الخميس، 11 يونيو 2015

الحلقة التاسعه والعشرون

بين طيات العمر لحظات اشد ارتباكاً نظن فيها انفسنا اشخاصاً اخرين وان الحياة السابقة مُحيت بضغط زرالالغاء كأزرار الحاسوب ...ثم تظهر فجأه ذكريات تقتحم الحاضر وتعبث بالقلب من جديد .....

تحسنت بيان ولم يكن تحسنها الجسدى واستغنائها عن الكرسى المتحرك بالصعب لكن الاصعب كان نفسيتها الحزينه التى كنا نتفانى جميعنا فى محاولات إسعادها ...كنت افعل ما بوسعى كى تعود بيان التى ربيتها واحببتها منذ هونت على فى الطائره عند عودتى الاخيره من الامارات ...كانت الابنه التى لم ارزق بها فى سنوات حياتى الزوجيه الاولى.. ثم اكرمنى الله ببيسان لترتبط بي بيان ارتباط نهائى رغم وفاة كريم ...


لم اخن كريم حتى بمرور ذكرى زواجى السابق على بالى ...حياتى الجديده واسرتى وفيض حب كريم وحنانه بالاضافه الى كبريائى من جرح سببه مصطفى لى ...لم اتذكره ولو فى قرارة نفسى ...
لكنه القلب ...المتقلب..يميل كيف يشاء ..يحفظ المشاعر ..رغم صرامة تنبيهات العقل ..يخفيها منه كما يخفى الطفل الحلوى ويتناولها بعيدا عن امه التى نهته عنها منذ قليل ..
سرت رعشه خفيفه فى جسدى حين رأيته ..ربما ارتبكت حين جرت بيسان وتشبثت برقبته كما كانت تفعل مع والدها ...
تعلقت به بالتأكيد فى فترة وجودى فى لندن مع بيان للعلاج ...
الغريب ان بيسان لا تندمج مع الغرباء بسهوله كبيان ..وتخافهم ولا تسمح لغريب بالتودد اليها الا فى حضورى او حضور كريم رحمه الله ..ربما اقتحم شرنقتها كما اقتحمنى من قبل بخفة ظله ومشاكسته المستمره ...
كان يتعمد الظهور امامى فى المناسبات التى تخص امل واسرتها ..وربما قابلته مره او مرتين فى النادى وانا اساعد بيان على ترك العكاز والسير دونهما ...
اذكر كيف ظهر فجأه وامسك بيان قبل ان تسقط على الارض وانا اجرى على بيسان التى تعثرت فارتطمت رأسها بالارض ونزفت من جرحها ..تركت يد بيان فى لحظة تعثر بيسان ..فكادت بيان ان تقع هى الاخرى لولا يد امسكتها من الخلف واجلستها على اقرب مقعد ...جلست عليه ايضا بالصغيره التى تبكى ويقطر الدم من جبينها واسده بمنديل اعطاهُ لى ..ثم اختفى كما ظهر .....


فى الايام التاليه عادت عمة بيان اخت كريم من الامارات ...رغم ان الزيارة قد تبدو عاديه الا ان احساسى لم يمطئننى ..وذلك ما عرفته فيما بعد من اعصار اتى ليشطر فؤادى نصفين ..نصف هنا ونصف اخذته معها ....
فى اول زياره لها تحدثت كما الافلام المصرية القديمه ..
امثال ان بنات اخيها لن يربيهم غريب الاولى بهم عمهم ..اما ان تأخذ الفتاه معاها او ان اوافق على الزواج من اخيها عم الاولاد وخو كريم الاصغر ..يكبرنى عام واحد ..تعاملت معه كثيرا واعلم مقدار حبه لبنات اخيه ...واعلم ان لديه ايضا رغبه فى الزواج منى ..قد افصح عنها فى ذات المرات حين كنا عند الطبيب مع بيان بلطف اعتذرت منه وتقبل ..ويبدو انها لم تكن رغبته وحدها وان سيجال دار بشأن هذا الامر فى بيتهم وجائت هى بلهجه اشبه بالامر او التخيير بين صعبين ..اما ان اتزوج عم الاطفال او ان تأخذ بيان معها فانا لست امها كما ادعت ...وهل بيان اقل عندى بيسان ..حاولت التملص من الامرين فكلاهما مستحيل ..اصرارها وتسلطها وتدخلها فى حياتى وحياة البنتين كان امرا مفزعاً للغاية ..ادى فى النهاية الى فقدانى بيان صغيرتى التى لم تتعافى بعد ولم تترك الكرسى المتحرك وتستخدم العكازين الا من وقت قصير ...طارت الى الامارات حيث ستعيش مع عمتها وابنائها كما عاشت فى اول حياتها عندما ارسلها معها كريم بعد وفاة والدتها وسفره بعثه لاستكمال دراسته وهى لم تتجاوز بعدُ عامها الاول ...لكن الامر الأن تغير ..كيف لها ان تأخذها منى وتحرمنى وبيسان منها ..انا الان اصبحت امها وام اختها وزوجة ابيها التى وصانى بها ..كل محاولات استجداء العمه فى ابقاء الفتاه لم تفلح ...تأملت ان يربط الله على قلبى كما ربط على فؤاد ام موسى حين ألقت به فى اليم ..رجوته ان يردها الى كما رد موسى الى امه ...
تأثرت كثيرا بفراق الحبيبه بيان وظهر ذلك فى عصبيتى التى زادت عن حدها ..فطالت حتى بيسان ..كنت احدث الفتاه يومياً حتى منعتها عنى وارسلت لى رساله ان الفتاه بحاله جيده باستثناء مكالماتى لها تبكيها وتذكرها بنا ...يالاقسوتها تلك العمه حتى حنين الطفله الينا تحرمها منها وتحرمنى سماع صوتها والاطمئنان عليها ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق