى اثر المفاجأة كان لابد ان يعرف اثر المفاجأه عليها. ..فما رأى سوى وجه اضاء كالبدر بالفرح والابتسام ......غمزت ليمنى ..يبدوا انهما يعلمان بالامر ....وهل يعلمان بما فعلاه به الايام الماضيه .... شعور الفرح الذى غمره ..انساه قلقه ان ذاك....
فنام وقد اطمئن خافقه بأن طيره مازال حر حتى وان لم يكن له ....فيكفى انه لا يسكن احد
اشعل ماجد النور الخافت الموجود بينه وبين ايمن الذى عاد من صلاة الفجر ودفن نفسه سريعا فى غطاء سريرة
قال ماجد : ايمن ...هل نمت
التفت اليه ايمن وقال :
وماذا يريد العريس منى ...لا تقل لى انك لم تنم منذ البارحه
قال ماجد : اليس من الافضل ان نعقد بدل من الخطوبة
قال ايمن : بالطبع افضل ...حدث ابى فى الامر فى الصباح ..ولن يرفض بالتأكيد ..
سكت الاثنان قليلا ثم سأله ايمن : اهى يارا من كنت تقصد
هز ايمن رأسه وقال : نعم ..
قال ايمن : لم تخبرنى ...الست اخاك الاكبر
نظر اليه ماجد وقال باستغراب :
ظننتك تعلم حين حدثتنى ذات مره ونصحتتى ان اتقدم فورا ابتلع ايمن ريقه وسكت ...
فقال ماجد : ثم ان يمنى لا تخفى عنك شيئا ابدا
التفت اليه ايمن : اكانت تعرف ؟!
هز ماجد رأسه وابتسم وهو يقول : اخبرتها سارة وساعدانى كثيرا لاتحقق من شعور يارا تجاهى ...
ابتسم ايمن ايضا على ابتسامة ماجد وقال : اقمتم تحالفا على يارا اذا ..
رد ماجد وهو يغلق النور : سارة ...هى من دبرت وتولت الامور كلها ...
اخفض ايمن رأسه على الوسادة ...وارتسمت ابتسامه عذبه على شفتيه وظلت سارة عالقه فى خياله حتى اغمضت عيناه ....

جلست ام ايمن تفرك يديها وتحدث نفسها فى قلق
لماذا سمحت لها انت تذهب وحدها ؟! ..ماذا فعلت يا ام ايمن ...وليس معها هاتف ...لماذا لم اجعل يمنى تذهب معها ....ياالهى ماذا افعل ...ماذا لو حدث لها مكروه ...او فقدت الذاكرة مرة اخرى ....
ظلت ام ايمن تحدث نفسها هكذا ...التفت اليها عبد الرحمن الذى كان يطالع الجريده ..
ما بك يا حجه تحديث نفسك هكذا ؟!
ترددت ام ايمن
اتخبره انها تركت سارة تذهب وحدها .....فغابت ثلاث ساعات ولم تعد ...ام تنتظر وستأتى بعد قليل ...
بتلعثم قالت
سارة ....لم تعد حتى الان
قال عبد الرحمن
لم تعد من اين ؟
قالت ام ايمن بصوت متقطع
استئذنتنى ان تخرج لتشترى بعض الحاجيات
قال عبد الرحمن باهتمام
لماذا لما تذهب معها يمنى ؟
قالت ام ايمن بصوت يسيطر عليه القلق
لا ادرى يا حاج ...هذا ما حصل ..ثم قالت بصوت خافت كأنها تحدث نفسها  ...ليتنى ما تركتها تذهب
التفتت ام ايمن وزوجها لصوت المفتاح فى الباب
القى ايمن السلام على والديه الذان كانا ينتظران احدا غيره ...
قرأ مشاعر القلق والتوتر على وجهيهما ....
فسألهم ما الامر ...
سكتت ام ايمن ونظرت للارض ..
نظر عبد الرحمن اليها بغضب وقال ..
سارة ...
جلس ايمن والتفت بأهتمام الى والده الذى سكت قليلا ثم قال ...
سارة خرجت من الصباح ولم تعد حتى الان ..
وقف ايمن منتفضا وقال
وحدها ؟!
هزت امه رأسها ...
فقال بانفعال ..
كيف تركتموها تذهب وحدها ....
قال عبد الرحمن
قالت لوالدتك انها تريد ان تشترى حاجيات من اول الشارع..فلم تبالى والدتك واعطتها الثقه ...
قطع الصاله ذهابا وايابا يفرك كفيه فى توتر ..
وقال : اين يمكن ان تذهب ..
وضعت ام ايمن خدها على مقبض يدها واخذت فى البكاء ..وقالت من بين دموعها
ااه يا سارة اين انت يا بنتى ليتنى ما تركتك تذهبين ...
مسحت دموعها بكفيها وقالت
هل يمكن ان تكون قد تذكرت وعادت الى اهلها ؟!
عادت الى حالها بعدما نظرت الى زوجها وابنها وقرأت استحالة فرضها ذاك ..
رن هاتف ايمن فرد سريعا على يمنى التى كانت تتصل ...
يمنى : ايمن ..سارة ضاعت
قال ايمن بانفعال : كيف تتركيها تذهب وحدها الم اطلب منك ان تصاحبيها
قالت يمنى : لم تخبرنى ...ولو اخبرتنى لذهبت معها بالتأكيد
قال ايمن : المهم انها ام تعد حتى الان ..وهل ستعود ام لا
قالت يمنى : انا اخبرك من نصف ساعه انها ضاعت ..ضلت الطريق للمنزل ...
فتح ايمن الباب ولازال هاتفه على اذنه ..حين سمع كلمات يمنى ...
انطلق الى المكان الذى وصفته له .....امام محطة بنزين على الجنب الاخر من الطريق ....بجوار سوبرماركت ..كانت تجلس على مقعد ذو مظله مخصص لانتظار الحافلات ...كانت تنظر للارض وصدرها يعلو ويهبط كأنها عادت توا من سباق للجرى...
وقف قبالتها وهتف : سارة ...
رفعت نظرها اليه ببطء ...كانت كمن اتته قوارب النجاة فى عرض المحيط ...
عند مدخل الشارع الضيق ..يرفض سائقى السيارات الاجرة الدخول اليه ...نزل ايمن وبصحته سارة .
سبقها بخطوات وكانت تتبعه...
توقف فجأه وقال بلهجه شديده ..
لما رحلت ؟؟
توقفت هى الاخرى ....وقناع الصلابة التى كانت تختبىء خلفه وهى وحيده بالشارع تائهه قد زال فى ثوانى ..
وضعت يديها على وجهها وانهارت باكيه ...
التفت اليها ...ينظر الى ضعفها وروحها المكسورة ....رق خافقه بشدة لمنظرها ...وانكسرت عيناه لمرأها هكذا. .
تحركت يداه لا ارديا واقتربت منها ....ثم عادت فى حركه سريعه الى جانبه حين تذكر انها ليست من محارمه ...
واكتفى بكلماته
سارة اهدئى رجاءاً
انزلت كفيها عن وجهها وقالت بصوت باكى
انا تائهه يا ايمن ...حتى بيتكم الذى عشت به واحتوانى منذ الحادثه ...ضاع منى ..ولم اتذكر عنوانه ...
لم اتذكر شيئا ...لا اسم الشارع ولا المنطقه ..
رفعت رأسها الى اعلى ونظرت اليه
وقالت اريد ان اعود الى نفسى يا ايمن ...اريد ان اعرف من انا ...من انا
نظرت للاسفل مجددا وتنهدت باكيه
اشفق عليها ايمن وقال
انا معك ...لن اتركك ...وسأساعدك بكل ما استطيع ..
كانت كلمته كالماء البارد على قلبها الباكى ...
وقالت بصوت مبحوح
حقا ...
رد ايمن ...
نعم ...اعدك ..ان اقف بجانبك حتى تعود اليك ذاكرتك وتعودين الى حياتك ...
رسم ايمن ابتسامه على جانب شفتيه وقال
امسحى دموعك الان  ...ولنصعد لنطمئن السيدة ام ايمن فقد اعتقدت انك رحلت عنا ولن تعودى وتبكى لاجل ذلك ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق