الجمعة، 4 مارس 2016

16

فتح ايمن الباب ودخل ودخلت خلفه سارة ..
جرت اليها يمنى واحتضنتها اولا ...
نظرت سارة الى السيدة الباكيه الواقفه هناك بأخر الصاله قرب الحاج عبد الرحمن ..
ذهبت اليها وغاصت بحضنها ....وبكت الاثنتان ....بكت سارة شعورا قاسيا مر عليها لساعات ...شعور الضياع للمرة الثانيه ...لكن الفارق هذه المرة انها تعرفهم وتتذكرهم ....حنينها اليهم قاتل ...اكثر بكثير من شعورها تجاه حياتها السابقه التى لا تتذكر اى منها ولا حتى اسمها ...
رفعت ام ايمن وجه سارة وامسكته بين كفيها ونظرت الى عينيها الغارقتنان بين الدموع ..
لا ترحلى وتتركينى ثانية سارة
هزت سارة رأسها وابتسمت فى اسى ..
رتب عبد الرحمن على كتفها وقال
حمدلله على سلامتك يا ابنتى .....

فى المساء ...كانت تجلس سارة بجوار ام ايمن تحتضن كفها بين يديها ...وتسترضيها ...
اسفه ...
قالت ام ايمن بهدؤ ..
قلقت عليك كثيرا ...ماذا لو حدث لك شىء لا قدر الله
ردت سارة
لن اذهب لاى مكان حتى اخبرك به ...
سرحت قليلا واردفت ..عموما لن افعلها ثانية..فذاكرتى لازالت مريضه ...وتنسى سريعا ...
قالت يمنى :
من الجيد انك تذكرتى رقم هاتفى
ابتسمت سارة وقالت
حتى هذا لم اتذكره ...كل ارقام هواتفكم محت من ذاكرتى ..
نظرت يمنى باستعجاب ...فاكملت سارة ..
اتذكرين المفكرة الصغيره التى احضرها لى ماجد فى نفس اليوم الذى اخبرتنى به عن رقم هاتفك فدونته عليها من الخلف ..وجدتها وانا ابحث فى حقيبتى عن اى شىء استدل به على العنوان ..
تابعت سارة وهى تنظر الى خالتها ام ايمن
فى الحقيقه لم اتذكر لمن هو الرقم
لكن لم يكن امامى خيار اخر ..
نظرت الى يمنى وقالت ....
وحين سمعت صوتك تذكرتك
تنهدت سارة
وقالت ام ايمن
الحمد لله انك عدت يا ابنتى ..
يجب علينا جميعا ان نصلى ركعتان شكر لله على عودتك ..

دخل ماجد بزوبعة فرح وقال كمن يعلن خبرا من الوالى  ...
يا اهل الدار الكرام ..علقوا الانوار ...واملؤا كاسات الفرح...وانثروا الورد والرمل ...فكلكم مدعون لتشهدوا كتب كتاب الامير ماجد على عروسه الاميرة يارا يوم الجمعة القادمة  ...
دار ماجد حولهم وهو يقول ...
وعلى الحاضر ان يعلم الغائب ..
ضحك الجميع على اسلوبه ....وقالت امه ...سيصبح فرح ملوكى بصحيح ...
وقفت يمنى هاتفه ....اذا انا الان اخت العروس ....سأذهب لنستعد ...اراك لاحقا سارة
لوحت لها سارة فى ابتسام واغلقت يارا خلفها الباب
كانت سارة فى غرفتها حين علم ماجد من امه ما حدث مع سارة فى الصباح ..
طرق الباب ..
فخرجت اليه سارة ..
قال لها بصوت هادىء
اسف سارة ...انشغلت عنك الايام الماضيه
ابتسمت فى ود وقالت ..لا عليك
انا من استعجلت ان اذهب اليها ثانية لعلها تخبرنى من اكون ..
فرك ماجد جبينه باصبعيه وقال ...
لكنك قلت انها تراجعت واعتذرت وقالت تشابهه عليها الامر ..
قالت سارة بحماسه
ذلك عندما نادتنى يمنى ..
قال ماجد : كلها فروض يا سارة
قالت سارة : ولن تثبت صحتها او تنفى الا اذا واجهتها ثانية نظر تجاها ماجد وقال :
اعتقدين ذلك
هزت رأسها ايجابا ..

فى اليوم التالى كانوا ثلاثتهم امام محال الملابس الذى اشتريا منه مؤخرا ...ونفسه الذى قابلت به السيدة ...
هى وايمن ويمنى ...وقفت امام المحل تلهث ...
تستجمع قواها ...هل ستتعرف عليها السيده وتعلمها من هى ...ام ان سعيها سيفشل وتظل مجهولة ...
نظرت لليمين حيث يمنى ولليسار حيث ايمن تستمد منهم بعض القوة ...
ثم دلفت ودلفوا خلفها ..
حاولت سارة تذكير السيدة بها ...
سيدتى كنا لديك هنا من بضعة ايام وصدمت بك ثم ناديتنى باسم لاحد تعرفينه ...
ضيقت المرأه عيناها وهزت رأسها نافية ..
قالت يمنى ...
ارجوك تذكرى ..
نظرت السيدة مجددا لسارة وتفحصت وجهها وحجابها وقالت
كنت دون حجاب اليس كذلك ..
هزت سارة رأسها سريعا ...وقالت : نعم ارتديته بعد ان كنا هنا ..
هل تعرفيننى من قبل ..
ارجوك ...انظرى الى جيدا ...
ثم اردفت فى اسى ...لقد تعرضت لحادث وفقدت الذاكرة وانت اول من تعرف على ...

نظرت السيده اليها بتمعن وقالت
انت اذا الانسه نادين بالفعل ...
نظرت الى يمنى وقالت حين نادتك صديقتك تراجعت وقلت  يخلق من الشبه اربعين
استنفرت سارة جل حواسها وابتلعت ريقها بصعوبه واستمعت للسيدة
التى حكت وقالت :
كنت اعمل فى محل ملابس لماركة عالمية فى احد الاسواق التجارية المعروفه ...وكنت انت احد زبائنى ...
كنت تترددين علينا كثيرا انت وصديقاتك ...كنت تتعاملين معى وزميلاتى بلطف ....
قال ايمن : ما اسم والدها
ردت السيدة : لا اذكر ...كنا نعرفها بالانسة نادين فقط
سكتت قليلا ثم اكملت ...كنا نعرف انك ثرية وابنة رجل اعمال ...صراحة لم اكن اهتم باحاديث زميلاتى  عن الزبائن ...خاصة انها ماركه معروفه وكل زبائنها من الوسط الاجتماعى المرتفع ...
زم ايمن شفتيه ونزل ببصره الى مفاتيح يده يحركها بين اصابعه ..
قامت سارة وقالت لايمن هيا بنا للسوق للتجارى ربما تعرفوا على من هناك بالمحل ..
وقفت السيده ايضا وقالت بأسف ..
لقد تم بيع المحل لمالك اخر وغير طاقم البائعين وكنت ممن سرحهم المالك الجديد ..ثم اكرمنى الله بشريك واستأجرت هذا المكان وجلبت بضاعة لابأس بها ..
قضبت سارة جبينها ...وارخت يديها بجانبها فى وهن ...

كان لديها امل ان تعرفها السيده وتخبرها بتفاصيل اكتر تستدل بها عن نفسها ...
خرجوا من عندها صامتين كأن على رؤسهم الطير ...اكثرهم اسفا سارة ..
لفت يمنى ذراعها حول سارة وقالت ...لا بأس سارة لا تحزنى ..ربما ان عرفت من تكونين تتركينى وتذهبى ..وافقد انا صديقتى المفضله ..
لكن سارة ظلت صامته ...ولم تستجب لدعابات يمنى ...كان عقلها يضج بالاستفسارات والاسئلة..
شعر بها ايمن ..وبضجيج نفسها داخلها ...
فعرض عليهم ان يتنزهوا قليلا قبل ان يعودوا للبيت ...وافقت يمنى بمرح ...وتركت لهم سارة نفسها ...
كان المكان رائعا ....يطل على النيل ..واجوائه هادئة ...
قال ايمن ..
يحسب لك اليوم يا سارة...اقصد ..يا نادين
رفعت سارة راسها اليه ..
وتنهدت ثم قالت ...لازلت سارة ...لم نتأكد بعد مما قالت ..
ولم يفيدنا ماقالته شيئا ..
قالت يمنى : لقد علمنا انك ثريه وابنة رجل اعمال ..
قالت سارة : ان كان صحيح ما قالته ..لكان بحث عنى ابى ...لكان ارسل صورتى للجرائد ..
لكان انفق امواله ليجدنى ..
صمتت يمنى ولم تستطع الرد ..فهى محقه فيما قالته ..نظرت لايمن الذى تقدم فى جلست وارتكز على المنضده ..وقال :
ربما كان كلامك منطقيا ...لكننا لا نعلم بعد كل التفاصيل ....ولا نعلم بالاحداث التى مررت بها قبل الحادثة ...
هزت سارة رأسها فى سكون وهى تنظر الى يديها ...
فاتبع ايمن قائلا ..
انت تذكرينى بأحدهم ...
رفعت رأسها ونظرت اليه فاستطرد قائلا ...
سلمان الفارسى ..الباحث عن الحقيقه ...ظل دهرا يبحث عن الحقيقه وسافر لاجلها بلادا وترك لاجل الحقيقة حياة وملك وترف ....فقط ليحصل على الحقيقة ...
قص عليها قصة الصحابى الجليل سلمان الفارسى ورحلة بحثه عن الحقيقه ..حقيقة وجود الله ..حتى وصل فى النهايه واخبر عنه النبى صلى الله عليه وسلم " سلمان منا ال البيت "
كانت القصه لها تسرية عن آلامها ...استمعتها بشغف ...واعطتها الامل ...ان الباحث يصل مهما طال بحثه ..
اخيرا ارتسمت البسمه على شفاهها ...
حين قال دعابة ...
قالت يمنى ..يااااه اخيرا ابتسمت
شعرت سارة بالحرج من قولها واحمرت وجنتاها وزادها خجلا عندما رفعت عينيها فالتقت عيناه ....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق