السبت، 25 مارس 2017

44 كما انا


ارادت ان تفسر ما حدث ولما اتى باكرا  لكن لم تجد تفسيرا يقنعها ، فى المساء اخبرتها الخادمة ان العشاء جاهزا وشادى وخالته ينتظرونها ، ابتلعت ريقها بصعوبة وتذكرت اقترابه الحميمى فى الصباح امام يمنى ، هل سيعيد الكره !! وهل ستمنعه !!
بات الامر صعباً لكنها فى النهاية لن تستطيع رفض النزول والاختباء منه
جلست بهدوء لا ترفع عينيها تمضغ الطعام ببطء تهتز يديها برعشة خفيفه تسمع صوتها كلما امسكت كوب الماء فيخبط خاتمها فى الكأس محدثا رنينا
حمدت الله انهما لا يسمعانه بسبب حديثيهما ويبدوا ان الخالة لديها قدر كبير من العلم بأمور عمل شادى ومشاكله وفنياته بدا ذلك واضحه من نوع الحديث المتبادل …
انهت نادين طعامها على عجل وهمت بالانصراف مستئذنه اوقفها شادى وطلب منها الجلوس واتخذا جانبا على اريكه فى احد الاطراف
نظر اليها فأطرقت رأسها فقال
: انا اسف
فهمت انه يتأسف عن ما حدث فى الصباح فأومئت فى خجل
فرفع ذراعيه فى الهواء وقال بلهجه مستنكرة وصوت يغلبه المرح
: انا لا ادرى كيف حدث هذا
كيف لم اسيطر على مشاعرى وانا اراك بكل هذا الجمال فى الصباح
ارتعدت وشعرت بانقباض فى معدتها
عاد الى نبرته العادية وقال
: نادين لن يتكرر هذا قبل ان تتعافى ...اعدك
تنهدت أخيراً من كلماته الاخيره
قال : الن تخبرينى من هى تلك الفتاه التى كانت ضيفتك فى الصباح
أهى من صديقاتك القدامى ؟!!
هزت رأسها نافية وقالت : لا لا ..انها ابنة الناس الذين كنت اقيم فى منزلهم قبل ان تجدنى .
قال : وماذا كانت تريد
قالت وهى تراقب تعبيراته : كانت تطمئن على فقط .
لم تحى تعبيراته بأى شىء وكلامه الاخير اعطاها فرصة لان تطلب منه ان تزور بيت ابيها
قال : لما تريدين زيارته ...انه منزل قديم لم يدخله احد منذ زمن
قالت ترجوه : دعنى اذهب رجاءا ...اود ان اره ..ربما ساعدنى ذلك و ساعد ذاكرتى .
قال : حسناً ...متى ستذهبين
قالت بفرح : فى الصبح ان شاء الله
قال : لا تذهبى وحدك خذى معك الخادمة
قالت : ستكون معى يمنى ايضا
ضاقت عيناه وقال : من يمنى ؟!!
لحظه وتذكر فقال : اه اه تذكرت

************
تعجب ايمن حين اخبره رئيس المكتب ان رئيس مجلس ادارة الشركة يريد مقابلتة
كانت تلك الاولى التى يقابله فيها
حتى الاستاذ صلاح تعحب ايضا جلس يخمن ويطرح التساؤلات على ايمن، لماذا تلك المقابلة
انتظر ايمن فى الخارج ريثما تبلغة مديرة مكتبة بحضورة
خرجت وتركت الباب مفتوح واشارت بيدها وقالت :  تفضل
دخل ايمن للمكتب الواسع ونظر الى الاثاث الفخم الذي يزينه
والرجل القابع خلف مكتبة ينظر الى بعض الاوراق فى يدية ..رفع راسه وانتبه لوجود ايمن فقال
: تفضل استاذ ايمن
تقدم ايمن حتى وصل للمقعد المقابل للمكتب وجلس
ترك الرجل الاوراق وخلع نظارتة الطبية وضغط زر بجوار المكتب وقال بابتسامة : ماذا تشرب استاذ ايمن
قال ايمن : اشكرك ..لا داعى
طلب الرجل من الموظفة التى دخلت فنجان من القهوة
عقد الرجل يدية فوق المكتب وقال : تقول سيرتك الذاتية انك كنت تعمل فى معاملنا ، وانك على درجة عالية من الكفائة ولعل نقلك للشركة لا يناسبك ...اليس كذلك !
ترك الرجل مقعدة ودار حول المكتب حتى وقف قبالة ايمن وقال :
تستطيع ان تعود لعملك القديم مع ترقية بسيطة تناسب خبراتك
وقف ايمن فى ذهول من الخبر وحاول قراءة السبب فى تقاسيم وجهه لكنه استسلم دون امل ظن انهم ربما اخيرا علموا بالظلم الذى وقع عليه وقرروا رفعه من حسن سلوكه وتفانية فى العمل كما ذكر الرجل قبل قليل
شكر السيد قائلا :
شكرا لسيادتك وارجو ان اكون عند حسن ظنكم
قال الرجل وهو يعود الى مكانه خلف مكتبة
لا تشكرنى انا بل اشكر السيد شادى
هو من طلب ذلك يبدوا انه اراد ان يشكرك على اعتنائكم واسرتك بزوجته حين فقدت الذاكرة
نظر اليه ايمن واجما ثم انصرف
ماذا عليه ان يفعل الان هل يعود الى مكانه وعمله المفضل اليه فى المعمل ام يرفض هدية زوجها نظير اعتنائه بها
ومن هو شادى وما علاقته بالشركة
علم من قسم العلاقات العامه ان السيد شادى يمتلك شركة اخرى ويقيم بعض الشراكه مع شركتهم ويستخدم ايضا معامل هذه الشركة فى تصنيع بعض العقارات .
يالا الألم الذى يعتصر قلبه ويمزقه ربما  هى من طلبت منه ذلك هل ارادت ان تشكره بطريقة ما على حبه ام ارادت ان تساعده كما كانت تقول له دوما : ليتنى املك ان اعيدك لعملك المفضل ليتنى استطيع ان اساعدك .
ضغط بيده على صدغة وتنفس بضيق
ليتك تخرجين من عقلى وقلبى يا نادين ليتك لم تغرقى تلك الليلة فتغرقينى انا فيك بلا منقذ .

************
فتح لها الحارس الباب الدخلى للفيلا ورفع سكينة الكهرباء دخلت يمنى خلفها وخلفهما الخادمة ...جالت بنظرها فى المكان الذى يغطية التراب كطبقة سميكة من الطلاء ، على اليمين من الباب مائدة طعام بيضاوية ذات ست كراسى بجوارها نافذة بطول الحائط وعرضه تبدو كحائط زجاجي شفاف ينفذ منها ضوء النهار فيغمر المائدة ونصف الصاله حتى بداية السلم الموجود فى منتصف المكان، صعدت للطابق الثانى وفتحت اول غرفة فى الرواق كان يبدو عليها من اثاثها انها غرفة والديها ..دخلت ببطء تمشط الغرفة بعينيها شيئا فشيئا تنظر للجدار والساعة المعلقة ، تنظر للمرآه والصور امامها ، امسكت بالاولى كانت صورة لوالدتها على ما يبدو ، لا تشبهها كثيرا الا فى بعض التفاصيل الصغيرة ،الفم واسفل الذقن، سيدة جميلة رغم كبر سنها الا انها تحتفظ بكثير من علامات الحسن  ، الصورة الاخرى كانت لوالدها عرفته فقد شاهدت صورته من قبل فى خبر الحادثة فى الجريدة حين احضرها ايمن اليها ..
قالت يمنى تقطع تأملات نادين الصامته : سارة ...هل تذكرك الصور بهما ؟!!
هزت رأسها نافية وتنهدت قائلة : لا شىء ..اشعر فقط انى اعرفهما ...ربما رأيتهما فى احلامى .
التفتت الى يمنى والخادمة وقالت : دعونا نبحث عن غرفتى …
خرجوا من الغرفة واتجهو للغرفة الموجوده فى اخر الرواق لم تكن لها تلك الغرفة كانت لأخيها سامر كان ذلك واضحا من الاثاث والصور الملصقة على الحائط للاعبى الكرة والمغنين وبعض الممثلين كان له صورة على الكوميدينو بجوار السرير تحسست السلسال فى رقبتها وحرف الS المدلى منها وتذكرت الحلم والفتى الذى قدمها لها هدية عيد ميلادها هو نفس الفتى فى الصورة التى تمسكها بين يديها ، ربما لم يكن حلم ربما كان مشهد من الذاكرة يخرج من عتبة اللاوعى فى صورة حلم
كانت له كذلك صورة كبيرة على الحائط بشريطه سوداء ، ابتلعت ريقها وفتحت دولابه ، ملابس صبيانية واحذية عادية ورياضية ، اغلقته وخرجت مسرعة من الغرفة ،
مدت يدها للغرفة الثالثه بين الغرفتين السابقتين وفتحتها شعرت بالصداع يتخلل رأسها ، قاومته ودخلت تتحسس كل ما فيها ترجوها رجاءا صامتا ان تذكرها وتذكر حياتها فيها ، كيف نامت هنا ،كيف جلست هنا ،كم من الساعات ذاكرتها خلف هذا المكتب ، جلست على كرسيه رغم التراب وفتحت ادراجه لازالت بعض الكتب فيه ، كتب باللغة الانجليزية تبدوا انها منذ ايام دراستها ، قامت واخذت الصورة الموضوعة عليه تحملق فيها ، هى ووالديها واخيها تبدوا الصورة فى احد المصايف يظهر هذا واضحا من البحر خلفهم
اشتد الصداع فى رأسها فضغطت على ناصيتها وجلست على السرير
جرت عليها يمنى والخادمه
يمنى :  سارة ما بك ...بماذا تشعرين ؟!
قالت نادين : صداع شديد
يمنى : هل معاك الدواء فى حقيبتك
نظرت نادين لحقيبتها المعلقه فى ذراعها واومأت
فطلبت يمنى من الخادمة ان تحضر كوب من الماء
فذهبت الخادمة مسرعة
جلست يمنى بجوار نادين واحاطتها بذراعها
قالت نادين بيأس : لا اتذكر شيء يا يمنى ...ولا اى شىء
كنت انام هنا ..كنت استخدم هذه الاشياء
وبعصبية راحت تفتح وتغلق نور المصباح الصغير على الكوميدينو بجوار السرير وتفتح وتغلق درجه ثم توقفت حين رأت دفترا صغيرا فيه اخذته وفتحته ثم اتاها صوت الخادمه التى احضرت كوب الماء فتحت حقيبتها  واخرجت علبة الدواء وتناولت قرصا منه
قالت يمنى : دعينا نذهب الان لترتاحى ونعود مرة اخرى فيما بعد .
قامت معها نادين وغادروا المنزل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق