الاثنين، 11 يوليو 2016

كما انا 22

اغلقت الهاتف وظلت تقلبه بين يديها فى شرود ...اخبرتها يمنى توا انها تشعر بارتياح لخالد بعد زيارته بالامس وصلاة الاستخارة التى داومت عليها منذ فاتحهم ايمن بطلبه ...كانت سعيده بالخبر وبالإبتهاج الذى غلف صوت يمنى واضاؤه كضوء مصابيح الافراح بكل الالوان ...
ثم راحت فى شرود حين اتجه رأس السؤال مشيرا اليها
- وماذا عنك .؟!
- عنى انا !!
- نعم عنك انت ..ماهو رأيك بمالك
- لا ادرى ...لازلت افكر ..
- وكيف ينتهى التفكير وانت لم تسمحى له بزيارتكم والجلوس معك والتحدث ...
اجابتها سارة باستعجاب
- انا اعرفه يا يمنى لما الزيارة وتكلمت معه من قبل
- لا يا عزيزتى ..فى المركز بالتأكيد لم يحدثك عن طموحه واحلامه ..عن حياته والتزماته ...عن اهدافه فى الحياه ...ولم تتعرفى على طريقة تفكيرة وكيف تعامله مع الحياه سكتت سارة لبرهه ثم قالت
- تخيلى ..لم يخبرنى عن رأيه حتى الان
ردت يمنى باستفهام
من هو ؟!
- ايمن ..
ثم مزجته سريعا بسؤال
هل تحدث معك او اخبرك برأيه او تحدث عن مالك بأى شىء ..
رعاها سؤلها عن ايمن ورأية فباغتتها قائلة
- ولما انت مهتمة هكذا برأيه
بدا صوتها مضطبرا عبر الهاتف فصدقت يمنى احساسها ..واغلقت هاتفها تفكر فى صديقتها ومشاعرها التى حاولت مداراتها حين قالت ...
لا شىء ...انا فقط ...استجمع الاراء حول مالك ....ولقد سألت ماجد ايضا عن رأيه ..

فى المساء كان الكل على الطاوله ياسر الذى انتهت امتحاناته بسلام لكن سلام رأسه من التفكير فى النتيجه والمجموع والكليات المحتمله لم يكن ...فكان ذلك محور احاديثهم على المائدة كل ما تجمعوا ..ربما كان ذلك الحديث فرصه لأن يختبأ كل من الاخرين بهمه خلف حديث الثانوية العامه والامتحانات وحكايا ياسر المتكرره عن امتحان كل مادة ...كانوا يشاركونه الحديث وحين تتلاقى اعينهم يهبط الصمت فجأه ويخيم على المكان حتى يعيدهم اليه مره اخرى ياسر او الوالدين ..
كان ماجد يبالغ أحيانا فى ضحكه وهزاره ولم يكن ذلك خفى عن الجميع انه يحاول الهرب من قلبه المكلوم بعد طلب يارا للطلاق ...
وقف الكلام على طرف لسانها وكاد يقع اكثر من مره ..ارادت ان تسأله عن رأيه بمالك ...
حقيقة لم تكن تريد ان تعلم رأيه ..كانت تريد ان تشعر بشىء غير ذلك ...شىء يدلها ...شىء يخبرها ...او يساعدها على الاختيار ...او ربما الرفض ...
كان يتحاشاها ...رغم ان عيناه كانت تتسلل وتستقر عندها وهى تتحدث ...وتسكت فجأه ان تقابلت به ..فتعود عيناه الى الاسفل وتجبر حاجباه على النزول مقضبين ..
فتبدوا ملامحه قاسية بعض الشىء ...تجبر كلاماتها عن  العدول فلا تخرج ...
همت بالانصراف الى غرفتها ...فناداها الحاج عبد الرحمن ..وقال : سارة لا تنامى قبل ان اتحدث معك ..لم تردى على فى موضوع مالك ...
ابتلعت ريقها ببطء وأطرقت رأسها للاسفل ...
فأردف هو ..ادخلى غرفتك وسألحق بك ..

خلت الصاله منهم الا ماجد وايمن الذى نظر لاخيه نظرة حانية وقال بصوت هادىء
مهما حاولت ان تخبىء عنا ضيقك يا ماجد لن تستطيع ان تخبئة عنى انا ...
تنهد ماجد تنهيده حاره وربع ذراعيه امام صدرة واستند بظهره لمسند الكنبة ..
تحدث يا ماجد ..تحدث يا اخى ..لن تجد صديقا وفيا لك مثلى ..
فك ماجد ذراعيه وشبك أصابع يديه وارتكز بمرفقيه على ركبتيه ونظر الى الارض ومنع دمعة ترقرقت فى عينه من الهبوط وقال بأسى بالغ
طلبت الطلاق ..
وهل ستفعل ؟! سأله ايمن بعد ان اندهش مما قال
قال ماجد وهو ينظر الى اخيه بعين حزينه
هل انا مجنون لأتركها
والسفر ؟!
كلاهما حلم حياتى يا ايمن ..كلاهما حلم حياتى
قالها منتفضا من مكانه ..
قال ايمن محاولا التخفيف من الحالة التى وصل اليها اخاه وقال
الحب يحتاج الى تضحية ...واحدكما يجب ان يضحى ليحتفظ بالاخر ..
ثم وقف قبالته واكمل
لا تضيع حبك يا ماجد ..
نظر اليه ماجد مستغربا ورد قائلا
اتمنى ان لا تضيعه انت للمرة الثانية ..ثم انصرف
تاركا خلفه ايمن تعصف به كلمة اخاه ..
فهوى الى الكرسى خلفه وعاد بذاكرته للخلف لعشرة اعوام مضت حين كان فى السنة الاخيرة من الجامعه وقتها كان قلبه قد عرف الحب قريبا وتذوق حلاوته لم يكن حينها التزم ولم يكن مواظبا على صلواته ..تعرف عليها فى الجامعه فكانت زميلته هى ايضا بادلته نفس المشاعر وفى يوم من ايام الربيع المزهره اعترف كل منهما بحبه للاخر وبدأت قصة حبهما التى كان يعرفها القاصى والدانى ..
حتى تخرجا وانتظرته ليأتى ليطلبها من اسرتها ...انتظر حتى يستلم عملا يوفر له مال ليدخره ليبنى معاها عشهما وانتظرته بدورها  ..لكن الوقت طال وكل ما حاول ان يذهب اليها طالبا يدها كان خوفه من رفض اسرتها له لفقره وقلة ما يملك يكتفه ..كان يحبها لكن خوفه كان اكبر من حبه فغلبه ...وانتصر عليه ..وانكسر قلبها من حبيب خائف من خوض معركة من اجل حبيبته ...اضطرت راغمه ان توافق على احد المتقدمين لخطبتها ..
وأضاع حبه وحبيبتة من بين يديه ...
سحبه من ماضية الأليم صوت مقبض الباب يفتح ..فخرج الحاج عبد الرحمن وخلفه ام ايمن
وقف منتصبا يقرأ فى ملامح وجههما ردها...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق