الخميس، 16 مارس 2017

43

الحلقة 43
غربة شديدة تشعر بها فى ذلك المنزل الواسع ومع كل أولئك الخدم والخالة التى تقابلها فى بعض الاوقات بفتور وبرود ، 
حتى شادى يأتى فى وقت الغداء ويذهب بعده مباشرة
شعرت بالضيق كثيرا وخالف توقعها وتوقع الطبيب فى عودة الذاكرة
كانت تنتظر حياتها الماضية لتذوب فى تفاصيلها فتتذكر ,او تطمئن فى وجودها بين عائلتها ..
لكن اين هم ..لم تجد منهم غير شادى
الذى لم يريحها حتى فى حكاياته عنهما ، لكنها كانت تسمعه بعطش الظمأن
تذكر يوم سألته عن سبب انتحارها اجاب وقتها انها كانت تعانى من حالة اكتئاب بعد وفاة اخيها
يؤلمها كثيرا ذلك الخبر كلما ذكروه امامها ،يؤلمها مشاعر الفقد ، يؤلمها الخبر دون ذكرى ،تحاول التذكر لكن لاشىء فالذاكرة خاوية الا من الاحداث الحديثه فقط ، امضت وقتا  كثيرا فى غرفتها هذا الصباح تكتشف تفاصيلها وتتخيل نفسها فى ارجائها ، يمضى الوقت بطيئا كالسلحفاه تقضيه فى حديقه المنزل الامامية او امام التفاز تنتظر شادى بصبر على مائدة الغداء التى يلتفون فيها معا هى وهو وخالته تسأل عن بعض تفاصيل حياتها السابقه فيجيب اجابات مقتضبة وينصرف الى عمله متعلل بضيق الوقت ، حل المساء وهى لا تزال فى غرفتها تشعر رغم مساحة الفيلا الواسعه والحديقة الخضراء التى تلفها بالاختناق فضلا عن الكوابيس والاحلام المزعجة التى اصبحت لا تفارقها ، دقت رقم يمنى وانتظرت تسمع صوتها يقطع رنين الهاتف تنهدت قبل ان تغلقه ، مع اخر رنين فتح ولم تسمع صوت يمنى بل اصوات اخرى متداخله حتى انها تكاد تسمع صوت التلفاز وصوت الخالة ام ايمن نعم تميز صوتها جيدا وصوت ياسر كذالك تحدثت : الو ..يمنى
لازال الخط مفتوحا ولا احد يرد هتفت مره اخرى : يمنى ...الو ..الو يمنى...
سرت قشعريرة سريعه فى ظهرها قبل ان تسمع صوت يمنى على الجهه الاخرى
: الو من ؟!!
: يمنى ...هذا انا ..نادين
صاحت يمنى بفرح وقد ابتعدت عن الجميع لتسمعها جيدا
: سارة حبيبتى كيف حالك ؟!!
تنهدت وقالت
:الحمد لله بخير
سألتها يمنى باهتمام
: حقا ..لا يبدوا ذلك من صوتك
رفعت خصلة الشعر خلف اذنها وقالت بتلعثم : من قلة النوم ربما
: اهى الكوابيس ؟!
نادين : نعم ..
كانت مكالمة قصيرة لكنها كانت كافية بنقل توتر نادين وعدم شعورها بالراحه واحتياجها ليمنى للحديث معها ، لم تخبرها انها ليست على مايرام صوتها وحده كان كفيلا بذالك ، كان هناك ...ينتظر انتهاء المكالمة يستند بظهره على قائم الباب، نظر اليها يقرأ فى عينيها قلقها الناجم من المكالمة تأكيدا لصوت نادين  الذى سمعه قبل ان يعطى الهاتف ليمنى ، راقبت حضوره فى صمت قبل ان ينصرف، لا يحتاج تفاصيل اكثر من تلك، صوتها المتعب على الهاتف وكلمات يمنى معها .
دفء العائلة الذى هدر صوتهم اليها عبر الهاتف اعاد اليها الحنين والاشتياق
حوطت نفسها بذراعيها تمرر يديها تتلمس بعض الدفء الذى تفتقده ، خرجت للشرفة تحدق فى الفراغ والليل الذى داهم الحديقة فأخفى ملامحها ، عادت الاصوات الى أذنها وتذكرت اجتماع الاسرة ليلة الجمعة ، وراحت تفكر فى لحظة الصمت التى سبقت صوت يمنى سرت الرعشة مجددا فى جسدها حين تخيلته على الجهة الاخرى، رأت ضوء سيارة قادم امام البوابة الرئيسية للفيلا دققت النظر فعرفت سيارة شادى فأغلقت نور الغرفة وتدثرت تحت غطاء سريرها قبل ان يصعد اليها .
سمعت صوت الباب يفتح لثوانى ويغلق من جديد يبدوا ان شادى كان يتأكد انها ليست مستيقظة ، ترى ماذا كان يريد ؟! العشاء معها فقط ! ...ما الذى يدعوه للصبر عليها وهى زوجتة ….أحقا يرق لحالها فيتركها حتى تعود اليها الذاكرة ..وان لم تعد ، هل سيظل هكذا ، هو وزوجته ينامان فى غرف منفصلة ، هو حقا لا يسبب لها اى ضيق لكنه لا يقترب لا يحاول مساعدتها او تذكيرها وكأن تلك المسأله مريحة بالنسبة له ، يحتفظ بها فقط فى منزله كخالتة او قريبتة ، مطمئن لوجودها فى حوذتة .
نوع اخر من الاسئلة اصبح يدور ويدور الان فى رأسها ،تقلبت فى السرير وتذكرت اجتماع عائلة الحاج عبد الرحمن وابتسمت ، لذا قررت ان تنام هذه الليله دون ان تراه على العشاء فلا تفسد ذكرى وحيدة تملكها او سؤالا وعلامة استفهام جديدة تزاحم ما قبلها .
فى الصباح كانت للتو بدلت ملابسها لا ترغب فى تناول الفطور جهزت الكلمات التى ستخبر بها الخادمة التى تطرق الباب انها لن تفطر الان لكن الخادمة اخبرتها عن وجود ضيفة فى الاسفل تنتظرها بغرفة الصالون
نادين :  هل قالت اسمها ؟!
الخادمة : نعم ...مدام يمنى
عانقتها طويلا ورحبت بها واخذتها الى الحديقة يجلسان حيث المنظر الاخضر والمقاعد الخوص والمنضدة المستديرة فى المنتصف
قالت نادين بلهفه : اشتقتك كثيرا ، اشتاق اليكم جميعاً ، كيف الجميع
خالتى وعمى عبد الرحمن وماجد وياسر ويارا ووالدتك وابيك وعلى وزوجك خالد .
نسيتة متعمدة فأسترعى انتباه يمنى فردت عليها بابتسامة
: كلهم بخير ،وايمن كذلك بخير
نظرت نادين للاسفل بالتأكيد كانت ترغب فى السؤال عنه ، تكفلت يمنى بالامر واخبرتها دوت سؤال ثم اردفت :
فقط اخبرينى هل انت بخير ؟
اؤمأت نادين وذهبت بنظرها بعيدا
فقالت يمنى : نادين ..احكى لى لما تلك النظرة بعينيك ...انت لست سعيدة هنا ، اليس كذالك؟ !!
: الامر لا يتعلق بالسعادة او الفرح ، لكننى محبطة ، لم تكن تلك توقعاتىى لحياتى ، لا انكر ان الحياة هنا تختلف تماما عن الحياه هناك فى حيكم ،هنا كل شىء مجاب رفاهية مطلقة لا حدود لها ، لكن اين هم الناس الذين تسعدين بالحياه معهم .
ثم نظرت الى يمنى والقت سؤالا
هل تعتقدين اننى قفزت فى الماء من مجردالسأم من حياة مكررة لا روح فيها ؟!
كانت يمنى تستمعها بانصات
فأتبعت نادين: يحدثنى داخلى ان هناك امورا كثيره لا اعرفها ولا يودون لى معرفتها او التحدث فيها  ..
قالت يمنى : مثل ماذا ؟!
قالت : لا ادرى ... .ثم قالت وكأنها تذكرت شيئا
حتى اغراضى ..كلها جديده ، لا شىء قديم ، لا شىء منذ كنت طفله او فتاة فى سن المراهقة او حتى الجامعة
قالت يمنى : بالطبع لن تجدى ..تلك الاشياء نتركها فى بيت ابائنا حين نتزوج وننتقل الى بيت جديد ، كل الاشياء هناك بالتأكيد لك وانت عروس .
تنهدت نادين وهى تفكر بكلام يمنى
سألتها يمنى عن علاقتها بشادى
فتقضب جبنها وهى تحكى عن روتين يومه وعن تعامله الراق معها لكنه لا يرقى لتعامل زوج مع زوجته التى فقدها بعد اشهر قليله من زواجهما
قالت يمنى معلله ذلك : لعله ينتظرك حتى تتعافين وحدك.
قالت نادين : ذلك امر محير اخر .
قاطع حديثهما صوت شادى الذى اتى مهللا من خلفها
: نادين حبيبتى ، جميل ان اراك فى الحديقة تستقبيلن صديقاتك
رمقته يمنى بنظرة فاحصة وقامت تستئذن للانصراف
وقف بجوار نادين وضمها بذراعة لجانبه فوقفت نادين مشدوهه من تصرفه ، كانت تلك الاولى التى يقترب منها الى هذا الحد ،
فتحرجت من ذلك الوضع وحررت نفسها وودعت يمنى التى انصرفت
لم تدرى ماذا تقول لكنها انصرفت الى غرفتها



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق